القاهرة 16 فبراير 2021 الساعة 09:14 ص
تأليف: ألك بندك
ترجمة: د. عبد الله عبد العاطي النجار
يحكى أنه في يوم من الأيام كانت هناك سيدة فقيرة، لديها قطة شرهة للغاية. فكانت هذه القطة تضع أنفها في كل وعاء وتفرك بأنفها في كل مكان. وكانت أفعال هذه القطة تستفز السيدة العجوز بشدة، وتشيطها من الغيظ. وفي إحدى المرات عندما اقتربت القطة من وعاء اللبن لتشمه، ثم تشربه كما هي عادة القطط، قامت العجوز برفع الوعاء من أمامها وأحضرت المقشة وقامت بضربها ضربًا مبرحًا، ثم قالت لها:
أنصتي أيتها القطة، سأقوم بتنظيف المنزل هذه المرة وإن تكرر هذا الفعل منكِ ثانية سأضربك ضربًا مبرحًا وسأكسر قدميكِ، وسأطردك شر طردة.
لم تنتظر القطة طردها، فخرجت من المنزل نحو طرق ومدقات القرية هائمة على وجهها حزينة تتنقل من هنا إلى هناك إلى أن وصلت إلى جسر في وسط القرية وجلست هناك وهي حزينة لما فعلته العجوز معها.
وهناك تحت الجسر، رأت القطة حيوانًا له ذيل، فتعجبت وقالت لنفسها ما هذا الحيوان. ربما يكون ثعلبًا! ذهبت لتلعب في زيله. وعندما همت باللعب بذيل الثعلب، استدار خائفًا وهو ينظر إليها متعجبًا هو الآخر. فلم ير حيوانًا مثلها طوال حياته. ثم تراجع كل منهما عدة خطوات للخلف خوفًا من الآخر. فالقطة أيضًا لم تكن قد رأت ثعلبًا هي الأخرى طيلة حياتها.
ثم سأل الثعلب القطة:
من أنتِ؟ ولماذا تعبثين بذيلي؟
فكرت القطة وقالت في قرارة نفسها لابد وأنه خائف منّي، ومن ثم أجابت بكل فخر واعتزاز، بل وبقوة ورباطة جأش:
من أنت حتى تسألني؟! ألا تشعر بالخزي والعار لأنك لا تعرفني؟! أنا الملك "كاسور" الذي تخشاه جميع الحيوانات.
رد الثعلب:
حقا أشعر بالعار لأنني لم أستطع التعرف عليك ولم أسمع أي شيء عن الملك "كاسور" من قبل.
اعذرني أيها الملك "كاسور" فكل الاحترام والتقدير لك يا مولاي. ولتقبل اعتذاري! يشرفني دعوتك يا مولاي على العشاء في منزلي المتواضع. سيكون هناك دجاج وبط وإوز وما تشتهيه ستجده على مائدة العشاء، يا سيدي.
رد الملك "كاسور":
حسنا.. حسنا، سأذهب معك.
وبالفعل ذهبا معًا إلى منزل الثعلب الذي قام بدوره بطهي الطعام وتجهيز مائدة العشاء بشتى أنواع المأكولات الشهية وقام بتقديمها للملك "كاسور".
ثم أضاف الثعلب قائلًا:
بالهناء والشفاء، يا مولاي! أرجوك تناول الطعام براحتك وكأنك في قصرك.
رد الملك "كاسور":
شكرًا.. شكرًا، أيها الثعلب.
عندما انتهيا من تناول العشاء. قام الثعلب بتجهيز سرير للملك "كاسور". كان سريرًا ناعمًا طريًّا مريحًا، كأسرة الملوك والسلاطين.
قال الملك للثعلب:
يجب أن يسود المنزل الهدوء التام حتى أستطيع النوم.
رد الثعلب:
أوامرك مُطاعة، يا مولاي الملك.
ثم خرج الثعلب ليقف أمام المنزل، لكي يتأكد من عدم اقتراب شيء يُزعج الملك "كاسور" أثناء نومه.
رأي الثعلب أرنبًا يأتي من بعيد فأسرع إليه وقال له:
أيها الأرنب، يجب عليك الفرار من هنا بسرعة. لأن الملك "كاسور" ينام في منزلي الآن، وإن استيقظ بسببك ستكون نهايتك. ارتجف الأرنب وفر مسرعًا إثر سماعه هذه الكلمات المملوءة بالتهديد والوعيد.
وبينما يفر الأرنب مسرعًا من أمام منزل الثعلب، وجد دبة في طريقه فسألته:
لماذا تفر مسرعًا هكذا أيها الأرنب؟! هل تطاردك كلاب الصيد؟
رد الأرنب:
لا تسأليني أيتها الدبة. لقد جئت مسرعًا من أمام منزل صديقي الثعلب الذي حذرني ونصحني بأنه يجب أن أفر مسرعًا لأن الملك "كاسور" متواجد عنده في المنزل وإن استيقظ بسببي ستنتهي حياتي.
