القاهرة 10 مايو 2022 الساعة 06:17 م
قصة: جيمس بولدوين
ترجمة: سماح ممدوح حسن
في صباح يوم مشرق، في مدينة روما القديمة منذ مئات السنين. في بيت صيفي تكسوه كرمة حديقة رائعة، يقف صبيان ينظران إلى أمهما وصديقتها واللتان كانتا تتمشيان بين الورود والأشجار.
"هل سبق ورأيت يوما امرأة بجمال صديقة أمك؟ فهي كملكة" قال الأخ الأصغر ممسكا بيد أخيه.
"ومع ذلك ليست بجمال أمنا، صحيح أنها ترتدى فستانا رائعا، لكن طلة وجهها ليست بهذا النبل واللطف، أمنا هي من تشبه ملكة" رد الآخر الأكبر.
"صحيح لا توجد امرأة في روما جمالها ملكي بقدر جمال أمنا الحبيبة" قال الآخر:
سرعان ما اقتربت أمهم كورنيلا منهم لتحدّثهم. ترتدي فستانا أبيض بسيطا عاري الذراعين والقدمين كما هي الموضة في تلك الأيام. لكنها لا تتزيّن بأي سلاسل متلألئة حول عنقها أو يديها. وكان تاجها الوحيد ضفائرها الطويلة البنيّة الناعمة الملفوفة حول رأسها. وابتسامتها الرقيقة تضيء وجهها النبيل وهي تنظر فخورة في عيون أبنائها.
"يا أولاد، لدى ما أخبركم به" قالت الأم، فانحنى الولدان أمامها كما هي العادة التي تربى عليها الفتيان الرومان في ذاك الزمان. وسألوا "ما الذي ستخبرينا به أمي؟"
"ستتناولون العشاء معنا الليلة، هنا في الحديقة، وبعدها ستُرينا صديقتنا علبة مجوهراتها الرائعة والتي طالما سمعتما عنها".
نظر الولدان بخجل إلى صديقة أمهما، وفكرا، هل فعلا تمتلك خواتم أكثر من تلك التي ترتديها في أصابعها؟ أو هل من الممكن أن يكون لديها المزيد من الجواهر المتلألئة من تلك القلادات حول عنقها؟
عندما انتهى العشاء البسيط، أحضر الخدم علبة المجوهرات من البيت وفتحتها السيدة. ذُهلت أعين الأولاد عن رؤية المجوهرات! قلادات اللؤلؤ الأبيض كالحليب، الناعمة كالستان، أكوام الياقوت اللامع الأحمر كالفحم المتوهج، والياقوت الأزرق بلون السماء في يوم صيفي، والألماس يومض ويبرق كشعاع الشمس.
تمعّن الأخوان طويلا في كومة الأحجار الكريمة!
"آه، لو فقط تمتلك أمنا مثل هذه الأشياء البديعة!" قال الأخر الأصغر.
بعد قليل أغلقت علبة المجوهرات وأعادها الخدم لمكانها.
"كورنيلا، هل صحيح أنك لا تمتلكين أي مجوهرات؟ هل صحيح إنك، كما سمعت، فقيرة جدا؟" سألت الصديقة.
"لا، أنا لست فقيرة" أجابت كورنيلا، وبينما تتحدث قرّبت إليها طفليها وقالت :"هذه هي مجوهراتي، فهما عندي أغلى من كل مجوهراتك"..
أنا متأكد أن الأولاد لم ينسوا أبدا فخر أمهم وحبها واهتمامها.
وبعد سنوات عدة وبعدما صاروا رجالا عظماء في روما، غالبا ما يتذكرون هذا المشهد في الحديقة، ولا يزال العالم يحب سماع قصة مجوهرات كورنيلا.
|