القاهرة 30 مارس 2021 الساعة 06:51 م
حاورته: شيماء عبد الناصر
يجيد الفنان أدهم بدوي استخدام الألوان الزيتية والأكريليك في لوحاته المليئة بروح البهجة والفرح، على الرغم من الخطوط الحادة التي تميز أعماله، ويبدو أن نشأة أدهم في صعيد مصر لها تأثير واضح في تشكيل شخصيته الفنية التي تظهر في لوحاته، الحياة الريفية والطبيعة الجبلية المحيطة بها، وكذلك جدران المعابد والمدن الأثرية والتاريخية كان لها الدور الرئيس في تشكيل رؤيته التشكيلية، وقد انتقل إلى القاهرة منذ عام 2011، وعمل في مجال إدارة الفنون التشكيلية، وكان للحياة الاجتماعية والثقافية للمدينة أثر واضح في تبلور شخصيته الفنية، وكذلك حياته المهنية في مجال إدارة الفنون.
يبحث أدهم دائمًا عن مفاتيح الارتباط بين الماضي والحاضر، والمكتسب والعادة، وإعادة صياغتها في أعماله الفنية برؤيه معاصرة، ومع افتتاح معرضه الأخير بجاليري موشن في 21 مارس 2021 كان هذا الحوار..
كيف كانت بداياتك مع التشكيل؟
أنا أعتبر البدايات هي السنوات الأخيرة في دراستي بكلية الفنون الجميلة بالأقصر، الخبرات المكتسبة من الدراسة والتأكيد على الشغف للفنون كان يعطيني دفعة أكثر كي أبحث عن هويتي الفنية، وتشكيل شخصيتي الفنية التي كان بالتأكيد يزيد تطورها مع مجال البحث والدراسة والتثقيف الفني والبصري، إضافة إلى طبيعة بلد مثل الأقصر والثراء الفني والثقافي والتاريخي كان له عامل أساسي في تشكيل الشخصية الفنية والموروث الثقافي بطبيعة حال نشأتي في صعيد مصر، والمشاركات المحلية مثل صالون الشباب وغيرها من الأحداث الفنية كانت الخطوة الأولى لطرح أفكاري ورؤيتي التي كانت تحت طور النشأة وقتها، وكانت هي دفعة الثقة للاستمرار والمثابرة.
ما هي الفكرة العامة في معرضك بجاليري بيكاسو مقامات الكارما؟
لو تحدثت عن مقامات الكارما فسوف أتحدث عن الفكرة أو الشرارة الأولي للمعرض؛ في خلال الأعوام السابقة ترددت الأنباء المحلية والدولية عن رد فعل الطبيعة القوي من حرائق بالغابات وفقد الآلاف من الكائنات الحية ومنها النادرة أيضا، وظواهر الاحتباس الحراري، وكل ذلك بفعل الإنسان وطغيانه علي الحيوات الأخرى المحيطة به باستخدامه غير العادل للموارد البيئية، فكان للبيئة ردة فعل عنيفة، كان لها التأثير القوي على الإنسان نفسه؛ مما دفع المؤسسات الدولية للتحرك لوضع حلول سريعة وفعلية للحفاظ على هذا التوازن من الاختلال والدمار، من هنا جاءت الفكرة والبحث وراء الفطرة الكونية الأولى، والعلاقات التكاملية البعيدة عن النفعية والمصلحة، ونظريات التأمل والتفسير للظواهر الطبيعية والانسجام معها بشكل فيه رضا تام للتعايش..
وكانت فلسفة الكارما الخاصة بالفلسفة الهندوسية والبوذية هي مصدر الإلهام لصياغة أعمالي بالمعرض؛ فالكارما هي الفعل ونتيجته هي الروح الكونية المنظمة للعلاقات بين الإنسان والمحيط به من كائنات، وهي مبدأ الثواب والعقاب اليومي، كما تدين تدان، فهناك الكارما الموجبة الخير التي تكافئ أفعالك الخيرة وتجعلك تشعر بالرضا والانسجام فيما يحيط بك من علاقات حياتية، وهناك كارما سالبة شريرة تعاقب كل من سخط وأساء، وكانت لفظة مقامات هي الأقرب من الناحية الشاعرية الموجودة في حالة الأعمال الفنية، كما أن لها دلالة في المعنى الخاص بها للتأكيد على منازل ودرجات الوصول للسمو وروح الكارما؛ وكانت تلك هي فكرة المعرض والاسم الخاص به.
حدثنا باستفاضة عن علاقتك بالخامات المختلفة وما أقربها إلى قلبك؟
الفنان دائما في حالة شغف باستخدام خامات متنوعة، وهذا يعطي للفنان القدرة على اكتساب خبرات أكثر وثقة أكثر ومتسعًا لإمكانية تطويع أفكاره داخل الإطار الفني للوحة، الخامات وتنوعها مهمة لأي فنان لأنها تساعده في تطبيق أفكاره فيما تتطلبها من استخدام تقنيات مختلفة لتوضيح الفكرة، فهي بمثابة الحروف وهمزات الوصل للنص الفني التشكيلي داخل اللوحة، ومن ثم تصبح هي البصمة الخاصة للفنان حسب طريقه تطبيقه لها في أعماله.
