القاهرة 22 مارس 2022 الساعة 10:25 ص
حوار: أمل زيادة
كاتب شاب من مواليد محافظة الإسكندرية، اختار مجال الرعب للكتابة فيه.. تميز بدقة اختياراته، مزج الحقائق التاريخية بالرعب.. مما شكل حالة جديدة من الأدب لاقت استحسان القراء ودور النشر.. حول أحدث أعماله "في حضرة الكونت" يحدثنا الكاتب الشاب محمود عبد العال عن الرواية وبداياته مع الكتابة.
• حدثنا بشكل عام عن مجمل أعمالك؟
أعمالي الأدبية تدور كلها تقريبا في فلك البوبفيكشن وهو الأدب الشعبي المنتشر، الفانتازيا، والرعب والخيال العلمي والبوليسي، وسُمِّي بالأدب الشعبي نظرا للإقبال عليه من القراء أولا، وهو ما دفع الكُتاب للاتجاه له، ربما بسبب سرعة الإيقاع المواكبة للعصر الحالي، أو ربما بسبب جرعة الإثارة والتشويق كعامل جذب قوي، لكن دائما ما كنت اعتقد أن الإثارة والتشويق غير كافيين لإنتاج عمل أدبي متميز، فسلامة اللغة وجمال السرد من الشروط الأساسية في رأيي
• كيف كانت بداياتك مع الكتابة؟
كالعادة تكون البداية مع إدمان القراءة، فالقراءة في المجالات المتعددة توسع المدارك وتنمي اللغة وتشحذ الخيال بأفكار مختلفة، ومع الموهبة في سرد الأفكار والخيال الرحب يتم صياغة الكاتب تدريجيا.
أما عن بداياتي، فكانت في كتابة الأسمار الزجلية في صورة مسرحية للجوالة بكلية التجارة، واتجهت بعدها للاشتراك في مجموعات قصصية مجمعة من خلال فريق "صرخة فزع"، وبعدها كانت أول رواية لي باسم "سجين برهوت" في معرض القاهرة 2018 .
• كتبت النوفيلا والرواية، أيهما اقرب إليك؟ ولماذا؟
كتبت النوفيلا، والرواية، والقصة القصيرة، ولكن أقربهم لي الرواية، حيث بناء الشخصيات بدقة دون إخلال يفرضه حجم العمل في النوفيلا، أو طبيعة وشروط القصة القصيرة حيث التركيز وعامل الزمان.
في الرواية أتمكن من بناء عالم كامل بمفرداته، معتمدا على انسياب أفكاري، حيث إنني لا أخطط للرواية قبل كتابتها، بل ربما يفاجئني الأبطال أثناء الكتابة بتصرفات غير مخططة، الرواية بالنسبة لي حياة منفصلة كأنني أرويها من خلال المشاهدة.
• لماذا اخترت مجال الرعب قالبا للكتابة الروائية؟
دائما ما كنت أقول إننا لا نختار أدب الرعب، بل هو يختار من يكتبونه، فهناك كاتب أدمن قراءة هذا النوع من صغره، وكاتب آخر ربما مر ببعض التجارب المرعبة، وآخرون أحبوا أن يختاروا النوع الأقرب للقراء للوصول السريع، ولكن دعيني أخبرك شيئا، أنا ضد تصنيف الكتاب إلى كاتب رعب وكاتب فانتازيا وكاتب رومانسي، فالكاتب بحق يستطيع كتابه أي نوع من الأدب، وهو ما يدفعني دائما إلى دمج أفكار تاريخية، فلسفية، أو نفسية، مستعينا بالرعب في بعض المشاهد فيبدو جليا من خلال المعالجة السردية للفكرة، كما فعلت في "سجين برهوت" و"قصة لم ترو بعد" وأخيرا "في حضرة الكونت".
• اعطنا نبذه عن رواية "العارف"؟ وما سر اختيار العنوان؟
العارف بالله هي نوفيلا تنتمي لمشروع "ساعة قراءة"، الذي يعد الكاتب المبدع تامر عطوة هو الأب الروحي له، أعددتها كنواة لسلسة مستقلة باسم العارف بالله، بينما يحمل كل عدد اسما فرعيا، وكان العدد الأول باسم بلفيجور.
أما عن اختيار أسم العارف بالله، فلأنها تحمل طابعا صوفيا، ولقب العارف بالله يطلقه الصوفيون على بعض أقطاب ومشايخ الطرق الصوفية، وربما أطلقوه أيضا على بعض المميزين من أهل الوصول.
• في "العارف" تغلب الطابع البوليسي على قالب العمل لماذا؟
ليس في العارف فقط، ففي كل عمل ستجدين طابعا مغايرا للرعب يطغى على الأحداث، والرعب يستخدم فقط في بعض المعالجات السردية، ففي "سجين برهوت" كان هناك شق تاريخي ديني تم طرحه من خلال سيرة سيدنا سليمان، مع التركيز على الجانب الملكي منه بشكل أكبر.
أما في العارف بالله فكان الطابع البوليسي هو المسيطر، لأن البطل ضابط مباحث جنائية، وفي "قصة لم ترو بعد" فأكثر من ثلاثة أرباع الرواية هو غوص في جنبات التاريخ القديم، والحديث من خلال حبكة بهرت كل من قرأها، فقصة لم ترو بعد في رأيي هي درة أعمالي، يليها الرواية الأخيرة في حضرة الكونت، التي برغم أن الفكرة الرئيسة تبدو من قبيل أدب الرعب إلا أنها في وجهة نظري تعد رواية نفسية بحتة.
