القاهرة 06 يونيو 2022 الساعة 05:50 م

حاورتها : نهاد إسماعيل المدني
• أدب الطفل: كل نص يتشكل بحسب معطيات التقنية الرقمية، تُوظف فيه الصورة والصوت واللون والحركة والكلمة فنيًّا.
• يساعد الأدب الرقمي على نمو الذوق والشخصية، ويتوافق مع احتياجات عالم الطفل الشعورية والمعرفية.
• بخيتة:علينا تشجيع الطفل على الاستمرار في التفاعل مع الكتب الورقي والشعور بملمسه الجمالي إلى جانب الكتاب الإلكتروني.
• بخيتة: من الضروري تأهيل الأسر لكيفية التعامل مع التكنولوجيا الحديثة، والاستفادة من إيجابياتها في تنمية مهارات أطفالهم المختلفة وتجنب أضرار التكنولوجيا على سلوكهم ووعيهم.
أصبحت الرقمنة من أكثر المؤثرات علي حياة الأطفال، حيث تبهرهم الحركة والأضواء والأصوات بل والسرعة، مع رواج الألعاب الرقمية للطفل والتي تجذب انتباهه بشدة
ومن ثم نشأت تلك العلاقة التي جدّت في الحياة الثقافية والأدبية جاذبةً الكبار والصغار، إذ تجلى تفاعل التقنية الرقمية الجديدة في تفاصيل الحياة اليومية كلها، ومن هنا ربطت الدكتورة بخيتة حامد بين تلك الظواهر والمعطيات الجديدة للطفل، وتواصله الطبيعي مع الوسائل والوسائط والآلات الحديثة التي هي تطبيقات للتقنية الرقمية التي شاعت وراجت في كل مناحي الحياة مع بدايات القرن الواحد والعشرين.
حول كتابها "الرقمنة وأدب الأطفال"
تحاورت مصر المحروسة مع دكتورة بخيتة حامد إبراهيم محمد، مدرس أدب الأطفال، كلية الآداب، جامعة جنوب الوادي
1- في البداية. . حدثينا عن أهم المحاور التي تناولتها الدراسة وهل تعدين لكتاب جديد قريبًا؟
جاءت الدراسة في مدخل وثلاثة فصول، كان المدخل بعنوان (الثقافة التكنولوجية والأطفال) وتطرّقت فيه إلى الحديث عن:
ثقافة الأطفال وتعريف تكنولوجيا الاتصال الحديثة، ووظائفها، والثقافة التكنولوجية، وسلبيات التكنولوجيا على الأطفال، دور الأسرة والمعنيين برعاية الأطفال ضد مخاطر التكنولوجيا والتقنيات الحديثة والحد منها وعدم الإفراط فيها. وحمل الفصل الأول عنوان (مستقبل الكتاب الورقي في ظل الوسائط الثقافية الرقمية الحديثة) وفيه عرض لأهمية الكتاب الورقي ودوره. ومميزاته وسلبياته، ثم الحديث عن مستقبل المصادر الورقية، والكتاب الإلكتروني، وأنواع الكتب الإلكترونية، ومميزات الكتاب الإلكتروني وعيوبه، والنشر الإلكتروني، ومميزاته. ثم الفصل الثاني وجاء الحديث فيه عن (أدب الطفل في ضوء الوسائط الرقمية):
وتضمن الحديث عن الرقمنة، وأهدافها، وكيفية استفادة أدب الطفل من الوسائل الإلكترونية، ثم عرض لركائز أدب الطفل الرقمي، وعناصر العملية الإبداعية الإلكترونية (المبدع. النص. المتلقي)، وأجناس الأدب الرقمي الموجه للطفل (القصة الرقمية، النص الشعري الرقمي، النص المسرحي)، ثم الفصل الثالث (آراء حول الرقمنة في مجال أدب الأطفال) وفيه عرضت لبعض آراء كتّاب وشعراء ومخرجي أدب الأطفال والمهتمين بالطفولة بشكل عام..
وقد تنوعت آراؤهم حول ذلك الموضوع وكيفية الاستفادة منه في مجال أدب الأطفال، فمنهم من رأى أن الرقمنة سلاح ذو حدين بالنسبة للطفل، وبعضهم رأى أن الإيجابيات أكثر من السلبيات، وفريق ثالث قال بأنها فرصة للأطفال وفى الوقت نفسه تحدٍّ للكبار في كيفية التوجيه والقدرة على المشاركة في اختيار المحتوى الأفضل، وأخيرًا جاءت خاتمة الدراسة لتؤكد على أهمية الرقمنة في مجال أدب الأطفال.
