القاهرة 23 فبراير 2021 الساعة 09:45 ص
كتب: حاتم عبد الهادي السيد
بأي جمال وحُسن؛ يحاورنا الشاعر اليمني الرائع د. فهد الفقيه العذرى، في قصيدته: "القصيدة أنتِ"، والتي شبهها بالسحر والنور، حيث جاءت مع الصباح تتزيا لمحبوبها العاشق، فهي قصيدته الفاتنة: "صنعاء" عاصمة اليمن الشاهقة، ومدينة التاريخ والحضارة، فلا غرو أن تكون قصيدته التي يناغيها، والحبيبة التي يركن إلى صدرها الدافئ حين تعصف به الأنواء، وتقصف الرعود، يلوذ بحضنها الدافئ لينعم بالأمان والحب، يقول:
قصيدةٌ أنتِ من سحرٍ ومن نورِ
أشرقتِ من شرفةِ الإبداعِ كالحورِ
هذا الجمالُ المحالُ اليومَ يهمسُ لي
شاب الزمانُ وقلبي خارجَ السورِ
ولا يجوزُ بشرعِ الأرضِ يا زمني
يظما الفؤادُ نوىً والحسنُ أسطوري
صنعاءُ فاتنةُ الأيامِ شاعرتي
تخطُني بيراعٍ شبه مسحورِ
إنه يشبهها بقصيدته، حروفه، شهقات ذاته التي تطلق الجمال لها، ويتغنى في وصف مفاتنها، ولن يمنعه شرع أو قيد في وصف تفاصيلها بكل جلال وهيبة، فهي الحبيبة والوطن والقصيدة البلور الساحرة، يحزن لحزنها، ويفرح لها وبها، ويسير في أسواقها التاريخية مفاخرًا بصنعاء الخلود، المجد العتيق، والزهريات العتيقة، والشرفات والعمارة الأصيلة، نراه يحاكيها، يكتب ألمها، ويهدهد أحزانها عبر صُوره الباذخة المموسقة التي تنثال كشلال عاطر بالحب، حيث نراه كعصفور باسم يمسح دموعها بمنقار الحرير في فمه العاطر والماطر الحب، يريد لها السعادة بعد الحزن والعراك والحرب، فنراه يحن إلى ليالي اليمن السعيد، ونكهة البن عبر البهار الكوني الضَّاج بكل جميل وباذخ، يقول:
أصيرُ في حزنِها تسبيحَ أمنيةٍ
صدى شجاها المُعنّى مثل بلورِ
أمرُّ في سوقِها.. تشدو نوافذُها
والمَشْرَبياتُ تبدو كالشحاريرِ
تاريخُها عاطرُ الأشذاءِ تقرأُهُ
مجدًا شدا بينَ معمورٍ ومسطورِ
متى ستبسمُ آمالي وتحضنُها
وتمسحُ الحزنَ عن أضغاثِ عصفورِ
أحنُّ للبسمةِ الخضراءِ هادلةٍ
وللصباحاتِ تزهو والأزاهيرِ
لنكهةِ البنِ تذكي في الحشا زمنًا
يبوحُ بالشوقِ فينا والتباشيرِ
وشاعرنا ينبذ الحرب، ويحيلنا إلى "اليمن الآن"، للعراك المحموم بلا جريرة، وللطوائف المتقاتلة باسم الدين والعرق والملة، وهو - ونحن - براء من كل دم مسفوك، وطفل ممزقةٌ أوصاله، وعجوز غاب وسط ركامات البنايات التاريخية التي دُمرت، ودمر التاريخ العربي معها، إذ صنعاء ليست مدينة عادية؛ بل مدينة كتب فيها التاريخ العربي الأصيل صفحاته الجميلة الباذخة، وتراثها الحضاري والثقافي والكوني كذلك، وهو يصرخ في البراري، يعلن رفضه للدمار والحروب، ويستعطف الحب الإنساني، وضمائر الأحرار في العالم ليوقفوا هذا العبث بالتراث وبمقدرات الأمة العربية، وليس صنعاء وحدها، يقول:
أحنُّ للحبِ يجري في الورى أبدًا
بلا حروبٍ بلا ثأرٍ وديجورِ
فكلُنا أخوةٌ قولوا.. هنا وطنٌ
تدورُ.. إنْ قال يومًا للدنا دوري
إنه ينشد الحب، السلام، نبذ التقاتل والعراك بين أبناء الشعب العربي الواحد، فالكل أخوة، ويجمعهم دين إسلامي باذخ، وتاريخ مشترك، ولغة عربية تزهو على الأكوان، فهو ينشد السلام عبر الحروف الهادرة بالحب، ويبحث عن إشراقة الجلال والنور عبر أنداء الفجر المغبش بالسلام؛ ونبذ الحروب، فلننشد معه جميعًا أنشودة السلام، ولنردد: تحيا صنعاء، يحيا اليمن السعيد، ولتحيا أمتنا العربية الإسلامية في سلام وأمان، يقول:
إلى السلامِ جميعًا يا أحبتَنا
إلى الهدى والندى والسلمِ والنورِ
وفي النهاية دعونا ننشد مع شاعرنا الشاهق/ فهد العذرى، ونقول: دعوا السلام ينمو في الأرض؛ لتطير الحمائم فوق أغصان الزيتون صاهلة بالحب، وصادحة بالخير، لكل بني البشر.