القاهرة 31 مايو 2022 الساعة 11:06 ص
كتب: حاتم عبد الهادي السيد
افتتح مسرح قصر ثقافة العريش بشمال سيناء أول عروضه للموسم المسرحي الجديد، بالعرض المسرحي "الزيارة"، والمسرحية من تأليف محمد إبراهيم محروس، وأشعار فاطمة موسى نبهان، وموسيقى وألحان محمد سلمي الشوربجي، وغناء آمال إبراهيم، وإخراج أسعد الملكي.
• سينوغرافيا الموضوع وزواج القاصرات:
تناول موضوع المسرحية قضية "زواج القاصرات"، وهي قضية اجتماعية تؤرق المجتمعات الصحراوية ومجتمع الفلاحين والمناطق النائية، والمناطق الأقل تعليمًا وثقافة وانغلاقًا، بسبب عادات وتقاليد متوارثة ومعتقدات شعبية خاطئة للخلاص من تبعية تربية البنات لتكون في عنق زوج يحتويها؛ ويصبح مسئولًا عنها من جهة؛ ولأن العادات والتقاليد في المجتمعات الجغرافية العربية الحارة تسمح بزواج القاصرات بسبب النضج المبكر للبنات، وهي ظاهرة خطيرة لأن لها تبعات طبية ونفسية واجتماعية لانها تُحَمِّلُ الأطفال مسئولية منزل وزوج ورعاية أسرة وإنجاب أطفال، بينما تكون أجهزتها الجسمية والفسيولوجية وطبيعتها -كأنثى- ربما لم تكتمل بعد، وهذا يُسبب العديد من المشكلات كالطلاق، أو التأثير علي صحة الفتاة القاصر الصغيرة وغير ذلك؛ كما يتنافى ذلك مع الفطرة السليمة؛ والقانون الذي حدد سن الزواج بثمانية عشرة عامًا كشرط لعقد الزواج الشرعي.
• المسرح الاستعراضي والفرجة الشعبية:
لقد تطرق مؤلف العرض محمد محروس إلى مشكلة تؤرق كثيرا من المجتمعات المحلية المصرية؛ خاصة في المناطق البدوية الحدودية وصعيد مصر، من خلال تقديمه للعديد من المشاهد الاستعراضية التي تكشف مأساة الضحية، وهى الطفلة والبنت والزوجة من خلال أدوار منوعة، يقوم بها عدد من الشباب الموهوب في التمثيل، وبينهم من يخوض التجربة للمرة الأولى.
كما يمكن اعتبار المسرحية ضمن "مسرح الفرجة الشعبية" التي تتطرق لموضوعات مجتمعية، وتشير إلى مشكلات ملحة تحتاج إلي علاج لتصبح للمسرح رسالة تربوية وتعليمية واجتماعية، إلى جانب كونه مادة للترفيه عبر الكوميديا، أو لتجسيد مشاهد تراجيدية يستفيد منها البشر في حياتهم كذلك، لينتقل دور المسرح كذلك إلى المسرح التعليمي الذي يحمل رسالة التنوير، ويلفت نظر المجتمع والحكومة والمسئولين لتضعهم على أول طريق المشكلة للعلاج والحل في أقرب فرصة ممكنة.
• قضايا المجتمع والتنوير المسرحي:
تعتبر مسرحية "الزيارة" أول أعمال المخرج الشاب أسعد الملكي، إلا أن تضافر أجزاء العمل المسرحي قد أعطى المسرحية موضوعًا لفرجة استعراضية مبهرة، عبر تأثيرات صوتية غاية في الجمال والروعة، كما جاءت الموسيقى متواشجة مع نسيج السرد المسرحي، ومعبرة عن دور الفتاة الضحية القاصرة، وظلم الأهل، والثقافة الخاطئة النابعة من قلة وجود التعليم والتثقيف لخطر مثل تلك الزيجات، وهذه رسالة إلي دور الدولة والمجتمع المدني والمؤسسات الثقافية والتنويرية للتحذير من خطر هذا الزواج المبكر للفتيات، وهو قتل معنوي للأنوثة لدى الفتاة الطفلة المسلوبة التي تخضع لرأي الوالد والأسرة والمجتمع المحلي الذي لا يُجرم هذه الزواج، بينما يمنعه القانون والذوق العام والفطرة الإنسانية السليمة.
• تحولات في الثقافة السيناوية:
من اللافت في المسرحية مشاركة عدد كبير من الفتيات فى العرض، علي الرغم من طبيعة وتقاليد سيناء التي تقيد خروج الفتاة إلا بصحبة والدتها أو أحد أخوتها، فما بالك بالوقوف أمام الجمهور، والرقص والاستعراض، وهذا أمر يعكس مظاهر التطور الفكري والثقافي لتقاليد وعادات أهل سيناء الحديثة.
ولقد شهد العرض إقبالًا شديدًا من جماهير سيناء المتعطشة لعودة المسرح والحياة الطبيعية إلي سيناء بعد غياب طال لمدة 10 سنوات نتيجة للأحداث الإرهابية التي شهدتها سيناء.
سيظل المسرح أبو الفنون لأنه يقدم العديد من القضايا؛ حيث تتكامل على الخشبة المسرحية كل الفنون القولية والحركية والموسيقية والإبداعية والفنية؛ وغير ذلك.
|