القاهرة 17 مايو 2022 الساعة 10:58 ص
بقلم: أمل زيادة
عزيزي عمر خورشيد..
كيف حالك؟ أعتقد أنك بخير لأنني كذلك..!
مر أسبوع حافل بالأحداث المهمة كالمعتاد.
كنت شريكا لي في كل شيء، بل كنت مصدر سعادتي الوحيد على ظهر هذا الكوكب..!
سأخبرك لماذا؟!
اكتشفت أن هناك من يعشق لحنك الأبدي حد الإدمان مثلي...!
لحن رصاصتك الأبدية الذي رافقني في صباي وفي طفولته..!
أتمنى أن يكون مثل بطل الفيلم محاربًا جسورًا بفضل موسيقاك الملحمية وقد كان وتحقق الحلم.. يشبهني حقًا، ليس لأنه يحب الفيلم نفسه، ويعشق ذات اللحن، بل نتشابه في أمور عدة. ربما لأننا أبناء العام نفسه، مررنا بالأحداث نفسها، وعشنا المشاعر نفسها، الآمال نفسها، الطموحات نفسها، النظرة المستقبلية نفسها المفعمة بالتفاؤل والخير والحياة..
ما اندهشت له حقا هذا التقارب الفكري الرهيب بيننا، بل والأجمل من ذلك أنك كنت سببا في تعارفنا..!
رسائلي، ولحنك الأبدي..!
وحدهما كانوا سببا في صدفة جميلة من أجمل مفارقات حياتي..
ممتنة كثيرا لك وللرسائل التي جمعتني به.
عزيزي عمر خورشيد..
لا أخفي عليك، نادرًا ما أقابل من سعى لتحقيق حلم طفولته مثلي...!
فدائما هناك ما يعرقل خطوات هذه الأحلام..!
نادرا ما أن تقابل من تمسك بحلمه وتمكن منه، من استطاع التغلب على كل عقبات الحياة من استطاع النهوض بعد أن سقط في هوة اليأس والحزن والخذلان..
صديقي الجسور الشهم الهادئ الطباع.
صاحب شخصية متفردة حقا. عندما يتحدث أنصت إليه جيدا، فأحاديثه ليست ممتعة فقط بل على جانب كبير من الإنسانية والتعقل والإيجابية. خلف كل قصة عبرة وعظة وموقف نبيل تلقائي وليس مفتعلا..!
أتدري أنه أتقن بعض المهارات الطبية وأجادها كي يكون سببا في تخفيف آلام الآخرين..!
بالرغم من أن تعلمه لهذه المهارات الطبية بعيدة تمامًا عن مجال عمله..!
ومسار حياته..!
راقني فلسفته في الحياة بقواعدها الخمس..!
كما راقني تفسيره الإنساني البحت وسر اهتمامه الخاص وحرصه على إتقان هذه المهارات الطبية. لم يسبق أن نظرت لهذا الأمر من هذا المنظور الإنساني البسيط..!
فعادة ما أرى أن من يمتهن أو يعمل بهذه المهنة هدفه بالأساس الحصول على لقب طبيب ثم ممارسة عمله بروتينيه وآلية..!
بالحديث عن الطب وتخفيف آلام الآخرين، تذكرت أمرا لم أخبرك به ربما سقط سهوا في زحمة الحياة، تذكرت أني حصلت منذ سنوات قليلة على دورة كاملة بشهادة معتمدة للإسعافات الأولية..!.
كم أود أن تدرس هذه الدبلومة في كل المراحل التعليمية. بمدارسنا..!
ليتعلم أبناؤنا أبسط قواعد الإنقاذ.
والتصرف بحكمة وضبط نفس ودون جزع، والتحرك بإيجابية لإنقاذ الأرواح.
صدفة جميلة حقًا، أن تجمعنا هذه المهنة السامية.. مهنة الطب أو المبادئ الأولية للإنقاذ...!
أرجوا أن يلتفت لطلبي المسؤولون، فهذه الدبلومة بسيطة ومتوفرة عبر المنصات التعليمية الدولية بكل اللغات.. كما تدرس بطريقة مبسطة وباحترافية.
عزيزي عمر خورشيد..
أتساءل دوما.. لماذا لحن رصاصتك الأبدية بهذا السحر، وهذه القدرة الفائقة على تلوين حياتنا، ورفع معنوياتنا..!
حتما قمت بتلحينه بكل قطرة من دمك وكل دقة قلب.
وإلا لماذا يلامس القلوب ويستوطنها بهذا الشكل الجذاب.. فتارة يجعلني في حالة سعادة طاغية وصفاء ذهني ونفسي، وتارة يثير شجوني ويجعل قلبي يخفق وتترقرق عبراتي.. وتارة أخرى يجعلني أرقص طربًا وكأنني من عبرت القناة وانتصرت ورفعت العلم..!!
عزيزي عمر خورشيد..
تخبرني صديقة الممر وطبيبتي النفسية أنني أشبه شخصا ما في بعض الصفات..!
منها ما هو محمود ومنها ما هو مذموم كالانتقام... !!