• من هو "العارف"؟
العارف بالله هو رمز لكل من انقطعت عنه الأسباب المادية فانطلق يبحث عن أسباب روحية، أطرحه من خلال ضابط تواجهه قضية تبدو دون حل، فيلجأ إلى رجل يتعرف عليه بالصدفة ويبدأ في تعليمه مبادئ النخلية والتحلية وطرق الوصول، وكلها مصطلحات صوفية، وأصدقك القول إن شخصية هذا الرجل المعلم موجودة بالفعل في حياتي الشخصية.
• حدثنا عن "سادة الظلام"؟
سادة الظلام أو أمراء الجحيم السبعة، في علم الديمونولوجي (علم الشيطانيات) هم سبعة من الجن السفلي، يقابل كل منه خطيئة اقترن بها اسمه، وهم
إبليس (لوسيفر) ويمثل الكبرياء، مامّون (الثروة) ويمثل الطمع، أسموديوس ويمثل الرغبة، وشيطان الغضب، بعلزبول ويسمّى أيضا بعل ويمثل الشراهة، لوياثان ويمثل الحسد، لفيجور ويمثل الزهو والغرور والكسل، وهم يقابلون ملوك الجن العلوي السبعة.
• حدثنا عن رواية "في حضرة الكونت"؟
رواية "في حضرة الكونت" هي فكرة استولت على تفكيري وشغلت خاطري منذ 2018، تعتمد على التيمة الخالدة صراع الخير والشر، ولكن الصراع في داخل نفس الشخص، اعتمدت فيها على بعض أفكار الخيال العلمي مستندا إلى أحداث تاريخية كالعادة، ولكن ركزت فيها على الأشخاص وليس الأحداث مستخدما تكنيك الراوي متعدد الأصوات، حتى تطغى السمات الشخصية لأبطال العمل على حكيهم للأحداث كل من وجهة نظره، محاولا توضيح الصراع بين الخير والشر بداخل كل واحد منهم.
• هل تستند روايتك على حقيقة تاريخية؟
دائما ما استند في أعمالي على حقائق تاريخية أقوم بإعادة سردها بطريقتي، كأنني أخلق عالما من التاريخ الموازي.
• في رواية "في حضرة الكونت" جمعت ما بين الرعب والخيال العلمي، حدثنا عن هذا القالب؟
أرى أن كتابة الرعب للرعب هو نوع من الإسفاف، تماما كأفلام الكوميديا التي تفتعل الإفيهات لإضحاك الجمهور، لذلك أحب أن استخدم الرعب كوسيلة لتشويق القارئ حتى يظل منتبها لتفاصيل العمل من الصفحة الأولى، بينما أرسم أنا في مخيلته حدود عالم الرواية، كي أجعله يري بعقله ما يقرأ ويتفاعل مع الأبطال كما تفاعلت أنا أثناء الكتابة.
• هل يمكن أن يضحي شخص بهويته وحياته من أجل تجربه علمية كما فعلت هدى؟
الطموح الزائد عن الحد والفضول العلمي كثيرا ما دفع لأكثر مما فعلته "هدى" في الرواية، والقصص كثيرة عن علماء أجروا تجارب خطرة على أنفسهم من أجل إثبات وجهات نظرهم، وعندما يختلط الطموح الزائد بتضخم الأنا قد يؤدي لخلق شخصيات تفعل قبل أن تفكر، لمجرد تحقيق مجد شخصي أو انتصار علمي من وجهة نظرهم.
•هل هناك من يستحق أن نضحي من أجله كما فعلت "هدى" في روايتك؟
فكرة التضحية في حد ذاتها هي مضاد للأنانية، والتضاد يوضح التحول في شخصية هدى، أما عن وجود من يستحق فبالتأكيد هناك الكثير والكثير ممن يمكن أن نضحي من أجله، كالأبناء والأحباء، والوطن والدين.
• حدثنا عن الأخوية ودورها في الرواية؟
الأخوية هي رمز للجماعات السرية التي انتشرت في أوروبا العصور الوسطى وحتى الآن، وكعادة كل الجماعات السرية المتطرفة فأنها تعمل من خلال عقيدة ما تسعى إلى تحقيقها كهدف معلن، أما الأهداف الحقيقة غير المعلنة فغالبا ما تكون مكاسب مادية لفئة معينة من أصحاب المصالح والمنتفعين من وجود الجماعة.
• كيف ترى وضع الكتابة في مصر؟
للأسف أصبح النشر متاحا لمن يملك تكاليف الطباعة والنشر، دون وجود جهات رقابية أو لجان قراءة تميز السيء من الجيد، وهو ما أدى لاندثار بعض الكتابات الراقية الجيدة لصالح الرديء منها.
.
• هل تأثرت حركة الأدب بجائحة كورونا؟
بالتأكيد، فالإجراءات الاحترازية في المعارض فضلا عن اضطراب مواعيد المعارض نفسها، أدى إلى حدوث خسائر في دور النشر نتيجة قلة المبيعات، وهو ما سيؤثر بالتأكيد على سوق النشر الأدبي، حيث أصبح العرض أكبر من الطلب، وهو ما سيؤدي بالضرورة لتراكم الأعمال الأدبية لدى دور النشر.
• ما هي العقبات التي واجهتك ككاتب؟
أكثر ما يؤرق الكتاب عامة هو "سدة الكتابة"، التي تحدث فيشعر الكاتب معها أن نبع أفكاره قد نضب، وأنه لا سبيل إلى إبداع عمل أدبي آخر، فيزداد توتره وربما يسقط في اكتئاب قصير المدى، ولكته ينتهي مع أول فكرة أدبية يسردها على الورق.