القاهرة 23 فبراير 2021 الساعة 09:02 ص
كتبت: زينب عيسى
أثارت الواقعة الأخيرة والتي أصدر بشأنها اتحاد الكتاب المصريين بيانًا منذ أيام قليلة يرد فيه على الاتهامات التي وجهت إلى اثنين من أعضائه هما الشاعر مصطفى أبو زيد، والشاعرة حنان حسن، بسرقة قصائد عدد من الشعراء المصريين والعرب من بينهم الشاعر الكبير الراحل نزار قباني، وذلك بعد حملة كبيرة من الانتقادات خرجت على مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب كون الشاعرين سالفي الذكر أعضاء بالاتحاد، زاعمين أنهما تقدما للحصول على عضوية النقابة بتلك الأعمال محل الاتهام، أثارت تلك الواقعة تساؤلات حول السرقات الأدبية التي مرت عبر التاريخ والتي قد يعتقد البعض أن تلك السرقات ترتبط بكتاب مغمورين يسعون إلي الشهرة فينسخون نصوصًا لكبار كتاب وشعراء أملا منهم أن يعلو نجمهم، لكن التاريخ زاخر بكثير من الاقتباسات الأدبية - لنقل ذلك - والبعض يمكن أن يصل إلي حد السرقة سواء من نصوص عربية أو أجنبية، وتلك السرقات نقطة سوداء في تاريخ أي شخص خاصة إذا كان شخصًا مشهورًا أو كاتبًا معروفًا، فلا يمكن مثلًا أن نتخيل أن كاتبًا بحجم "ويليام شكسبير" الذي يعتبره الكثيرون أعظم كاتب في الأدب الإنجليزي، يمثل أشهر حالات السرقات الأدبية، والبعض من يشكك في هوية ويليام شكسبير الحقيقية، هذا الجدال الدائر في الأوساط الأدبية منذ منتصف القرن التاسع عشر يفترض وجود شخص آخر غير شكسبير هو الكاتب الأصلي لهذه الأعمال المنسوبة إليه.
توفيق الحكيم كان ممن اقترن اسمهم بتهمة السرقة الأدبية منذ بداية مشواره، وتحديدًا في العام 1942 مع أول نص مسرحي له بعنوان "العريس"، حيث كشف تقرير صحفي لعاصم زكريا نُشر في مجلة "المصوّر" في أغسطس عام 1993، أنها مقتبسة من مسرحية فرنسية مجهولة يرجِّح الناقد فؤاد دوارة أنها "مفاجأة أتور". كما كتب الناقد المسرحي محمد عبد المجيد حلمي في ذلك الوقت قائلاً: "وقفت من المسرحية موقفًا جامدًا؛ لأنها نقلت من الفرنسية إلى العربية، فقط مع تغيير الأسماء، أصبحت قصة إفرنجية في كل عاداتها ومواقفها ومراميها، فقط أبطالها مصريون".
حاول الحكيم تجاهل بداياته الفنية، فلم ينكر تهمة "الاقتباس" في شبابه، معترفًا بذلك في "سجن العمر" و"من البرج العاجي". لكن مع مرور السنين وبعد أن أصبح الحكيم أحد قامات الثقافة العربية، ثبت أن الأمر لم يقتصر على باكورة مشواره الأدبي، حيث لاحقته تهمة السرقة. وكان أشهر الوقائع تلك التي جرت أحداثها على صفحات جريدة "الجمهورية" عام 1957، عندما بدأ الكاتب أحمد رشدي صالح سلسلة مقالات نقدية، قارن فيها بعض مسرحيات توفيق الحكيم وبين بعض الأعمال الأجنبية.
للشعراء أيضًا نصيب من السرقات الأدبية، ولعل أشهرهم إبراهيم عبد القادر المازني (1889 – 1949)، الذي يعد من كبار الكتاب في عصره، وأحد أعمدة مدرسة "الديوان" التي تأسست بصحبة صديقيه آنذاك عباس العقاد وعبد الرحمن شكري، قبل أن تقع بينهم خصومة استمرت 17 عامًا، وعرفت بأنها أضخم معركة أدبية في ميدان الشعر المعاصر.