لا أخفي عليك، تعجبت لأني لست شخصًا يكن كرها لأحد، حتى أرغب في السعي للانتقام منه..!
فاجأتني أن الانتقام قد يكون في صور أخرى، انتقام بالتجاهل، بالانسحاب أو بالنظرات أو حتى بالطاعة والمعاملة الجيدة وطيب المعشر...!
أوقعتني في حيرة.. طلبت منها الإيضاح أكثر فأخبرتني،
أنني أعامل من يسيء إلي معاملة حسنة لأبعد مدى، رغم فعله الذي آلمني وأن هذه إحدى صور الانتقام الهادئة..!
انتبهت أنني أفعل ذلك حقا، لكن ليس بدافع الانتقام أو رغبة في تجميل صورتي أو جعل من أساء إلي أن يندم مثلًا بل أفعل ذلك لسبب آخر..!
تراه انتصار الانتقام.. وأراه من منظور مختلف قليلا.. قد يبدو عاطفيا من وجهة نظر البعض لكني أراه واقعيا..حتى ولو بدا للبعض ساذجا بمثالية وقناعات لا وجود لها على ظهر هذا الكوكب..!
أخبرتها أن ما أفعله ليس بدافع انتصار الانتقام كما وصفت حالتي، وإنما أفعل لأن الأشخاص بكل عيوبها ومساوئها هي ما تعنيني بالمقام الأول.. جمعتني بهم يوما ذكرى جميلة أو موقف ممتع أو معروف ما ولسبب ما تبدلت الأحوال واختلفت الأراء، وتفرقت الأجساد، ونفرت النفوس..
لا أستطيع تحمل مجرد خاطر أن يغادرنا أحدهم وداخله ذرة حزن أو ضيق أو ضغينة بحقي..! أو ربما أفعل ما أفعله ابتغاء مرضاة الله فقط..!
ألا تتفق معي أن الأشخاص أهم من أي شيء حتى لو كانوا مصدرًا للأذى. أعتقد أن الحياة لا تتحمل المزيد من التعقيد والأحقاد، فلنحارب القبح بالخير والظلام بالنور.. وليس الإساءة بالشر والخذلان بالكراهية..!
أرى أن الله خلقنا لنكون مرآة لبعض. نعكس عيوب ومزايا بعضنا البعض، ربما يؤدي هذا الانعكاس لاختفاء الشر وبزوغ فجر أرواحنا بروائحه الطيبة النقية..!
عزيزي عمر خورشيد..
أريد أن أخبرك بسر خاص إلى حد ما
هذه الأيام أعتبرها أفضل أيام حياتي ليس لأنني قابلت صديقي الفيلسوف المثقف والمقاتل الجسور فقط، وإنما لأن هذه الأيام نودع عاما دراسيا جديدا فكل بيت وأسرة مصرية عالقة في دوامة اختبارات نهاية العام.
هذه الأيام تشكل نوعا من الضغط النفسي والإرهاق البدني على كل من يتحمل عبء متابعة مسار المراجعات ولعب دور المحفز الذي يحتاج إليه أبناؤنا الطلبة هذه الفترة.
سأخبرك لماذا أحُب هذه الأيام بكل ما فيها من إرهاق وضغط مضاعف.
أرى أن هذه الأيام هي أيام فارقة في حياة ومصير أبنائنا، فلابد أن نقدم لهم كل الدعم والحب والثقة والحزم .. بشكل خاص أتابع مع أبنائي المراجعة ونجلس بالساعات نقرأ. أقرأ لهم بصوت مرتفع، وأقاطعهم وأسألهم فيما سمعوا..!
لأختبر مدى تركيزهم ولأضمن عدم شرودهم، اعتدت المذاكرة بصوت مسموع، فالمعلومة المسموعة أكثر ثباتا من المعلومة المقروءة، هكذا تعلمت أثناء رحلتي في الحياة..
أفضل قضاء الوقت مع أبنائي في هذه اللحظات، التي تبدو للبعض عصيبة، رغم بساطتها وجمالها. يكفي أن تشعر أنه يستمد من صوتك الأمان، والثقة والمعلومة الصحيحة.. هذا سر تقديسي لهذه الفترة التي أترقبها كل فصل دراسي من كل عام..
عزيزي عمر خورشيد..
أثقل عليك كالمعتاد لكنك لا تدري حقا كم السعادة والشغف التي يتابعنا بها الآخرون.. وكم من ردود الأفعال التي تثني على سر لحنك الأبدي وصورتك الجذابة وكلماتي بالطبع..
عزيزي عمر خورشيد..
رسائلنا، نافذة يشاركنا القراء أحلامهم من خلالها، يرون أنفسهم بيننا، أثناء حديثنا.
منهم من يرى نفسه بين السطور، ومنهم من يقرأها قبل نومه، لتملا روحه بالحب والطمأنينة والايجابية كما أخبروني..!!
أشعر بالسعادة حقا، لأنك سبب في كل شيء جميل في حياتنا وحياتي بشكل خاص
عزيزي عمر خورشيد..
كن بخير دوما وإلى المزيد من البوح، وعلى وعد جديد باللقاء، وأحلام لا نهاية لها.
|