قريبًا بإذن الله سيصدر لي كتاب بعنوان (شعر الأطفال عند أحمد سويلم دراسة فنية) عن الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية.
2- في رأيك ما مستقبل الكتاب الورقي في ظل الوسائط الثقافية الحديثة، وما الفرق بين الكتاب الورقي والكتاب الإلكتروني؟
فقد الكتاب الورقي بعضًا من مكانته التي كان يتمتع بها؛ نتيجة للثروة المعلوماتية والإلكترونية وتعدد الوسائط المستخدمة وسهولة النشر، وبين ارتفاع تكلفة الطباعة والتخزين والتوزيع للكتاب الورقي فى مقابل وجود قرص يحتوى على مئات بل آلاف الكتب والقواميس والمجلدات، وكأنها مكتبة شاملة محملة فى قرص تُغني القارئ عن الذهاب إلى المكتبة.
وقد عرف الكتاب الورقي بأنه عدد من الصفحات المجمّعة، التى تحوى عديدا من المعلومات والأفكار التى تتعلق بمجالات الحياة المختلفة، فى الأدب، واللغة، والفلسفة، والعلوم ... إلخ. أما الكتاب الإلكتروني هو الذي يمكن التعامل معه من خلال الوسائط الإلكترونية (حاسبات، أسطوانات، أقراص،...) سواء أكان هذا الكتاب ناتجا عن التحويل من الكتاب المطبوع إلى الإلكتروني، أم ناشئا بالشكل الإلكتروني مباشرة.
3- ماذا يعني مفهوم الرقمنة في أدب الأطفال؟ وهل طفل اليوم يمكنه أن يتقبل ما يصله من وسيلة غير تكنولوجية كالكتاب؟
يمكننا القول بأن الرقمنة أصبحت لغة العصر، والتعايش معها أصبح ضرورة ملحة، والمقصود برقمنة أدب الأطفال ذلك النوع من الأدب الذي يعرض على الشاشة الرقمية سواء أكانت تلفازا، أم حاسوبًا، أم لوحة إلكترونية، أم هاتفا ذكيًّا. فالطفل عندما يواجه الشاشة تسحره بما تحويه من مؤثرات عالية الجودة وفى وقت سريع، فيعيش معها فى حالة انسجام تام، يجعله يتطلع إلى اكتشاف المزيد من المعطيات التى يحويها الجهاز الذى أمامه، ولا سيما إذا كان الجهاز موصولا بالشبكة العنكبوتية، فإنه يبحر بمهارة وإتقان ما بين المشاهدة والقراءة والدخول إلى التطبيقات المختلفة. وهنا يقدم السيد نجم تعريفا لأدب الطفل يتوافق والمعطى التقني الجديد قائلا: "هو كل نص يتشكل بحسب معطيات التقنية الرقمية، بتوظيف اللغة الرقمية والبرامج المتاحة داخل جهاز الكمبيوتر، بحيث يتضمن (الصورة- الصوت- اللون- الحركة- الكلمة)، فى تشكيل فني، يساعد الطفل على نمو الذوق والشخصية، ويتوافق مع احتياجات عالم الطفل الشعورية والمعرفية." وهذا التشكيل الفني بالطبع سيقدم عملا متميزا ومختلفا عما ألفته الذائقة الإبداعية، ويتطلب هذا الأمر مبدعا واعيا ومتلقيا أكثر وعيًا.
وعلى الرغم من أن التكنولوجيا الحديثة تكاد تكون نجحت في سحب البساط من الكتاب الورقي إلا أن الطفل سيظل بإمكانه أن يتفاعل مع الكتاب الورقي جالسا أو مستلقيا على ظهره، مستمتعا بذلك الملمس الجمالي الذي يشعر به، وعلينا أن نشجعه على القراءة من الكتاب الورقي وألا نمنعه عن الكتاب الإلكتروني فقد يجد المتعة في هذا أو ذاك.
