القاهرة 08 يونيو 2021 الساعة 10:02 ص
حاورتها: روفيدة خليفة
قصة طويلة، يمكن اختصارها تحت عنوان "حكاية معافرة"، قررت السفر إلى أوروبا فور تخرجها من أكاديمية الفنون، واحتاج الأمر لثماني سنوات، حتى استطاعت تحقيق حلمها، حصلت على درجتين للدكتوراه في الدراما وفنون الأداء، من جامعتي كولن وحلوان وجامعة برلين الحرة بألمانيا، عملت كباحثة مسرحية منذ وصولها لألمانيا، ونشر لها عدد من الكتب والأبحاث العلمية باللغة الألمانية، كما قدمت دورات تعليمية عن المسرح المصري في الجامعات الألمانية، لطلاب المراحل الجامعية المختلفة، وبعد اتقانها للغة الألمانية، بدأت في احتراف الترجمة المتخصصة، في مجال المسرح، هذا بجانب نشاطها في مجال التبادل الثقافي العربي/ الأوروبي، وعملها كمنسقة ثقافية دولية، وأخيرا حصولها على جائزة الحكومة الألمانية للترجمة عن ترجمة كتاب "مسرح ما بعد الدراما".. إنها الباحثة الدكتورة مروة مهدي التي كان لنا معها هذا الحوار..
• كيف نخلق جسرا للتواصل بين حركة النقد العربي والغربي في مجال النقد المسرحي؟
الترجمة هي الطريق الأمثل، لبناء جسر بين النقد العربي والغربي، وهي الوسيلة الأكثر فاعلية، نظرا لاستدامتها، ومن الناحية الأخرى، الكتابة عن المسرح العربي والمصري بالألمانية، صدر لي عام 2016 كتاب بالألمانية عن المسرح المصري، ويعتبر أول مرجع علمي عن المسرح المصري هنا، كما لابد من الاهتمام بوضع المسرح العربي والمصري ضمن المناهج الأكاديمية، للتعريف بالمجال المسرحي والنقدي، وقد وضعت بالفعل عددا من الدورات التعليمة عن المسرح المصري، وقمت بتدريسها في جامعات ألمانيا، لكن كل هذا ليس أكثر من محاولات فردية بسيطة. يدعم الغرب حضوره داخل الثقافة العربية منذ سنوات طويلة بكل الطرق الممكنة، كذلك لابد للدول العربية دعم حضورها الثقافي في العالم الأوربي، لأن جسور التواصل بين الثقافات، لا يمكن بناءها بمحاولات فردية، كما لا ينبغي أن تسير في اتجاه واحد.
• لماذا لا توجد كتب نقدية عربية مترجمة للأجنبية؟
تدعم الدول الغربية حركة الترجمة من لغتها الأصلية إلى اللغات الأخرى، وتقوم بوضع خطط ومشاريع طويلة المدى، لتصدير ثقافتها للعالم، ويعتمد ذلك على إرادة سياسية تؤمن بدور الترجمة في الأوساط الثقافية على المستوى الدولي، وأتصور أن هذا ما ينقصنا، هنا اهتمام كبير من دور النشر الألمانية، بنشر ترجمات عن العربية، لكنها نادرة، وغالبا ما يقوم الألمان المهتمين بالثقافة العربية، بترجمة روايات أو كتب حازت على جوائز عالمية، في حين لا يقبل أحد على ترجمة النقد العربي -للأسف- على مستوى مشروع الترجمة المتواضع الخاص بي، أنوي أن أترجم أعمال"علي الراعي" إلى الألمانية، مازال المشروع مجرد فكرة، تنتظر اللحظة المواتية للخروج للنور، ورغم ذلك، مازلنا في طور المجهودات الفردية في مجال الترجمة من العربية عموما.