راح عبد الرحمن شكري يتهم صاحبه المازني بترجمة قصائد الشعر الإنجليزي ونسبتها لنفسه؛ إذ يقول في مقدمة ديوانه "الجزء الخامس": "لقد لفتني أديب إلى قصيدة المازني التي عنوانها "الشاعر المحتضر" البائية التي نشرت في عكاظ، واتضح لنا أنها مأخوذة من قصيدة أودني للشاعر شيلي الإنجليزي قاصدًا الشاعر بيرسي بيش شيلي (1792 – 1822) أحد أفضل الشعراء الغنائيين في إنجلترا، والمعروف بقصائده القصيرة أوزيماندياس، أغنية للريح الغربية، إلى قبرة".
الكاتب والروائي جمال الغيطاني يشير عصام زكريا في تحقيقه الصحفي إلى تعرض الكثيرين إلى تأثره بأدب ابن إياس، خصوصًا في روايته "الزيني بركات" المسئولة عن حجزه مقعدًا بين كبار الأدباء.
لكن لم يتوقف الأمر في حالة الغيطاني على الاقتباس، إذ يضيف زكريا: "إلا أن أحدًا لم يكن يتصوّر أن الغيطاني قام بنقل صفحات كاملة بالنص من ابن إياس- بالإضافة إلى اقتباسه للقصة والشخصيات والأسلوب واللغة".
من ناحية أخري بعض الصحف والمواقع الإلكترونية أشارت إلى مزاعم خاصة بأخذ محمود درويش بعض النصوص التوراتية التي أثرت فيه، وعليه، إلى درجة الاستلاب كما يقول الشاعر موسى حوامدة، وكيف أن درويش مستل من غيره، السياب وأدونيس ونزار قباني، على حد تعبير الناقد محمد صابر عبيد، وأنه أساء إلى القضية الفلسطينية ليس فقط ببعض مواقفه السياسية، وإنما أيضًا في اعتماد قصيدته المشروع وغير المشروع على تراث أعداء هذه القضية
الكاتب التونسي المقيم في القاهرة كمال العيادي، هاجم الأديبين يوسف زيدان “الحاصل على البوكر”، وعلاء الأسواني صاحب رواية “عمارة يعقوبيان”، متهمًا إياهما بسرقة الروايتين.
وقال “العيادي” في تصريحات وكتابات نشرت بعدة صحف عربية، إن ما وصفهما بالسرقتين يعتبر بحق فضيحة للثقافة العربية على المستوى القطري والعالمي، حيث يسوق العيادي المثال تلو المثال كي يؤكد عملية السطو التاريخية هذه.
واتهم العيادي الأديب يوسف زيدان بسرقة “عزازيل” من رواية إنجليزية قديمة ومهملة لروائي إنجليزي كتبها عام 1853، وترجمها إلى العربية عزت زكي باسم "هابيشيا"، والتي تتكون شخصياتها الرئيسة من بطل الرواية، وهو راهب من وادي النطرون، كما اتهم الشاعر هشام الجخ بالاستيلاء على عدد من البيوت الشعرية بديوان "الولو" للشاعر عبد الستار سليم وقضت المحكمة بتغريمه رغم حكم البراءة.
ونشرت مدونة "خمسينة" عام 2014 تدوينة عن رواية الكاتب أحمد مراد "الفيل الأزرق" التي تحولت إلى فيلم سنيمائي، وقالت المدونة "إن الكاتب سرق فيلم إنتاج 2007، ورواية الفيل الأزرق ما هي إلا فيلم وتشرح المدونة التشابه بين الرواية والفيلم الأجنبي والذي يدور حول شاب يرسم الوشم ثم يحصل على مطرقة لصنع الأوشام، وبسبب هذه المطرقة يحضر له عفريت الوشم، وتضيف المدونة أن مراد قبض على فكرة عفريت الوشم وجعلها تيمة روايته، مع بعض التعديلات، فجعل العفريت عاشقًا يضاجع صاحبة الوشم الذي يخصه، وفندت التدوينة لجوء مراد لتقنيات الفيلم في روايته وكذلك اعتماد نفس الشخصيات مع تغيير النهايات. "The Tattooist"
وبالنسبة للكتاب الشباب تعرض الكاتب والروائي ضياء الدين خليفة، لسرقة روايته "حورس: أحجية التاريخ القديم" والفائزة بجائزة نجيب محفوظ لإبداع الشباب على يد كاتبة مغربية تدعى فاطنة غزالي، برواية بعنوان "الفرعون المتمرد: أسطورة الموت والحياة".
