القاهرة 30 مارس 2021 الساعة 06:47 م
بقلم: محمد علي
في مطلع شهر فبراير من العام الجاري كُنا على موعد عرض أولى حلقات الموسم الثاني من مسلسل "اللعبة" على منصة "شاهد"، وكان الموسم الأول من المسلسل قد حقق نجاحًا جماهيريًّا وذلك بعد أن تم عرضه في الموسم الرمضاني السابق مما أتاح لقطاع عريض مشاهدة العمل.
من الجيد استثمار النجاح ولكن من الصعب أن تحافظ على ذلك النجاح، فليست كل الأعمال المكونة من جزئين أو أكثر ناجحة فالأمر أحيانًا يكون محبطًا جدًّا، وفي صناعة الكوميديا -وهو عمل شاق جدًا- يكون الشروع في مواصلة تقديم مواسم جديدة بمثابة المخاطرة الشديدة؛ لذا يسعى صناع العمل على إخراج منتج فني عالي المستوي لأن المتلقي في تلك الحالات يكون متأهبًا ومستعدًا للنقد.
اكتسب كل من هشام ماجد وشيكو ثقة جمهور السينما والتلفزيون منذ ظهورهم الأول، وذلك لأسباب عديدة ومتشعبة أهمها بالطبع هو استمرارهم في تقديم محتوى ترفيهي كوميدي دائمًا ما يكون موجهًا لجميع الأطياف والأعمار المختلفة، وبناء على الثقة تلك كان الرهان على إمكانية الحفاظ على مستوى الكوميديا العالي جدًّا في الجزء الأول من لعبتهم.
بات من المألوف استخدام حبكة/ تيمة تحدي الألغاز وصراع الأبطال في حل اللغز، ومن ثم مواجهة لغز جديد حتى يصلا لنهاية ما؛ فمسلسل "نيللي وشريهان" لمخرجه أحمد الجندي كان قائمًا على هذه الحبكة ويعد من أهم الأعمال التلفزيونية الكوميدية في السنوات الأخيرة، وكذلك "الوصية" و"ريح المدام"، نجحت هذه الأعمال سواء على المستوى التجاري في حصد عدد ضخم من المشاهدات، بالإضافة إلى الآراء النقدية المؤيدة كما أنها عُرضت في مواسم رمضانية، وعلى الرغم من ذلك لم يفكر صناعها في مواصلة ذلك النجاح بجزء جديد، وحتى الجمهور لم يطالب بهذا على فضاء السوشيال ميديا.
"ليفل الوحش"
يعتمد المسلسل على نفس الحبكة/التيمة التي قد أشرت إليها، وذلك عن طريق قيام كل من "مازو" وصديقه "وسيم" بالدخول في تحدٍ يجب أن يفوز أحدهم به في النهاية، ومن ثم يحصل على الجائزة التي عادةً ما كانت نقط حصد ومبالغ مالية ضخمة، وتستمر التحديات حتى تنتهي بمأزق كبير؛ إلا أنهما يواصلان اللعب وهذا سر نجاح اللعبة، فمواصلة اللعب تعني مزيدًا من التحديات والصعوبات، وهذا يعني منافسة شرسة بين كل من فريق "مازو" وفريق "وسيم" اللذان يتنافسان في الأصل من أجل إضحاك المشاهد ليس إلا، لذا لم يكن على صناع المسلسل إلا مواصلة اللعب دون خوف من الإخفاق.
فتش عن المرأة
يتفاجأ "وسيم" و"مازو" بأن زوجتيهما "إسراء" و"شيماء" تلعبان تحديات دون علمهما، وبعد مشاهد كوميدية حول غضب "وسيم" ورفضه لسلوك "إسراء"، وبين "مازو" الذي يغضب بسبب عدم اشتراكه في اللعب، وبعد محاولات عدة من الزوجتين يذعن كلاهما للرغبة في متابعة اللعب.
الكتابة والإخراج فيهما يكمن النجاح
منذ التحدي الأول يظهر مدى وعي صناع العمل فيما هم قادمون عليه، فالمشاهد بالفعل لديه جزء كبير من تاريخ كل شخصية حتى أنه يعرف كيف سيتصرف كل منهم حيال موقف معين، لذا كان عليهم التغلب على ذلك من خلال إعادة الذهول والتشويق لمعرفة من الفائز في نهاية التحدي مرة أخرى.
فتحدي الزواج من الجارة الجديدة يعبر عن ذلك بشكل واضح، فمن خلال الخلفية التي لدي المشاهد عن كل من "وسيم ومازو" سوف يجزم بأن الفائز هو "مازو" بسبب مشاكله الكثيرة مع زوجته "شيماء"، ويعلم الحالة النفسية والمزاجية للأخيرة التي لا تتورع عن أن تضربه بالقلم! وأيضًا يعرف "وسيم وإسراء" ومدي نجاح علاقتهم، لكن في نهاية التحدي فاز "وسيم" بالتحدي دون قصد كما حدث في تحديات أخرى كان من الطبيعي أن يفوز أحدهما على الآخر بسهولة، ولكن كان يحدث العكس، وذلك بسبب ظروف قدرية أحيانًا وبسبب غباء من أحد أفراد الفريق مرات عديدة.
