القاهرة 09 مارس 2021 الساعة 08:52 ص
كتبت : نضال ممدوح
يستهل الدكتور أسامة حمدي? أستاذ الأمراض الباطنة والسكر بجامعة هارفارد الأمريكية? كتابه "ما خَفِىَ.. بين فاروق وناصر في الصحافة الأمريكية"? والصادر حديثا عن دار العين للنشر والتوزيع بقوله بقصة عن ثلاثة هم : فاروق، ونجيب، السادات:"قال ساخرًا وهو يتنبأ بنهايته "لن يبقى بالعالم إلا خمسة ملوك؛ ملك بريطانيا وملوك الكوتشينة الأربعة" وصدقت نبوءته على حكمه وقال الآخر بعد أن تولى حكم مصر بعدة أيام من حركة الجيش المباركة كما سميت وقتها "ليس لنا مشكلة مع أى دين أو نحلة فبإمكان اليهود والمسيحيين والمسلمين العيش معًا بسلام في مصر" وهو لا يعلم أن عزله من منصبه سيكون بسبب اتهامه بالارتباط مع جماعة الإخوان، وقال الثالث قبل أن يتولى الرئاسة بعدة شهور "سأواصل الثورة حتى يتم اغتيالي!" وقد قامت بالفعل محاولات فاشلة لاغتياله، ثم نجحت في نهاية الأمر.
في الكتاب يقدم مؤلفه أسامة حمدي إلي قارئ العربية، المصري منها خاصة? ما رصدته ونشرته الصحافة الأمريكية عن ملك ورئيسين? الملك فاروق? والرئيس محمد نجيب والزعيم جمال عبد الناصر? ومن بعدهم السادات.
فمما نشرته الصحافة الأمريكية عن بذخ الملك فاروق وضمنه الكتاب: كان ملك مصر البدين يمتلك 18 سيارة? وستة قصور وناديين ليليين وقطار وثروة شخصية تقدر بملايين كثيرة. وكان بإمكان الملك البالغ من العمر 31 عاما شراء كل شيء إلا إعجاب العامة? وذلك في رحلته لقضاء شهر العسل الذي دانى أحداث ألف ليلة وليلة إلا أنه غير من أسلوبه. توالت الليالي والملك عريض المنكبين يلعب الباكارا والروليت والشومان دو فير في كازينوهات كان ومونت كارلو".
كانت الملكة الجديدة ناريمان تنام هنيئة في الجناح المخصص لها في فندق كارلتون في كان? في حين يسعى فاروق إلي تجربة حظه في صالات القمار. وكان يزيح بيديه قطعا مستديرة قيمتها آلاف الدولارات علي طاولة مغطاة بغطاء أخضر وهو يضحك علي ما يتكبده من خسائر ويقول: "يقول الناس إني فقدت ثروات وهذا يجافي الحقيقة تماما. فأنا أعشق لعب الكوتشينة وأحيانا ما أراهن أكثر من الناس العاديين. السبب في هذا أني مقتدر ماليا."
أورد الكاتب تقريرا خاصا أن الملك الشقي خسر 300 ألف دولار في 9 أيام في كازينوهات كان فقط. ويصعب حساب ما تم تبذيره في ثلاثة أشهر? وهي مدة شهر العسل الأسطوري الأشهر في هذا القرن.
كان فاروق يسافر بالمركب والقطار والسيارة في صحبة الملكة والحاشية من منتجع أوروبي إلي آخر ويوزع الثروات علي الطريقة الملكية المعتادة. تم حجز فنادق بكاملها? وجنت الكازينوهات وتجار المجوهرات أرباحا طائلة. رأي العالم ملكا لا يعبأ بمهام الدولة? إنما التمتع بوقت طيب? في الوقت الذي يسعى فيه ملايين المصريون الفقراء ودافعو الضرائب لنسيان همومهم بقراءة القصص، قصص التبذير الملكي علي صفحات الجرائد.
ويواصل التقرير الصحفي رصد ملامح البذخ في حياة فاروق:" في بداية شهر يونيو هبط الملك من اليخت الأبيض المدعو "فخر البحار" يلبس بدلة البحرية في صحبة عروسه و 40 من حاشيته علي شواطئ تاورمينا في صقلية. وتوجهت المجموعة من تاورمينا إلي كابري? حيث تعرض الملك فاروق إلي بعض المشاكل مع المصورين. كان المصورون يحاولون تصويره وهو في أوضاع "غير مناسبة" واشتكى الملك من ذلك? وأصدر التعليمات إلى الحراس بمصادرة الصور. إلا أن المصورين واصلوا متابعته. تتبعه الصحفيون في كل مكان وهو يهبط من يخته أو يجلس في النوادي الليلية أو يقامر في الكازينوهات. وحاول فاروق كل مرة مصادرة الصور وحينما سئل عن ذلك قال علي طريقة الملوك: "إن هذه الصور تنتشر في بلدي ويمكن أن تكون لها عواقب غير حميدة."
تجنبا لهذا اصطحب معه 20 مخبرا أينما ذهب? وكان بعضهم يحمل البنادق. وكان يجلس أفراد الشرطة علي جنبات المائدة التي يأكل عليها فاروق وكان هناك شخص يتذوق المشروبات علي سبيل الاختبار في كأس مرصعة بالزمرد والألماظ.
قال الذين يحيطون به? إن هذا "مجرد إجراءات احترازية معتادة". لم ينزعج فاروق علي الإطلاق من هذا وكان راضيا كل الرضا. وفي نابولي سمعه بعض رواد المطعم وهو يصرخ بصوت عال ويوجه النصائح ويقول:"لا ينبغي أبدا لرجل أن يتزوج في السابعة عشرة. في إشارة إلي زواجه الأول في ريعان شبابه من الملكة فريدة التي طلقها عام 1948 .
ويتابع التقرير الصحفي رصده لرحلة شهر العسل للملك فاروق وزوجته الثانية الملكة ناريمان:" قال فاروق وهو يدخن سيجاره الهافان السميك في إحدى الليالي في مدينة كابري? حينما هنأه الناس علي انتصاراته في القمار:"لعب القمار مسألة سهلة بمجرد أن تعتاد عليه."
أعطى فاروق الإشارة بالمغادرة من منطقة الجنوب الإيطالي وبدأت سياراته الكثيرة بالتحرك نحو الشمال في صيف طويل. كانت في بداية الصف سياراته الثلاث الكاديلاك السوداء? وبها المخبرون. ثم سيارة فاروق الخاصة التي كان يتبعها خاصته كمصطفي بيك? والد ناريمان ذي الشعر الأسود والأميرة فايزة أخت الملك وزوجها. ثم جاء بعدهم الطبيب الملكي والممرضات والسكرتيرات والنبلاء ومزيد من المخبرين. وكان هذا الجمع يحتاج إلي 50 غرفة في الفندق.
وفي فينيسيا ربح فاروق عدة آلاف من الدولارات في ليلة من ليالي القمار وطلب طائرة محملة بملابس صيفية للملكة ناريمان.
بعد 6 أيام كانت هناك رحلة سريعة إلي ميلانو لركوب قطار من ثلاث عربات ثمنه 3 مليون دولار. وتوجه الجميع علي متن القطار إلي لوجانو سويسرا? حيث قرر فاروق القيام برحلة إلى البحيرة. التقط مصور سويسري صورة له وعلي إثرها أمر الملك الغاضب بالتحفظ علي الرجل.