القاهرة 05 ابريل 2022 الساعة 10:20 ص
عرض: أشرف قاسم
في مقدمة تحقيقها لمخطوطة "الجوهر المكنون في السبعة الفنون" للشيخ ابن عيسى المقدسي المولود بالشام في العام 837 للهجرة / 1468 للميلاد، والذي لم يترك أثرا مخطوطا سواها، تبدأ المحققة د. سميرة شرف (دكتوراه في الأدب العربي جامعة الإسكندرية) بالتعريف بتلك الفنون الشعرية السبعة "الموشح، الدوبيت وأشكاله وأغراضه، الزجل، المواليا، الكان وكان، القوما"، ثم تورد ترجمة لابن عيسى المقدسي، مؤكدة أنها اعتمدت على دلالة اسمه "المقدسي" في كونه من أهل القدس وكونه من أهل الشام ، موردة شواهد من شعره للتأكيد على صحة نسب تلك المخطوطة إليه.
ثم تبدأ المخطوطة بالحمد والثناء، وسبب كتابته لتلك المخطوطة حيث يقول "فقد التمس مني من أمره مطاع، ومخالفته لا نستطيع، أن أجمع له من نظمي شمل ما تفرقت عليه الأشواق، مما دق وراق وحلى الأذواق، وما استطعته من حسن بدايعه، وما اقترحته واقتفيته من صنايعه، وكان ذلك من جبره وتواضعه، فما استطعت من خشيته عن ذلك اعتذارا، وحركت فيما طلبه ذكرى السنين وسميته "بالجوهر المكنون في السبعة الفنون ...." ص1
ثم يبدأ في إيراد ما كتبه من الشعر الفصيح ومن قصائده التي أوردها قصيدة يمدح بها النبي عليه الصلاة والسلام موريا بسور القرآن الكريم يقول في مطلعها:
الله فضل خير الخلق مذ فطره
وخصه بالمثاني السبع والبقرة
في آل عمران قد شاعت فضائله
رجالهم والنسا قد بلغوا خبره
ومد من فضله للناس مائدة
عمت على كل خلق الله مشتهرة ص3
ثم يورد المؤلف نماذج من موشحاته، وقد نشأ الموشح في الأندلس "كصورة من صور تطور التروبادور" والبيت في الموشح " يتألف من دور وقفل والدور من عدة أسماط ويبدأ الموشح عادة بقفل يسمى المطلع او المذهب وينتهي بقفل يسمى الخرجة " ص ج
ومن موشحاته التي أوردها:
في الهوى والسلام
صار عذري مباح
وأطعت الغرام
وعصيت اللواح
نجم سعدي هوى
مذ عرفت الهوى
وحبيبي نوى
باتصال النوى
ولهيبي شوى
باطني والشوى
وهيامي هيام
وافتضاحي افتضاح
وهجرت المنام
وألفت النواح ص29
يصل المؤلف إلى الفن الثالث وهو الدوبيت و"قد كتب الدوبيت في كل الأغراض: الغزل، الفخر، والتصوف" ص و
ومن نماذجه التي أوردها هذان البيتان في مدح النبي صلى الله عليه وسلم والخاليان من الحروف المنقوطة:
ما أطعم أحمدا وما أحلاه
ما أسعد سعده وما أسماه
ما أعلمه علما وما أحلمه
حلما وله إلهه علاه ص34
وحينما يصل ابن عيسى المقدسي إلى فن الزجل يبدأ بتعريفه "الزجل في اللغة عبارة عن الصوت يقال سحاب زجل إذا كان فيه الرعد، ..... وإنما سمي هذا الفن زجلا لأنه لا يفهم سامعه مقطعا من مقاطع أوزانه إلا إذا صوت له به "ثم يذكر أقسامه" وهو أربعة أقسام تتميز بما تضمنته من مفهوم أوزانها بطريق اللزوم فما ضمن الخمري والزهري هو الزجل، وما تضمن الخلاعة والهزل هو البليق، وما تضمن الهجاء والثلب هو الفرقي، وما تضمن حكمة او عظة هو المكفر واشتقاقه من التكفير للذنوب" ص 35
وقد أورد المؤلف نماذج عدة مما كتب من الزجل وقعت في حوالي مائة صفحة من صفحات الكتاب.
وفن المواليا هو الفن السابع من الفنون السبعة التي كتبها ابن عيسى المقدسي في مخطوطته "وهو على وزن واحد منقسم أربعة أقسام كل قسم بقافية وهو مخترع، الواسطيون اخترعوه من بحر البسيط وجعلوه كل وزن أربعة أقفال بقافية واحدة، وتغزلوا به ومدحوا وهجوا، لكنهم جعلوه معربا، فلما وصل إلى البغاددة أجازوا فيه اللحن فزاده ذلك سهولة وعذوبة وسموه البرزخ لجواز الإعراب فيه واللحن " ص138
ومنه قول ابن عيسى:
طه محمد أتى بالنور يا أشراف
والفتح والنور والأنفال والأعراف
والحمد والحجر والكوثر وسورة قاف
والواقعة والنبأ والصف والأحقاف ص139
وترى المحققة في الخاتمة التي أوردتها في نهاية الكتاب أن "مما يؤخذ على ابن عيسى عدم التقارب بين أجزاء الديوان في الحجم، حيث نجد في جزأي الموشح والدوبيت أن كلا منهما يحتوي أربع قطع فقط، بينما نجده يسهب في جزأي الزجل والمواليا، أما فن الكان وكان فنجد بعض قطع منها مبعثرة بين قطع الزجل للاستشهاد على بعض المعاني، وبذلك يكون ابن عيسى قد قدم لنا فقط ستة فنون، ولا أدري هل كان ذلك متعمدا منه أم أن المخطوطة قد فقد منها جزء أيا كان حجمه، خاصة انها لم تنته النهاية التقليدية بعبارات الانتهاء والتأريخ وتوقيع ناسخها، ومثل هذه الأشياء والتي عادة ما توجد في نهاية اي مخطوط " ص 375
وتأتي أهمية تلك المخطوطة -كما ترى المحققة- من أن هذه الفنون السبعة هي التي شغلت الوسط الأدبي في الفترة ما بين القرن السادس إلى القرن العاشر الهجري.
|