القاهرة 01 فبراير 2022 الساعة 10:25 ص
بقلم: أسامة الزغبي
يعد خوان رولفو أحد أهم الكتاب الإسبانو أمريكيين بالقرن العشرين، وأحد أهم الكتاب المكسيكيين، ويعد أيضا الأب الروحي لما عرف لاحقا بالواقعية السحرية، وهي الظاهرة الأدبية الأهم في أمريكا اللاتينية والتي يعد جابرييل جارثيا ماركيز صاحب "مائة عام من العزلة" أبرز كتابها.
ولد خوان رولفو في 16 مايو 1917 بمدينة خاليسكو بالمكسيك لأسرة ميسورة الحال، انتقلت الأسرة لاحقا للعيش في مدينة سان جابرييل، وهناك عانت ويلات ومرارة حرب كريستيرا التي نشبت كرد فعل على فرض التعاليم العلمانية في محاولة تحجيم سلطة رجال الدين كما نص دستور عام 1917. تم اغتيال والده في عام 1923 عندما كان يبلغ ست سنوات، وماتت أمه بعد والده بأربع سنوات فتكفلت به جدته. درس مرحلته الابتدائية في مدينته، ثم أودعته جدته في ملجأ للأيتام لعدم قدرتها على كفالته.
استكمل رولفو تعليمه أثناء إقامته بالملجأ. حاول في عام 1933 الالتحاق بجامعة جوادا لاخارا ولكن لم يتمكن من ذلك بسبب الإضرابات العامة، وترك جواردا لاخارا وانتقل لمدينة المكسيك، ومع ذلك، لم يتمكن من بدء دراسته.
عندما انتقل للعاصمة حصل على عمل حكومي أتاح له الكثير من فرص السفر بالداخل المكسيكي. ازدادت ثقافته في تلك الفترة بشكل كبير ونشر العديد من القصص في المجلات.
في 1947 اتجه للعمل كمصور وتزوج من كلارا أباريسيو وأنجب منها أربعة أبناء.
نشر روايته الأولى (السهل يحترق) في 1953 وبعدها بعاميين نشر عمله الأهم والأعظم وهو رواية (بيدرو بارامو) والتي تعد أهم رواية مكسيكية على الإطلاق.
تعتبر هذه الرواية هي الإرهاصة الأولى للواقعية السحرية، وقال عنها الكاتب الأرجنتيني خورخي لويس بورخس إنها واحدة من أفضل الروايات المكتوبة باللغة الإسبانية، بل في في الأدب العالمي كله. ويتفق معه الروائي الكولومبي العالمي ماركيز الذي قال إنه لم ينم في الليلة التي تم إهداء الرواية له فيها حتى الانتهاء منها.
الرواية المكسيكية الأشهر في القرن العشرين:
تبدأ أحداث رواية "بيدرو بارامو" بوعد يقطعه الشاب خوان بريسيادو لأمه وهي تحتضر بأنه سيذهب لقرية لكومالا بحثا عن والده بيدرو بارامو، بعد وصول خوان لكومالا، يجدها قرية معزولة، ومهجورة، وتشبه الجحيم، وتشتم رائحة الموت في كل أرجائها. يتقابل خوان هناك مع الكثير من الشخصيات والتي هي في الحقيقة عبارة عن أرواح معذبة. في النهاية وعندما يدرك خوان ما الذي يحدث يموت يأسا، وساعتها يدرك القارئ أنه كل ما قرأه كان عبارة عن حوار من القبر مع روح معذبه أخرى وهي دوروتيا، التي كانت تجلب النساء لميجيل بارامو، ابن بيدرو.
تتميز الرواية بتداخل الحكايات ولهذا تعتبر من الروايات الصعبة في قراءتها خاصة لو أخضعها القارئ للمعايير النقدية العادية، فلدينا مستويان من الحكي، الأول خاص بالابن، والثاني خاص بالأب بيدرو بارامو الذي عاش محاطا بالدماء دائما، فمنذ أن تم اغتيال والده في إحدى الحفلات وأمام استحالة معرفة القاتل، قام بقتل كل مساعديه. ومع كل هذه القسوة، خفق قلبه بالحب لفتاه تدعى سوزانا سان خوان والتي تصاب بالجنون وتهرب مع أبيها خوفا من بيدرو الذي سيظل يبحث عنها طيلة ثلاثين عاما، وعندما يجدها يقوم بقتل أبيها بوحشية كي لا تجد أحدا غيره يحميها، ولكنها تموت سريعا وهو ما يصيبه بالاكتئاب بقية حياته. وفي النهاية يقوم أحد أبنائه الذين رفض الاعتراف بهم بقتله.
تتميز هذه الرواية بلغتها المجردة والعامية، ويظل عالمها هو الأقرب للواقع المكسيكي، عالم من الموتى الذين يبحثون عن الخلاص الأبدي.
يختتم رولفو إنتاجه القصير برواية (ديك من ذهب) والتي رغم أنه كتبها فيما بين 1956 و1958 إلا أنها لم تنشر سوي في عام 1980.
تُوجت أعماله بالجائزة الوطنية للآداب في عام 1970، وتم اختياره في عام 1980 عضوا بالأكاديمية المكسيكية للآداب، ومُنح جائزة أمير أستورياس في عام 1983.
توفي خوان رولفو عام 1986 متأثرا بإصابته بالسرطان.
|