استنكرت الدبة حديث الأرنب قائلة في تعجب:
الملك "كاسور"؟! يا صديقي الأرنب، لقد سافرت إلى بلاد كثيرة حول العالم، ولكنني لم أسمع أي شيء عن الملك" كاسور" هذا من قبل.
سأذهب لصديقي الثعلب لأعرف ما هي الحكاية ومن هو "الملك كاسور".
وبالفعل ذهب الدب إلى صديقه الثعلب الواقف أمام المنزل وعندما رآه الثعلب قادمًا من بعيد، نهض من مكانه وقال:
يا صديقي الدب، أرجوك لا تأت من هذه الناحية. إذا استيقظ الملك "كاسور" بسببك ستنتهي حياتك وحياتي أيضًا.
خشي الدب هو الآخر ثم استدار وفر مسرعًا إلى الغابة. وكان الأرنب وصل قبل الثعلب إلى الغابة. التفت حول الأرنب جميع الحيوانات والطيور. ثم حكى لهم الأرنب قائلًا:
يا إلهي! ماذا سيحدث لنا إذا استيقظ الملك "كاسور" وأتي إلى الغابة! حتمًا ستكون نهايتنا كلنا.
كانت جميع الحيوانات ومنها الذئاب، والغزلان، والزراف، والدببة الصغار، والغراب وأيضا النسور والصقور ترتجف من شدة الخوف ولا يعلموا ماذا هم بفاعلين إذا أتي الملك "كاسور" إلى الغابة.
ثم قال الأرنب للحيوانات في الغابة:
اسمعوا يا أصدقائي، خطرت على بالي فكرة ما، سنتعاون جميعًا مع بعضنا البعض ونجهز عشاءً فاخرًا يليق بالملك "كاسور" وندعوه لتناول العشاء معنا. فهو من قبل وافق على تناول العشاء لدي صديقنا الثعلب. فقطعا سيقبل دعوتنا.
وقال الغراب للحيوانات:
أيتها الحيوانات، إذا وضعتم ثقتكم بي، فأنا أستطيع أن أذهب الآن إلى منزل صديقي الثعلب وأدعو صاحب الجلالة الملك "كاسور" على العشاء.
ردت الحيوانات في صوت واحد:
وكيف لا نثق بك، بالتأكيد ثقتنا بك كبيرة وفي محلها، يا صديقنا الغراب.
ذهب الغراب بالفعل إلى صديقه الثعلب وألقى عليه التحية وحكى له على الاتفاق الذي تم مع الحيوانات في الغابة. رحب الثعلب بما سمعه من الغراب وقال له انتظرني لحظات فقط لأرى إن كان الملك "كاسور" استيقظ من نومه أم لا.
ذهب الثعلب إلى غرفة الملك "كاسور" ليتفقده إذا كان قد استيقظ من نومه أم لا. وجد الملك "كاسور" قد استيقظ بالفعل في تلك اللحظة.
سأله الملك "كاسور":
ما الأخبار، أيها الثعلب؟
رد الثعلب:
الأمور على ما يرام يا صاحب الجلالة، ولكن يوجد هنا غراب أرسلته بقية الحيوانات في الغابة كرسول ليدعوا جلالتك على العشاء.
أجابه الملك:
حسنًا، اذهب وبلغ الغراب بأني قد قبلت دعوتهم على العشاء.
أبلغ الثعلب الغراب بالخبر. وبعد ذلك طار الغراب بالخبر عائدًا إلى الغابة في سعادة كبيرة .
وبعد وصول الخبر للغابة، عمت الفرحة وقامت الحيوانات بالاستعداد للوليمة الكبرى وقاموا بإشعال النيران في منتصف الغابة! ثم أحضر الدب لحم ثيران. وقام الذئب بإحضار لحم الحصان، بينما أحضر النسر أنواعًا شتى من الطيور الشهية. وكان الأرنب يقوم بطهي شرائح اللحم الغالية وباقي الحيوانات تقف حول النار منتظرة وصول صاحب الجلالة الملك "كاسور".
وبينما كانت الحيوانات تستعد في الغابة كان الملك "كاسور" أيضا يستعد في هذه الأثناء للذهاب إليهم.
انطلق بالفعل الملك "كاسور" بصحبة الثعلب إلى ضيوفه في الغابة. وكان الغراب يسبقهم طائرًا يرشدهم إلى الطريق الموصل للغابة.
كان من المفترض أن يهبط الغراب على الأرض، إلا أنه أخذ يتنقل من شجرة إلى أخرى ومن هنا إلى هنا محدثًا فوضى في الغابة، خائفًا ومرتعدًا من مشية الملك "كاسور"!
صاح الأرنب:
أترون ما أرى! لقد كشف الملك "كاسور" عن أنيابه وحتما ستكون نهايتنا.
ثم قال الدب:
هيا.. هيا يجب أن نفر سريعًا.
وفرت الحيوانات هاربة من الخوف في شتى الطرق.
ضربت القطة، أقصد الملك "كاسور" كفًّا على كف وقالت:
إذا لم تهرب هؤلاء الحيوانات المجانين لكانت حكايتي تلك أقصد الملك "كاسور" ستستمر وستبقى.