القاهرة 26 ابريل 2022 الساعة 11:41 ص

قصة: إيتالو كالفينو
ترجمة: شيرين النوساني
في يوم من الأيام تزوجت أم أرملة من أب أرمل. وكان لكل منهما ابنة. وكانت الأم تحب ابنتها ولا تحب ابنة زوجها. فترسل ابنتها لتحضر الماء فى إناء وابنة زوجها لتحضره في سلة، ويتسرب الماء من السلة فتضرب زوجة الأب البنت المسكينة كل يوم.
وذات مرة ذهبت البنت لتحضر الماء كعادتها فجرف التيار السلة. فأخذت تجري وتسأل كل من يقابلها: هل رأيت سلتي تمر من أمامك في الماء؟ فيردون عليها جميعا: امشى على طول وستجدينها.
ومشت على طول فلقيت عجوزا تجلس على حجر وسط الماء وتتخلص من البراغيث، فسألتها: هل رأيت سلتي؟ فقالت العجوز: تعالى إلي، أنا وجدت سلتك، ولكن اعملي لي معروفا وانظري ماذا يقرصني تحت كتفي. ماذا ترين تحتهما؟
أخذت البنت تتخلص من البراغيث بكل جهدها ولكن لكي لا تجرح العجوز قالت: أرى لولي وألماظ.
فأجابت العجوز: وأنت تستحقين لولي وألماظ.
وبعد أن تخلصت العجوز من كل البراغيث قالت لها: تعالى معي. وصحبتها إلى بيتها وكان البيت كوما من الزبالة. وقالت: اعملي لي معروفا ورتبي السرير. ماذا ترين في سريري؟ كان السرير يمشي وحده من كثرة الحشرات ولكن البنت لكي لا تقسو عليها قالت: ورد وياسمين.
-وأنت تستحقين وردا وياسمين. اعملى لي معروفا آخر واكنسي بيتي. ماذا ترين فيما تكنسين؟
قالت البنت: ياقوت ومرجان.
-وأنت تستحقين ياقوتا ومرجانا.
ثم فتحت دولابا بكل أنواع الفساتين وقالت لها: تريدين فستان حرير أم فستان قطن؟
قالت البنت: أنا فقيرة، اعطيني فستان قطن.
-وأنا سأعطيك فستان حرير، وأعطتها فستانا جميلا من الحرير. ثم فتحت صندوق مجوهرات وقالت: تريدين ذهبا أم خرزا؟
فقالت البنت: خرز.
-وأنا أعطيك ذهبا. وألبستها عقدا من الذهب.
-تريدين حلقا من الزجاج أو من الألماظ؟
-من الزجاج.
-وأنا أعطيه لك من الألماظ. ووضعت في أذنيها قرطا من الألماظ.
ثم قالت لها: لتكوني جميلة وليكن شعرك من الذهب وليقع منه عندما تمشطيه ورد وياسمين من ناحية ولولي ومرجان من الناحية الأخرى.
والآن عودى إلى بيتك وعندما تسمعين نهيق الحمار لا تلتفتي، ولكن عندما تسمعين صياح الديك التفتى إليه.
وأخذت البنت طريقها إلى البيت ونهق الحمار فلم تلتفت إليه، وصاح الديك فالتفتت إليه فطلعت فى وجهها نجمة.
قالت لها زوجة أبيها: من أعطاك كل هذه الأشياء؟
-اعطتها لي، يا أماه، العجوز التي وجدت سلتي لأنني خلصتها من كل البراغيث.
فقالت زوجة الأب: الآن أنا أحبك من كل قلبي. ومن اليوم ستذهبين أنت بالإناء لتحضري الماء وستذهب أختك لتحضره بالسلة.
وهمست إلى ابنتها: اذهبي لتحضري الماء بالسلة واتركي التيار يجرفها ثم امشى وراءها. ليتك تحصلين أنت أيضا على ما حصلت عليه أختك.
وذهبت الأخت غير الشقيقة ورمت السلة في الماء ثم تتبعتها. وهناك وجدت العجوز فسألتها: هل رأيت سلتي تمر من أمامك في الماء؟
-تعالي هنا فهي معي. انظرى ماذا يقرصني تحت كتفي. وبدأت البنت في التخلص من البراغيث.
-ماذا وجدتي؟
قالت: براغيث وجرب.
-وأنت تستحقين براغيث وجربا.
وصحبتها إلى البيت لترتب لها السرير وقالت: ماذا ترين فيه؟
-بق وقمل.
-وأنت تستحقين بقا وقملا.
وجعلتها تكنس البيت.
-ماذا تكنسين؟
-قذارة مقرفة.
-وأنت تستحقين قذارة مقرفة.
ثم سألتها إن كانت تريد فستانا من الخيش أم من الحرير.
-فستان حرير.
-وأنا سأعطيه لك من الخيش.
-عقد لولي أم عقد دوبارة؟
-لولي.
-وأنا سأعطيك دوبارة.
-حلق ذهب أم صفيح؟
-ذهب.
-وأنا سأعطيك الصفيح. والآن عودي إلى بيتك وعندما ينهق الحمار التفتى إليه، وعندما يصيح الديك لا تلتفتي.
وعادت البنت إلى البيت والتفتت إلى الحمار عندما نهق، فطلع لها ذيل جحش في وجهها. وكان من المستحيل التخلص منه، فكلما قطعته ظهر من جديد. فأخذت تبكي وتولول:
"ويلي! ويلي! ديل، ديل
اقطع حته تطلع حتتين"..
وطلب ابن الملك أن يتزوج من البنت ذات النجمة في وجهها. وفي اليوم الموعود وقبل أن يحضر ليأخذها في عربته قالت لها زوجة أبيها: ما دمت ستتزوجين ابن الملك فاعملى لى معروفا قبل أن ترحلي واغسلي هذا البرميل. ادخلى فيه وسأعود بعد قليل لأساعدك.
وبينما كانت البنت داخل البرميل تناولت زوجة أبيها غلاية لتملأها بالماء الساخن وتلقيه عليها للتخلص منها.
وكانت تريد أن تلبس ابنتها القبيحة ملابس العروس وتقدمها إلى ابن الملك مغطاة ليتزوجها. وعندما ذهبت لتحضر الغلاية من فوق النار مرت ابنتها بجوار البرميل وقالت لأختها: ماذا تفعلين داخل البرميل؟
-أنا بداخله لأنى سأتزوج ابن الملك.
-اتركينى أدخل فيه لأتزوجه أنا.
وكانت البنت الجميلة مسالمة دائماً فخرجت من البرميل ودخلته القبيحة. وجاءت الأم بالماء المغلي وصبته في البرميل.
وظنت أنها تخلصت من ابنة زوجها ولكن عندما عرفت أنها ابنتها انفجرت في البكاء واللطم والعويل.
وجاء زوجها وكانت ابنته قد حكت له كل شيء، فضرب زوجته ضربا شديدا.
وتزوجت البنت الجميلة من ابن الملك، وعاشا في تبات ونبات.
|