القاهرة 15 ابريل 2021 الساعة 03:00 م
كتبت : زينب عيسي
رغم التحولات الحديثة في المجتمع المصري، إلا أن الموروث الشعبي ظل محافظا على طابعه على مر العصور، فمنه الموروث الشفاهي والحكايات والأشعار والأساطير والأمثال، ومنه الفنون الحركية مثل الرقص الشعبي، ومع تغير الأنشطة الثقافية المصاحبة لشهر رمضان الكريم بسبب انتشار فيروس كورونا لكن وزارة الثقافة تحرص على تقديم عدة فعاليات تحكي فيها تاريخ العادات المصرية خلال شهر رمضان، ومنها سلسلة تغريدات تحت عنوان "استمتع بأجواء رمضان من بيتك"، للتعريف بطقوس وأجواء الشهر الكريم بالمقاصد السياحية المختلفة في مصر Experience Ramadan From Home، وذلك على مواقع التواصل الاجتماعي كافة الخاصة بالوزارة والهيئة.
وستظل رقصة "التنورة" هي الأبرز فيما تقدمه الفنون الشعبية في رمضان، فهي ليست مجرد رقصة أو فن تراثي وفد إلى مصر من تركيا واكتسب طابعا خاصا، ولكنها توليفة تجمع بين فلسفة الحياة والنزعة الصوفية والفلكلورية المصرية التى تظهر طابعها بامتياز، كما ترمز التنورة بحركاتها الدائرية اللانهائية إلى حركة الكون وفلسفة الحياة، ويرمز راقصوها إلى الشمس التي تدور حولها الكواكب.
فلسفة خاصة
التنورة هي النوع الأول من الرقص الإسلامي وظهرت للمرة الأولى في تركيا "قونيا"، وبدأت قصتها في التكايا؛ حيث كان لكل شيخ طريقة صوفية ينشئ بها تكية خاصة -وهى مكان يعتبر مضيفة لأبناء السبيل والفقراء والدراويش وداخلها تقام حلقات الذكر-، وتميزت من بين تلك التكايا تكية الشاعر الصوفي جلال الدين الرومي، حيث كان يبدأ الذكر بعمل حلقة لا تقل عن أربعين درويشا بملابسهم مختلفة الألوان.
مهنة للرجال فقط
وتعتمد هذه الرقصة على الفن الإيقاعي، حيث يمكن أن تشاهد مجموعات كثيرة تؤدي هذه الرقصة في حركات دائرية، ويدور الراقصون كالكواكب في السماء في شكل مؤثر في النفس والبصر، وترجع نشأتها إلى تركيا، ثم انتشرت في مصر بعد ذلك بصورة كبيرة.
وقد ظل فن التنورة لوقت طويل مقتصرا على الرجال فقط، إلا أن عددا من السيدات اقتحمن هذا المجال في مصر وارتدين ملابس التنورة الثقيلة التي تحتاج إلى قوة بدنية كبيرة.. وهذا مافعلته "قمر" أول فتاة ترقص التنورة، وكانت في طفولتها تعيش حياة مرفهة حتى أصيبت مع عائلتها في حريق ترك أثرا خطيرا على جسدها فضلا عن مرض والدها.
دفعت ظروف راقصة التنورة الأولى في مصر إلى العمل في العديد من المهن للإنفاق على الأسرة وعلاج والدها المريض، حتى قررت أن تبحث عن مدرب للفن التي تعشقه وهو الرقص الاستعراضي، وبعد وقت طويل من البحث، التقت بمدربها بأحد المراكز الرياضية، وقام بتدريبها على الرقصات المستوحاة من البيئات المحلية مثل (صعيدي - نوبي - إسكندراني)، وكانت في البداية تؤدي العمل بزي ولد دون أن يكتشف أحد أنها أنثي!
حلم التنورة
قررت "قمر" الانضمام لأكاديمية الفنون بالمعهد العالي للفنون الشعبية، ومع الوقت عرفت في المجال كأفضل راقصي فن التنورة الذي تصفه قائلة: تبدو الرقصة كالحلم، حيث يدور الفنان دورات كثيرة حتى ترتفع التنورة إلى أعلى، ثم بعد ذلك يختفي الراقص داخلها كأنه فراشة ترفرف بجناحيها وألوانها الزاهية، حتّى أن الصغار يحبون هذه الرقصة مثل الكبار، فهي دعوة مفتوحة إلى ولوج عالم روحاني كفيل بأن يُنسي من يدخله متاعب الحياة وعذاباتها.