القاهرة 27 ابريل 2021 الساعة 12:27 م
تأليف: ليديا دايفس
ترجمة: سماح ممدوح حسن
أعيش وجدتي، وسط مجموعة غرباء. المنزل الذي نسكنه ليس كبيرًا كفاية ليسع كل الأشخاص الذين يظهرون في كل الأوقات. يجلسون إلى العشاء كما لو أنهم متوقعين، وهذا الحاصل بالفعل، وجود أماكن مخصصة لهم، أو يدخلون غرفة المعيشة هربًا من البرد، يفركون أيديهم لإزاحة تجمّدها ويتصايحون تذمرًا من الطقس. يجلسون بجانب المدفأة ويلتقطون كتابًا لم ألحظ وجوده من قبل، ويكملون القراءة من حيث توقفوا، من الصفحة المحددة بعلامة الكتب.
وبمثل هذا الوضع، كان طبيعيًّا تمامًا وعاديًا جدًّا، أن تجد أحيانًا بعض الأشخاص لامعين ومقبولين، بينما البعض الآخر مبتئسين أو خبيثين سخفاء. عقدنا صداقات فورية مع البعض، وانسجمنا بشكل مثالي من لحظة التقائنا، وتمنينا الالتقاء مرة أخرى على إفطار اليوم التالي، لكن في إفطار اليوم التالي يكونون قد رحلوا، وغالبًا لا أراهم مرة أخرى.
الوضع مشتت للغاية. وأنا وجدتي لا نتحدث أبدًا عن مجيئ ورحيل هؤلاء الغرباء من المنزل. لكني أراقبها ووجهها يتورد عندما تدخل إلى غرفة الطعام، متكئة على عكازها، تتحرك ببطء شديد، بالكاد حركتها محسوسة. حينها يقف شاب من مكانه يزيح منديل المائدة من على ساقيه، ويذهب لمساعدتها حتى تجلس وتستقر على كرسيها. تتكيف مع حضوره بابتسامة متوترة، وإيماءة كريمة.
أفكر في أنها الآن مثلي، مستاءة لأن الشاب الذي لم يكن موجودًا في الصباح حتى، لن يكون متواجدًا في الغد، ولا يزال يتصرف كما لو أن هذا وضعًا طبيعيًّا. بالتأكيد، تأتي أوقات، لا يكون الشاب الجالس على مائدة الطعام راقيًا في تعامله، يكون مجرد شابًّا نحيفًا أعزب، يأكل طعامه بصمت وسرعة ويغادر قبلنا. أو ربما تكون امرأة عجوز متجهمة عابسة في وجهنا، وتبصق قشرة تفاحتها المخبوزة على حافة طبقها. ولا نستطيع فعل شيء في هذا. فكيف نطرد أشخاصًا لم نقم بدعوتهم أبدًا، ويغادرون من تلقاء أنفسهم دون استئذان، عاجلًا أو آجلًا؟
على الرغم من أني وجدتي من جيلين مختلفين، لكن كلتانا تربينا على ألا نسأل، فقط نبتسم عندما لا نفهم الأشياء.