4- حدثينا عن الوظائف التعليمية والاجتماعية والترفيهية والثقافية للتكنولوجيا وانعكاس ذلك – إيجابًا وسلبًا – على شخصية الطفل وسماته؟
لم تقتصر وظيفة التكنولوجيا على تلبية الاحتياجات فقط، وإنما تعدت ذلك لتصبح عاملًا من العوامل التي تشكل الثقافة والوعي والسلوك لدى الأطفال، ومن هنا تعددت وظائفها ما بين: الوظيفة التعليمية المعرفية: وهى تتعلق بنقل المعارف والأفكار والخبرات إلى الآخرين رغبة في رفع مستوياتهم واندماجهم مع المجتمع الذي يعيشون فيه، والوظيفة الاجتماعية:
العلاقات القائمة بين الأفراد وبعضهم، والتفاعل الإيجابي على المستويات الثقافية والاجتماعية والأدبية كافة.. إلخ، والوظيفة الترفيهية: الترويح عن النفس وتخفيف متاعب الحياة من خلال برامج فنية مختلفة جذابة، والوظيفة الثقافية: التى تسعى لنقل التراث الثقافي من جيل إلى آخر، وذلك للحفاظ عليه على مر العصور.
وعن انعكاس الثقافة التكنولوجية على الأطفال بالإيجاب أو بالسلب:
لم يعد الطفل بعيدًا عن الثورة التكنولوجية التي شكّلت حيزًا كبيرًا من اهتماماته، ومن ثم أصبحت الثقافة التكنولوجية تحديدًا في وقتنا الحالي مهمة ومطلب حياتي لا غنى عنه، وباتت التقنيات الرقمية الحديثة هى المستقبل القادم رغم ما بها من مساوئ، ونحن لسنا ضدها، بل على العكس نشجعها ونستحسنها مؤملين أن تحول مؤلفات كُتّاب أدب الطفل إلى كتب إلكترونية تقدم للأطفال عبر الوسائل التقنية الحديثة والتى أصبحت أقرب إلى أيديهم من الكتاب الورقي، ولكن يظل الفيصل هو مساعدتها للطفل على النمو السليم بدنيًّا وفكريًّا وسلوكيا واجتماعيًّا، وإشباع رغباته دون الإضرار به وبقيمه المجتمعية، وتزويده بالمهارات والخبرات والمعارف وإمداده بالقدرة على مواجهة وحل المشكلات.
5- ما أهمية وعي الأسرة والمدرسة بمخاطر التكنولوجيا وكيف تتم مراقبة الحضور التكنولوجي في حياة أطفالنا حفاظًا عليهم من تلك المخاطر؟
تُعد الأسرة المؤسسة الأولى التي يولد فيها الطفل وينشأ بين أحضانها، وتقدم له الدعم وإشباع حاجاته المختلفة، وفيها يتعلم ويكتسب العادات والتقاليد والأعراف والسلوكيات التي تؤثر بشكل كبير على قدراته وخلفيته الثقافية. وتواجه الأسرة فى العصر الراهن تحديات كبيرة بشأن أطفالها فى ظل الانفتاح التقني اللامحدود الذى نعيشه، حتى أصبح أمر التربية يحتاج إلى كثير من الجهد والوقت فى بيئة تكنولوجية مليئة بالمؤثرات المحيطة بالطفل والتى تؤثر تأثيرا قويا فى أبعاد شخصيته. ومن هنا فإن وعى الأسرة واهتمامها بمتابعة استخدام أطفالها لوسائل التكنولوجيا الحديثة يعد من الأمور المهمة، والتي يمكن أن تسهم فى زيادة فهم الأطفال واستيعابهم لما يعرض عليهم سواء عن طريق الإنترنت أو البرمجيات المعدة لهم، وهذا الأمر يتطلب بالضرورة تأهيل الأسر لكيفية التعامل مع التكنولوجيا الحديثة، والاستفادة من إيجابياتها في تنمية مهارات أطفالهم المختلفة.
ونعرض هنا لمجموعة من الأمور المهمة التي ذكرها المركز التربوي للبحوث والإنماء لسلامة أطفالنا على شبكة الإنترنت، وأوضح من خلالها أن منع الأطفال من استخدام الإنترنت ليس الطريق الأمثل لحمايتهم لذا من المستحسن على الأهل أن يتفقوا مع أطفالهم على النقاط الآتية:
الحيطة والحذر: من بديهيات أو أساسيات سلامة استخدام الإنترنت: عدم إعطاء معلومات شخصية مثل الاسم، العمر، المدرسة، العنوان...إلخ، التأكد من استخدام أدوات الخصوصية (privacy settings)، عدم تشارك الصور والمعلومات مع الغرباء، الاحتفاظ بسرية كلمة المرور (password)، عدم الدردشة مع الغرباء، عدم فتح أو استقبال رسائل بريدية (E-mails) من الغرباء، حضّ الأطفال على إخبار راشد فور شعورهم بعدم الارتياح.
