القاهرة 16 مارس 2021 الساعة 09:05 ص
تأليف: ليديا دايفس
ترجمة: سماح ممدوح حسن
عندما تحولت نساؤنا إلى أشجار أرز، تجمعوا معا فى ركن من ساحة المقابر، ليتأوهن مع الرياح العاتية. فى البداية، ومع رحيل الزوجات، ارتفعت معنويات الجميع، وفكرنا فى جمال ما نسمع من أصوات أنين. لكن، بعد قليل، راحت السكرة وبدأت الفكرة، وبدأ القلق يغزونا، فتشاجرنا كثيرا معا.
حدث فى هذا العام ريح عاتية لم تحدث من قبل فى قريتنا أبدا. لم تعد العصافير تقوَى على الطيران، فكانت تنحرف وتسقط فى الأركان. انهار بلاط الأسطح الطينية وتفتت على الأرصفة، حطمت الشجيرات نوافذنا المنخفضة. ليلة بعد ليلة، كنا نشرب بجنون، وننام على أذرع بعضنا بعضا.
بحلول الربيع، خفتت الريح، وأشرقت الشمس. لكن ما إن يحل المساء، حتى تُفتَرَش أرضياتنا بظلال لا ينجو من ظلمتها إلا بريق نصل السكين، فخيم الظلام على أرواحنا. لم تعد لدى أحدنا كلمة طيبة لأحد. نذهب لحقولنا متجهمين، نحدق بصمت في الغرباء ممن جاءوا لزيارة ينبوعنا وكنيستنا. تحلقنا حول الينبوع ومددنا سيقاننا بأحذية متقاطعة، فابتعدت عنا حتى كلابنا المشوهة.
تخرب الطريق بعدها، فلم يعد يأتي الزوار الغرباء. حتى القس المتجول ما عاد يجرؤ على دخول قريتنا.
لكن لا تزال الشمس متلألئة على مياه الينبوع، وأبيض الوادى أسفلنا بالفواكه المزهرة وأشجار الجوز، وتسللت الحرارة بين الأحجار الوردية للكنيسة عند الظهر، وانكسرت وقت الغسق. تسير القطط صامتة من مدخل لمدخل، وتغنى العصافير فى الغابة خلفنا. وانتظرنا الزوار ببطون ينهشها الجوع.
أخيرا، ومن أعمق نقطة فى قلب شجر الأرز، انبعثت زوجاتنا، وأخيرا فكرن بنا. وبكسل وبلا مبالاة رجعن جميعا للبيوت. نظرنا لشفاههن اللئيمة، وعيونهن القاسية، فذابت قلوبنا. وعندما سمعنا أصواتهن الخشنة كانت كما لو كن رجالا جاءوا من صحراء ما.