القاهرة 26 ابريل 2022 الساعة 11:55 ص
كتب: صلاح صيام
رغم رحيله منذ ثمانية أعوام، ما زالت قصيدته "الشعب حبيبي وشرياني.. إداني بطاقة شخصية" خالدة في وجدان السودانيين والعرب، بالإضافة إلى الكثير من القصائد الخالدة التي أثرت الثقافة الشعبية في جنوب وادي النيل.
بعد معاناة طويلة مع المرض ترجل الشاعر محجوب شريف عن جواد القصيد ليغادر الدنيا، رحل فارس "القصيدة العامية" في السودان، الذى واجه أنظمة الحكم ببلاده من خلال أبيات قصائده التي شكلت إلهاما للسودانيين خلال حقب مختلفة..
وأمضى "شريف" المعروف بعفة اليد واللسان أكثر من نصف عمره متنقلا بين المعتقلات السياسية، وهو من أشهر شعراء العالم الذين دفعوا فاتورة مواقفهم السياسية والإبداعية داخل الزنازين.
وتعبر قصائد شريف، دائما عن حال الشعب وفقره، وتمكن بحياته البسيطة التي عاشها، أن ينقل شعرا حيا بالعامية السودانية، وروى سيرا من النضال والكفاح، واتسمت قصائده التي دائما ما حملت آراءه السياسية ببساطة "الجرس"، مما جعلها محببة بين طلاب الجامعات خاصة اليساريين منهم.
ويعد أحد أميز شعراء القصيدة السياسية والأغنية الوطنية، وقد تميزت حياته بمحطات سياسية أدخلته السجون على فترات متباعدة، وفي ظل أنظمة سياسية مختلفة، وبلغت سنوات سجنه نحو 13 سنة.
وتغنى الراحل -الذي انتمى مبكرا لليسار السوداني في هذه السجون- بأحلام الجماهير وتوقها للحرية عبر رسائل شعرية كانت تنشر سرا، كما خاض غمار السياسة مترشحا باسم الحزب الشيوعي في فترة الديمقراطية.
وينتمى الشاعر الراحل "سياسيا" للحزب الشيوعي السوداني، ولهذا تعرض للفصل من وزارة التربية والتعليم تحت بند "الصالح العام" في سنة 1989، كما تعرض للاعتقال لانتماءاته السياسية المعارضة للنظام الحاكم..
واعتقل شريف مرات عدة بدءا من العام 1971 في عهد الرئيس الأسبق جعفر نميري، وتم وضعه في السجن لثلاث سنوات ابتداء من 1989 نتيجة مواقفه المناهضة لحكومة الإنقاذ في السودان، وله دور مؤثر في الأغنية والقصيدة الوطنية في السودان، إذ يشير نقاد ومتابعون إلى أن قصائده التي تغنى بها الفنانان السودانيان محمد وردي ومحمد الأمين أسهمت في تشكيل خارطة الغناء الوطني في هذا البلد
أسس الراحل مع آخرين منظمة أطلق عليها اسم "رد الجميل" لمساعدة المحتاجين في كل المجالات، ليتميز بالتصاق فئات غير مثقفة بشخصه.
واشتهر في العمل الإنساني بمساعدة كل من يطرق بابه في مجالات العلاج والدراسة، مما أكسبه بعدا شعبيا إضافة إلى لقب شاعر الشعب.
وقد أصدر الراحل ديوانا شعريا واحدا باسم "الأطفال والعساكر"، تم توزيعه مجانا في احتفالية نجاح سكرتير الحزب الشيوعي الراحل محمد إبراهيم نقد في انتخابات عام 1986، كما شارك في مطبوعات تُعنى بالأطفال وأدبهم مع مركز عبد الكريم ميرغني باسم النفاج.
كانت وصية الراحل بأن يدفن في مقابر "أحمد شرفي" بأم درمان، وألا يمشي في جنازته مسؤول حكومي واحد، ليأتي مشهد تشييعه غير معهود ومبدعا، قوامه نحو عشرين ألفا بمشاركة شبابية ونسائية غير معهودة، كما رفعت أعلام الحزب الشيوعي السوداني، وعلم استقلال السودان، مع ترديد شعارات مقتبسة من قصائد الراحل السياسية.
|