مراقبة أنشطة الأطفال على الشبكة والتحكم بها: استخدام برمجيات المراقبة الأبوية (Parental control) المتوافرة لحذف المحتويات غير المناسبة ومراقبة المواقع التي يزورها الأطفال ومعرفة ما يفعلونه، وضع الحاسوب ولا سيما وصلة الإنترنت فى مكان عام فى المنزل وليس فى غرفة نوم الأطفال، الاتفاق مع الأطفال على طبيعة المواقع المسموح بزيارتها، وضع قواعد لاستخدام الإنترنت وذلك من خلال تنظيم أوقات استخدام الشبكة والمدة المسموح بها، الاتفاق مع الأطفال على مبادئ التحميل (download) وقواعده: الموسيقى، الأفلام، الألعاب، البرامج ... المسموح بها.
الحرص على حماية الحاسوب الشخصي: التأكد من استخدام برامج مكافحة الفيروسات وبرامج الحماية الشخصية مثل برامج جدران النار (firewall) الموجودة فى الحاسوب.. وتحديثها دورًّيا.
فتح باب الحوار والتواصل: ويتم ذلك من خلال محاورة الأطفال حول: مراكز اهتمامهم على الشبكة ونوعية المواقع التي يزورونها عادة، الأشخاص الذين يدردشون معهم على الإنترنت، عدم الانجرار وراء تصرفات أصدقائهم وعدم اعتبار كل ما يقومون به يعد بالضرورة صحيحًا.
الالتزام بالقواعد الأخلاقية على الإنترنت: وذلك من خلال الطلب من الأطفال أن: يحافظوا على سمعة رقمية جيدة، لا ينشروا محتوى أو صورا محرجة للآخرين دون علمهم أو موافقتهم، لا يخرقوا قوانين الملكية الفكرية وقواعد الآداب العامة المتعارف عليها اجتماعيا وأن يستشهدوا بالمصادر بالشكل الصحيح، لا يقوموا بنشر أو تدوين أي تعليق مسيء للآخرين، لا ينضموا إلى مجموعات مسيئة للآخرين أو مسيئة للمعتقدات والأديان والتي تروج لأفكار وقضايا تتنافى مع الأخلاق والآداب مثل العنصرية، والعنف، والشيطانية، والإرهاب، ولسادية، والتشجيع على تعاطي المخدرات والانتحار.. وأن لا يؤيدوا هذه المجموعات.
التعامل مع الإساءة والإبلاغ عنها:
من الضروري شرح الأمور للأطفال بعمر مبكر وإرشادهم إلى كيفية التعامل بشكل صحيح مع الخطر المحتمل من خلال تحذيرهم أن: لا يأخذوا مديح بعض الأشخاص الغرباء على محمل الجد، لا ينبهروا بوعود الغرباء ولا يمتثلوا لإغراءاتهم: كالمال، والهدايا، والعواطف..، لا يجيبوا عن الأسئلة المتعلقة بالبنية الجسدية (القامة، الوزن، لون العينين، السن...)، لا يشعروا بالرهبة من الأشياء المريبة وأن يُعلموكم فورا بذلك، المحافظة على سلامتهم على الإنترنت لن توقعهم فى مشاكل كحرمانهم من استعمال الحاسوب.
وعليه فلا بدّ من تكاتف المؤسسات سواء تربوية أو تعليمية، أو تثقيفية، لتحقيق الهدف المرجو وهو حماية الأبناء من مخاطر التكنولوجيا والحفاظ على الأسرة وتماسكها، ولا بد من توحيد الجهود حتى نتفادى تلك المخاطر التى يتعرض لها أبناؤنا.
الكاتبة في سطور
دكتورة بخيتة حامد إبراهيم محمد، مدرس أدب الأطفال، كلية الآداب، جامعة جنوب الوادي بقنا.
حاصلة على درجة الماجستير في (شعر الأطفال عند أحمد سويلم حتى 2010، دراسة فنية) بتقدير ممتاز، ودرجة الدكتوراه في (المسرح الشعري للأطفال فى مصر فى النصف الثاني من القرن العشرين _ دراسة تحليلية) بتقدير مرتبة الشرف الأولى مع التوصية بطبع الرسالة وتبادلها بين الجامعات المصرية والعربية، ودبلوم الدراسات المسرحية نظام العامين _ كلية الآداب _ جامعة القاهرة تقدير (ممتاز)، ومدرب فى برنامج جامعة الطفل _ جامعة جنوب الوادي بقنا بالمشاركة مع أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، وعضو فى برنامج نموذج محاكاة الجامعة المصرية لتأهيل شباب أعضاء هيئة التدريس للقيادة (النسخة الثالثة) _ جامعة جنوب ِالوادي بقنا.
|