وأنا شخصيا دائم الاستخدام للألوان الزيتية والأكريليك، ولكن هناك تجارب أخري بأكاسيد اللون وتقنيات التمبرا التي كانت تستخدم قديما، ونراها على جدران المعابد والتوابيت الأثرية، كذلك الخامات الجدارية الأخرى كالموزاييك والفسيفساء، ولكنها تعد تجارب نادرة بالمقارنة إلى الأعمال الفنية الأخرى الخاصة بتجربتي التشكيلية.
لاحظت اهتمامك بالألوان الساخنة؛ هل في الأمر قصدية؟ ولماذا؟
أعتقد أنها جزء من الشخصية بطبيعة حال النشأة في الجنوب؛ فالمناخ العام وأشعة الشمس القوية وحدية خطوط الجبال التي تحتضن الصعيد بأكمله، كل هذا بالطبع له أثر في تشكيل الشخصية الفنية لدي، الموروث والعادات دائما ترى بوضوح في جنوب مصر المتضادات اللونية بين الساخن والبارد، والتشكيلية بين الخط الحاد واللين في علاقات الجبل والنيل، الأخضر واليابس، العمار والصحراء، جنبا إلى جنب وانعكاسه على الفكر والثقافة على أهالي هذه المنطقة.
من الفنانين الذين أثروا في تجربتك الفنية وما هي رسالتك من خلال الفن التشكيلي؟
مدرسة الفن المصري القديم وزخم التراث المصري كان له دور كبير في تشكيل الرؤية الفنية لديّ ولدى كثير من فناني مصر والعالم أيضا، أنا فنان من صعيد مصر ترعرعت ودرست في محيط هذا التراث؛ مما كان له الأثر والبصمة الأولى في تشكيل الفكر والشخصية الفنية، وكان لدراسة الفن ومدارس الفن العالمية دور محوري في التطلع والتطور الفكري والفني، وإيجاد مفاتيح الربط بين الفنون أخرى، لدي شغف تجاه كل مدرسة وأسلوب فني مختلف عن الآخر، دائما هناك شيء يضيف لي فكريا وفنيا.
أما عن رسالتي الفنية فأرى أنه دائما ما كانت رسالة الفنون هي الرصد الحقيقي للمتغيرات الاجتماعية والسياسية، وطرح وجهات نظر فيما يفيد البناء والتنوير، فالفن له أثر واضح وقوي على الفكر الجمعي علي مر العصور، ودائما ما ارتبط قيام الحضارات بوجود الفن كمؤشر أساسي لهذه الحضارة، وهدفي ورسالتي من خلال الفن لا ينفصل عن هذه الأفكار، لذا أتمنى تسليط الضوء أكثر من ذلك على الفن التشكيلي لما له من دور فعال في الارتقاء بالذوق والفكر.
من وجهة نظرك هل تختلف أهمية العمل التشكيلي بأهمية موضوعه وأسلوب التنفيذ؟
كل عمل تشكيلي صادق يكون له أهمية وضرورة لوجوده مهما كان موضوعه والرسالة التي يقدمها، سواء كان موضوعه رسالة جمالية أو اجتماعية أو يناقش قضايا حياتية تخص مصير الشعوب، فكل جانب من هذه الجوانب يهم المتلقي ويساعد في نشر الوعي والارتقاء بالفكر والذوق العام.
والعمل التشكيلي فكر وفلسفة وقيمة جمالية تجتمع معا في صورة بصرية؛ لتنقل لنا خبرات ومفاهيم وقيم، لتكون أداة فعالة في التغير والتطور وتشكيل الفكر الجمعي، والعمل التشكيلي هو الأقدم والأهم في التعبير عن تطور واختلاف فكر وثقافات الشعوب.
يذكر أن الفنان التشكيلي أدهم بدوي ولد في سوهاج عام 1988، وتخرج في كلية الفنون الجميلة في الأقصر عام 2010، ويشارك في الحركة الفنية منذ عام ذلك الوقت، شارك في العديد من المعارض الجماعية والدولية ومنها: معرض خاص بجاليري بيكاسو الزمالك بالقاهرة 2020 بعنوان "مقامات الكارما"، a new legacy contemporary art of Egypt - group exhibition 2019 VA – USA معرض جماعي "أمواج" - بيكاسو جاليري 2018، صالون "الجنوب" الموسم الأول والثاني والرابع في الأقصر - دورة صالون الشباب 23 - معرض أجندة بمكتبة الإسكندرية 2013 - معارض جماعية خاصة، بما في ذلك معرض "على قد الإيد" بقاعة خان فنون القاهرة 2014، كما شارك في بعض الفعاليات والمهرجانات، منها: مهرجان الغردقة الرابع للفنون 2013، مهرجان جرافيتي بمتحف محمود مختار القاهرة 2013، فعاليات الافتتاح لملتقي الأقصر الدولي للرسم 2009 - 2010.