كما اهتم صناع العمل بالحفاظ على معظم إفيهات المسلسل كما هي دون أن يتم ابتذالها بالاستسهال، فالحوار بين وسيم وجميل الذي احتوى معظمه على كلمة "أووووي" ظل في إطار كوميديا المسلسل دون الخروج عن النص واستمرار نمط الحوار بين مازو وصديقه سعدون مع تغير الأحداث، والحوار بين وسيم وإسراء في كل من المنزل والعمل لايزال هزليًّا لكنه يظهر كأنه جدي في إطار كوميدي خالص.
العمل يعتمد على البطولة الجماعية أو المشتركة لذا اهتم فريق الكتابة بقيادة فادي أبو السعود بكل شخصيات العمل، فكل دور تمت كتابته بعناية واضحة، حتى أن كل شخصية تمثل ركن زاوية للعمل الذي لم يكن لينجح لو كان الاعتناء بأدوار النجوم فقط وتهميش وتسطيح المشاركين؛ فشخصية مثل "غريب البواب" من الممكن أن تقوم عليها عدة حلقات، وقد مثل جزءًا مهمًّا في استدعاء الضحك في العديد من المشاهد كما الحال في شخصية كل من "بسيوني وشويكار" وكذلك "بسيوني وعصفورة".
أما عن الإخراج فالمخرج "معتز التوني" صانع كوميديا لا يستطيع أحد أن ينكر الموهبة المميزة التي يتمتع بها، فهو يعرف من أين تؤكل الكتف في هذا النوع تحديدًا، في ستين حلقة لم يغفل أي شيء من الممكن أن يؤثر على المنتج الفني في النهاية؛ فاستطاع أن يخلق الكثير من الثنائيات التي تستهدف خلق حالة كوميدية نابعة من موقف اجتماعي كان يحدث بشكل دائم سواء كان بين الأزواج أو الأصدقاء، وذلك دون أن يشعر المشاهد بأي ملل حتى أنه قد شارك في تحدي دكر البط بشخصية عمدة وادي الريان، واستطاع أن يخطف الأضواء ليلة عرض الحلقة في فضاء السوشيال ميديا.
اثنين لعيبة
بالطبع بجانب عامل الكتابة والإخراج يعد الأداء التمثيلي في اللعبة شديد الإتقان والصدق، فالعلاقة فيما بين "شيكو" و"ميرنا جميل" لم تظهر في أي مشهد وكأنهم يمثلان، فنجدهما بالفعل زوجين يفرطان في إعلان حبهما لبعضهما حد "التلزيق" كما كانت تقول لهم "مي كساب" زوجة "هشام ماجد" -الذي جمع قطاعًا كبيرًا من المشاهدين في صفه بسبب تعاطفهم معه وإشفاقهم عليه من غباء فريقه وعلى رأسه زوجته التي لا يحبها في الأصل ويظهر ذلك في كل جملة حوارية-، حقق ذلك الرباعي من خلال براعة أدائهم وثقل موهبتهم نجاحًا كبيرًا في تقديم أدوارهم.
وكذلك "أحمد فتحي" في تقديم شخصية "سعدون" صديق مازو، الذي شكل مع الأخير ثنائية كوميدية كان عنوانها الغباء البشري، ولكن في كل مرة بصورة مختلفة، ولا يقل شأنًا عن الكوميديا التي يقدمها "محمد ثروت -جميل-" الذي نجده طوال الجزء الثاني لم يبخل في تقديم أقصى ما لديه من قدرات فحصد الكثير من الضحك والثناء من الجمهور، و"محمد أوتاكا-غريب البواب" الذي قدم في الحلقتين الأخيرتين فاصلاً كوميديًّا بتقليد معلقين لمباريات كرة القدم أكد فيه مدى عمق موهبته في الكوميديا فلاقي استحسانًا ضخمًا من قبل المشاهدين.
وضم المسلسل النجمة "رانيا يوسف" في دور "نسرين" التي على الرغم من ندرة ظهورها في التحديات إلا أنها كانت صاحبة ظهور مميز في المشاهد التي جمعتها معهم، كما أنها كانت صاحبة خيط كوميدي استمر طويلًا وهو صندوق طلاق نسرين.
والجدير بالذكر أن صناع المسلسل استطاعوا أن يحافظوا على سرية هوية اللعبة هذه المرة بعد أن كان قد اكتشفها العديد في الموسم الأول الذي قام به أحمد فهمي، فكانت التكهنات هذه المرة حول "ناهد السباعي" أو "نسرين أمين" وذلك ربما بسبب أن اللعبة هذا الموسم كانت على هيئة دمية سيدة، لكن المفاجأة كانت في ظهور "كريم فهمي" الذي عاد لينتقم لأخيه.
انتهي "ليفل الوحش" بهم وهم داخل السجن، ولكنهم عادوا لممارسة اللعب القديم كنوع من التسلية، حتى أعطاهم أحد ما أجهزة موبايل جديدة تخص اللعبة، منبهًا إياهم بأن هذه المرة سيكون اللعب مع الكبار..
وها نحن ذا ننتظر موسمًا جديدًا نتمنى أن يتبعه العديد والعديد من المواسم.