القاهرة 12 مايو 2022 الساعة 11:34 ص

كتب: محمد أبو زيد محمد
«رغم آلاف الصفحات التي قد سُوّدت حول الروميّ لم يكن هناك فعليًّا شيء عن شمس».
محمد علي الموّحد-مقالات شمس تبريزي
في مقالنا هذا أحاول أن أقتبس صورة عن قرب لشمس تبريزي كما وردت في كتاب "شمس تبريزي: جوهرة كهف القلب" لـلكاتب خالد محمد عبده الباحث المصري في الإسلاميات والتصوف، حصل خالد على ماجستير في الفلسفة من جامعة القاهرة. وهو مدير مركز طواسين للتصوف والإسلاميات.
وقد أردت من خلال نقلي هذا أن يكون تحفيزًا لمطالعة الكتاب ومعرفة هذه الشخصية وما يحيط بها من غموض وبعض المفارقات حولها، تلك الهالة النورانية من الحب التي غيرّت مولانا جلال الدين الرومي تمامًا وجعلته قبلة لها وللعاشقين إلى الآن، وقد استهل الأستاذ خالد كتابه بهذا السؤال، من ذلك الرجل الذي تولّى تغييرَ الروميّ تغييرًا تامًّا؟
تناول الكتاب صورة شمس في عدة أقسام:
القسم الأول:
1) شمس تبريزي في مرآتي الشرق والغرب
هنا نقل إلينا خالد محمد عبده الدراسات التي تناولت شمس من خلال المدرسة الاستشراقية الغربية مثل: نيكلسون،وماري شيمل، وإدوارد براون.
2) شمس تبريزي في الدراسات الاسماعيلية عند فرهاد دفتري، وشفيق.فيراني ومحمد قاسم فيرشتا من الهند.
3) شمس تبريزي والرومي في مرآة الإسماعيليين العرب عند الأمير عارف تامر ومصطفى غالب.
4) صورة فارسية مثل عطاء الله تديّن، بديع الزمان فروزانفر.
5) صورة عربية لشمس من خلال ترجمات الباحثة العراقية إحسان الملائكة وصائغ النفوس.
في الكتاب..استعرض(عبده) عدة جوانب لبعض الدراسات التي تناولت هذه الشخصية محاولة منه ليتجسد شمس أمامنا في أقرب صورة، منها:
يصف نيكلسون شمس تبريزي من خلال مطالعاته الأولى في ديوان شمس للرومي، بأنه "شخصية غامضة تتدثرّ بلبّاد أسود خشن تضوي لحظة قصيرة على مسرح الحياة ثم تختفي فجأة وفي سرعة فائقة".
ويضيف: «إنه كان إلى حدّ ما أميًّا، ولكنه امتاز بحماس روحي شديد، مصدره الفكرة التي استولت عليه فجعلته يتخيل أنه مبعوث العنايه الإلهية، وقد استطاع ذلك أن يسيطر على كلّ من قدم عليه أو دخل مجلسه.
وهو من هذه الناحية ومن نواحٍ أخرى تتصل بحبّه المتّقد، وفقره المدقع، وموته العنيف، شبيه كل المشابهة بالفليسوف سقراط، فكلاهما استطاع أن يفرض نفسه على أذكياء الناس بقدرته على تصوير أفكارهم البسيطة في تعبير فني رائع، وكلاهما استطاع أن يكشف لنا عن خطل العلوم الظاهرة، وعن شدة حاجاتنا إلى التثقيف والتنوّر وعن قيمة الحب في حياتنا، وأن الانفعالات الشاردة والتحديات الجاهلة للقوانين الإنسانية إنما تؤدي إلى فقد الاتزان العقلي والسمو الأخلاقي، وهما مقياس التمييز بين الحكيم والمريد". ص 28
ولكي تتجلى لنا صورة شمس أكثر نستعرض ما نقله المؤلف في فصل ما قاله شمس عن نفسه ص 85/ 86 من الكتاب ذاته:
«يقدِّمُ كلامي لكلّ سؤالٍ عشرة إجابات لا تكون في كتاب بذلك اللطف وبذلك العون».
ويقول أيضًا:«إن كلامي صعبٌ مشكل، ولو قلته مئة مرّة لفُهم في كلِّ مرّة بمعنى آخر، وهذا المعنى يظلّ بكرًا».
أما المُفكر الإيراني حسن نصر بدراسته حول كتابات الرومي فأوضح لنا ما مثله شمس للرومي ولقائه به: "لم يكن شمس مجرد معلّم صوفي للرومي، فجلال الدين بالتأكيد قد درس التصوف لسنوات عديدة قبل لقائه به، لكن يبدو أن شمسًا هو الرسول الإلهي الذي أظهر الحالة الروحية للرومي بهيئتها الشعرية" ص29
وكما جاء بالكتاب، نوّه فرانكلين لويس إلى هذا الخلط في علاقة الرومي وشمس، قائلا:"صورت الأسطورة شمسًا فاتنًا للجماهير ساذجًا، جوالًا ممتلكًا طاقات خارقة اختار الرومي اسمه ليكون بؤرة تدينه ابتغاء اختبار مريديه وتقديم شخصية أدبية لغزلياته"، وهذه النظرة منعكسة في آثار دولتشاه وإلى حد ما الأفلاكي.
ويتضح من أخبار شمس التي أوردها فرانكلين من خلال اعتماده على المقالات وكتاب الأفلاكي بالدرجة الأولى أن شمسًا لم يكن متعصبًا لمذهب من المذاهب الفقهية، فهو،، وإن تعلم الفقه الشافعي، كان يقول إنه لا يسمح لانتمائه إلى المذهب الشافعي بأن يقف في طريق قبوله الأشياء النافعة في أعمال ابي حنيفة.
واستكمالا للصورة نقل إلينا خالد عبده دراسات مختلفة بين مدارس الاستشراق الغربية وكذلك الدراسات الشرقية والعربية في نسبة شمس للإسماعيليين وربما كان ذلك سببا في مقتله وكذلك وصف لهيئته ونسبه وما اختلف عليه في شأنه، وما تناقض في هذه الدراسات وتضارب الأقوال وختامًا بعض أقواله التي اعتبرها الوجبة الدسمة والأهم في ذلك الكتاب، ربما يقال ما يقال عن نسبه وما أحاطه من غموض لكن يبقى لنا هذه الطاقة النورانية المِشعة بالحب وينجلي لنا ضياؤها من حروفه العذبة
|