• هل ترين أن الحركة النقدية في مصر تمر بأزمة وخاصة المؤلفات عن النقد مقارنة بالمؤلفات التي صدرت خلال الستينيات مثلا؟ ولماذا من وجهة نظرك وكيف نتخطى تلك الأزمة إذا وجدت؟
تعتبر الحركة المسرحية وكذلك الحركة النقدية والإبداع بشكل عام، جزءا لا يتجزأ من سياق سياسي واجتماعي وثقافي مركب، لذا، من الصعب الحكم على الحركة النقدية في حد ذاتها، دون النظر إلى الظروف المحيطة، لذا أتحفظ كثيرا في استخدام كلمة "أزمة" الحركة النقدية، الحركة النقدية تتحرك بموازاة الإبداع دائما، كما أنها على علاقة جدلية مع المجتمع، وبالتالي لا يمكن فصلها عن الحراك الاجتماعي والسياسي.
• مع غياب نقد النص وسطوة نقد العرض هل أثر ذلك على الأعمال المقدمة على خشبة المسرح؟
يرتبط النقد بالإبداع بعلاقة جدلية، يتبادلان فيها التأثير والتأثر، انفصلت دراسات العرض عن الدراسات الأدبية/ الدراما في ألمانيا منذ النصف الثاني من القرن العشرين، وبدأ تأسيس مؤسسات أكاديمية لتدريس فنون العرض، بعيدا عن دراسات الأدب والدراما، وظهرت نظرية إيريكا فيشر ليشته تحت عنوان "جماليات الأداء - نظرية في العرض المسرحي"، وفي نفس التوقيت تقريبا ظهرت نظرية "مسرح ما بعد الدراما" لهانز ليمان، كلاهما يتناول العروض المسرحية الحداثية التي انتشرت في أوربا في القرن العشرين، وبدأ كل منهما في البحث عن مصطلحات ومفاهيم نقدية توائم طبيعة العروض "الغير كلاسيكية"، وكتب ليمان في مقدمة كتابه، أن إيريكا أضاءت مناطق مختلفة من خلال تركيزها على جماليات العرض، والتي تكمل بالضرورة نظريته التي تطورت من خلال التركيز على تغير طبيعة النصوص المسرحية، وابتعادها عن الشكل الكلاسيكي للدراما، باختصار، لا يمكننا إطلاق تصور عن غياب نقد النص في مقابل نقد العرض، المسرح هو مركز الرؤية في حين يختلف المنظور النقدي له.
• عن مشروعك الموسم العربي في ألمانيا والهدف منه؟
"نحن نحتفي بالثقافة العربية" هذا هو شعار مشروع "الموسم العربي" وكذلك هو هدفه، أي الاحتفاء بالثقافة العربية وعرضها من خلال الفن للجمهور الألماني، ويحتوي "الموسم العربي" على عدد كبير من الفعاليات الفنية والموسيقية والمسرحية والسينمائية أيضا، أهم ما يميز الموسم العربي، هو تقديمه باللغة العربية والألمانية، كما أنه جمع جماهير من مختلف الثقافات، كما قام المشروع على أيدي فنانين من دول مختلفة، أي أنه مساحة حية للتواصل مع الثقافة والفنون العربية، وخطوة لدعم حضور الفن العربي داخل الساحة الثقافية الأوربية.
• هل يصل الآن مسرحنا العربي للغرب وكيف يرى العالم الغربي المسرح العربي اليوم؟
لا يصل المسرح العربي للغرب -للأسف- إلا في حالات استثنائية، وهنا أقصد نشاط مركز المسرح العربي "تساتي"، لذلك، لا يمكن أن أتحدث عن رؤية الغرب للمسرح العربي، لأنه غائب عنه، لكن أستطيع أن أتحدث عن اهتمام المختصين وطلاب المسرح بالتعرف على المسرح العربي والمصري، وهذا ما عايشته بنفسي في الجامعة، كما لاقى كتابي "المسرح المصري" اهتماما كبيرا من قبل الباحثين والأكاديميين، أي أن هناك اهتماما وفضولا للتعرف على مسرحنا، ومن ناحية أخرى، هناك معاناة من أجل الوصول لمعلومات عنه باللغات الأجنبية، نظرا لقلة الترجمات والمراجع المتاحة.