اتهمت القاصة الشابة تيسير النجار، صاحبة المجموعة القصصية "جئتك بالحب"، الكاتبة هدى الحجاجي، بالسطو على "حدثني عنك" إحدى قصص المجموعة سالفة الذكر، وذلك بعدما فوجئت بنشر الكاتب الدكتور أيمن الجندي، نصها بنفس العنوان فى مقاله بإحدى الصحف المصرية، لكنها منسوبة إلى "الحجاجي".
اتهمت الكاتبة ريم أبو عيد إحدى شركات الإنتاج بسرقة رواياتها "متربول" بعد تشابه قصتها مع أحداث مسلسل اختفاء، قامت على أثر ذلك بتحرير محضر رقم 4535 إداري قسم العجوزة ضد المنتج، والسيناريست أيمن مدحت، بسرقة فكرة مسلسلهم من رواياتها سالفة الذكر، والموجودة بالأسواق منذ عام ونصف.
اتهم الكاتب أحمد شلبي، رئيس نادى أدب دمنهور السابق، الكاتب الصحفي مصطفى القاضي، سكرتير اتحاد الكتاب السابق، بسرقة كتاب "عبد القادر حميدة.. دليل على عصر وشاهد على جيل"، وإصداره بهيئة قصور الثقافة بنفس الاسم، مؤكدا أن الكتاب الأول يرجع لعام 2011 وتم إصداره على هامش أحد المؤتمرات الأدبية تحت عنوان "أعلام البحيرة".
وقضت محكمة مصرية بالحكم سنتين أشغال شاقة على شاعرة مصرية قامت بسرقة قصيدة لشاعر عراقي ونسبتها لنفسها، وعد كثيرون القرار انتصارًا للثقافة وللحق وحماية للملكية الفكرية. وبحسب صحيفة "إيلاف العراقية" فإن الشاعر العراقي على الإمارة أكد صدور حكم على الشاعرة المصرية سماح صلاح لسرقتها قصيدته التى تحمل عنوان (الدخول الى مأساة أبي فراس الحمداني).
وربما كانت ضمن هذه السرقات ما تعرضت له القاصة الشابة تيسير النجار، بعدما نشر الكاتب الصحفي الدكتور أيمن الجندي، مقالا يحتوى قصة بعنوان "حدثني عنك" منسوبة للكاتبة هدى الحجاجي، لكن تبين فيما بعد إنه تعرض لخديعة السرقات الأدبية، حيث إن القصة سالفة الذكر، هى إحدى قصص المجموعة "جئتك بالحب" للقاصة تيسير النجار، والصادرة عن سلسلة إبداعات بالهيئة العامة لقصور الثقافة عام 2017، وهناك أيضا عدة اتهامات أشارات بأن السرقة الأخيرة لم تكن الوحيدة لـ"الحجاجي" .
وتعرض الشاعر أشرف يوسف لسرقة عدد كبير من قصائد ديوانه "مقهى صغير لأرامل ماركس" وذلك على يد شخص نسخ أكثر من 20 قصيدة كما هي فقط يغير فى بعض الكلمات، ثم نشرها على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي، وادعى أنها قصائده وراح يستقبل استحسان الناس باللايكات والتعليقات.
تعرضت الكاتبة المسرحية المصرية صفاء البيلي، الفائزة بجائزة أحسن نص فى مسابقة الهيئة العربية للمسرح، عن نص "كوكب ورد"، للسرقة على يد الباحث والكاتب الأردني أيمن دراوشة، بعدما قام بالسطو على نص للأطفال بعنوان "لغتي الجميلة" ونسبه لنفسه دون الإشارة لمؤلف النص الأصلى.
واعتذرت مجلة "فصول النقدية" في عددها المئوي، الصادر عن "الهيئة المصرية العامة للكتاب"، عن نشرها بحثًا بعنوان "الاستعارة فى نماذج من شعر محمود درويش" "مقاربة عرفانية"، لـ الميلود بن جمعة حاجي (تونسي الجنسية)، فى العدد الجديد، تبين لهيئة التحرير أنه مسروق بالكامل من البحث الخاص بالباحثة الجزائرية جميلة كرتوس، والتى نالت به درجة الماجستير في الآداب من جامعة مولود معمري، تيزى وزو، الجمهورية الجزائرية (2011-2012)، وعنوانه: "الاستعارة في ظل النظرية التفاعلية.. ديوان "لماذا تركت الحصان وحيدًا؟" لمحمود درويش نموذجًا، وذلك على الرغم من أن الباحث، قام بالتوقيع على وثيقة الملكية الفكرية حين تقدم ببحثه للمجلة.