القاهرة 20 فبراير 2021 الساعة 01:37 م
كتبت: نهاد المدني
قدم العرض المسرحي "نساء بلا غد" ضمن فعاليات "شباك الفن" بمعهد جوتة، والذي يرصد معاناة اللاجئات السوريات بشكل عميق ليبحث عن إجابة لسؤالين أساسيين وهما: إلى متى تستمر هذه المعاناة للاجئين؟ وهل من غد مشرق للاجئين الهاربين من ويلات الحرب أو القهر المجتمعي؟
العرض من تأليف: جواد الأسدي، وإخراج المخرجة الشابة نور غانم.
الفكرة الرئيسة للعرض هي تجسيد "مـأساة اللاجئين" من خلال ثلاث شخصيات لفتيات سوريات، يتشاركن في تفاصيل الحياة والمعيشة بعد وصولهم إلى براغ الألمانية، ولم يحصلن بعد على حق اللجوء، فأصبحن "نساء بلا غد".
وتدور أحداث العرض المسرحي بين مكانين أساسيين وهما: مكان إقامة الفتيات "الملجأ"، ومكان التحقيق الذي تجرى به السلطات الألمانية التحقيقات والتساؤلات للفتيات اللاجئات. ومن هنا تسرد المأساة التي تعاني منها النساء السوريات، عندما تسوء الأوضاع الداخلية في البلاد وينشأ الشتات والصراعات ويضطروا للجوء إلى الخارج. وتجسد كل من الممثلات شخصية مختلفة عن الأخرى لإبراز التناقضات الصراعات والمشكلات بحياتهن.
• فالشخصية الأولى "مريم" تجسد الفتاة المتدينة التي تتعرض للاغتصاب في سوريا، من قِبل تنظيم إرهابي يتحدث باسم الدين ليقع على الفتاة إيذاء نفسي وجسدي وانتهاك لحقوقها كإنسان. ومن خلال الشخصية يتم إسقاط الضوء على الممارسات الدينية المتطرفة التي تجريها بعض الجماعات تحت دعوى نصرة الدين وإقامة شرع الله لجذب الشباب العربي وتشويه قيمه لتنفيذ مصالح وأهواء مغايرة لجمال وسماحة ورسالة الأديان السماوية؛ ليلتفت أنظار الجمهور لضرورة غرس الثقافة الدينية السليمة بشكل صحيح لدى الأجيال.
• الشخصية الثانية "فاطمة" تجسد دور الممثلة ذات الشهرة ببلدها سوريا، والتي اعتقلتها الأجهزة الأمنية أثناء نشوب الصراعات الداخلية فما كان منها إلا أنها فرت هاربة للخارج، حتى نجحت في الوصول إلى ألمانيا. ومن خلال الشخصية نرى معاناة اللاجئين بعد تعرضهم للقهر المجتمعي داخل وخارج بلادهم مما يجعلنا ننتبه لأهمية توفير الاستقرار الاجتماعي لكل لاجئ أجبرته الظروف لمغادرة بلده مهما كانت جنسيته ليترسخ شعوره بالاستقرار والأمان.
• الشخصية الثالثة "أديل" وتجسد مزيجا لحالتي الفرح الظاهر، والحزن الدفين، وتعد أديل الفتاة الأكثر قدرة على الحياة والفرح والسعادة من بين الثلاث شخصيات، إلا أنها تخفي وراءها قصة مؤلمة لموت طفلتها أثناء الصراع الدامي في سوريا، لنرى من خلال الشخصية عدم سلامة النساء من ويلات الحروب والصراعات وآلام الفقد فلا نلقي بالأحكام عليهن مهما كان الثبات بشخصياتهن وملامحهن فهن رحلن تاركين وراءهن الوطن والأهل والأحباب والأصدقاء.
واختتم العرض بصراخهن جميعا تعبيرا عن آلامهم وموتهم وهم أحياء.
"مصر المحروسة" التقت بمخرجة العرض نور غانم والتي أكدت أن العرض يتحدث عن فكرة اللجوء ويعبر عنه عبر ثلاث بيئات مختلفة تجسدهم فتيات يسعون لحق اللجوء، كل منهم يعيش مأساة مختلفة وصراعات متعددة أولا داخل بلادهم وثانيا داخل مكاني التحقيق والملجأ، ويقدم هذا الصراع في نسيج الدراما المسرحية لعرض مشاكلهم بشكل حقيقي.
وأشارت نور أن بنية العرض اختلفت عن النص الأصلي ليناسب تواجده على خشبة المسرح مع المحافظة على مقولة المؤلف.
وأضافت: وحرصت أن أقدم رسالة قوية لمأساة الحروب فهي ضريبة تتحملها أاجيال كثيرة وتصنع شتات وغربة ومشاكل نفسية معقدة.
وأشادت ببراعة ما تقدمه الممثلات المصريات، لتجسيد الشخصيات السورية والسير في أغوار وعمق تلك الشخصيات من الناحية النفسية والإنسانية، وقد ساعد الديكور والإضاءة بشكل كبير في إبراز حالات القلق والتوتر والخوف المصاحب دائما للشخصيات فضلًا عن قدرة الممثلات الكبيرة على إيصال مشاعر معاناة السوريات بصورة مماثلة.
ومن جانبها قالت إحدى ممثلات العرض "نهال الرملي": قمت بأدوار متعددة بالتلفزيون والمسرح ولكن اجتذبني دور "أديل" تلك الفتاة المتحررة المنبهرة بالحياة الغربية الهاربة من الألم والصراعات والقيود ببلادها.
واستكملت: أن الثلاث شخصيات رغم اختلافهن يجسدن المرأة العربية ومشكلاتها رغم اختلاف فئاتهم وحرصت على تقديم رسالة وهي أن لكل منا معاناة داخلية ومشكلات اجتماعية ونفسية حتى وإن بدت الصورة الخارجية مختلفة "فلا نصدق كل ما تراه العين".
عرض "نساء بلا غد" شارك في التمثيل: نهال الرملي، بسمة ماهر، لونا أبو درهمين، ديكور شادي المطيلي. مساعد مخرج محمد سيد جلال.