القاهرة 14 فبراير 2021 الساعة 10:37 ص
كتبت: هبة صبحي العسكري
يعد السلطان المملوكي الناصر محمد بن قلاوون من أبرز سلاطين الدولة المملوكية، وقد خاض حروبا ضد الصليبيين والمغول وحروبا أخرى إصلاحية في الداخل ضد الفساد؛ حيث شهدت مصر في فترة حكمه الثالثة نهضة حضارية وعمرانية رائعة لم تشهدها في عهد أي سلطانٍ آخر من سلاطين الدولة المملوكية.
وقد ولد بالقاهرة سنة 1285م، وتوفي بالقاهرة في عام 1341م، يعد تاسع سلاطين الدولة المملوكية البحرية، وكان له ألقاب أخرى مثل أبو المعالي، وأبو الفتح، جلس على مِقعَد السلطنة ثلاث مرات، كانت له مشكلة صحية فكان يعاني من العرج في إحدى قدميه، كان متزوجا ولديه ثمانية أبناء هم: عماد الدين إسماعيل، المنصور سيف الدين أبو بكر، الصالح صلاح الدين صالح، الناصر بدر الدين حسن، المظفر زين الدين حاجي، الكامل سيف الدين شعبان، الأشرف علاء الدين كجك، الناصر شهاب الدين أحمد.
موقع جامع ابن قلاوون:
يقع هذا الجامع فى القسم الجنوبي من قلعة الجبل على يسار الداخل من البوابة الوسطى للقلعة قادما من الباب الجديد، ويعتبر من الآثار المهمة من عصر دولة المماليك وبخاصة لأحد أفراد أسرة قلاوون.
بدأ العمل في هذا المسجد بأمر السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون في سنة 718 هـ 1318م، ولكن في سنة 735 هـ 1334م أمر بهدمه وأعاد بناءه من جديد، ولما انتهى العمل به جلس فيه السلطان واستدعى جميع مؤذني القاهرة ومصر، وجلس القراء والخطباء وعرضوا بين يديه وأنصت لأحلى أذانهم وخطبهم وقراءتهم؛ فرتب عشرين منهم وأوقف أوقافا للصرف عليه.
وصف الجامع:
يعد أحد أبرز المعالم المعمارية للعصر المملوكي وأكبر الجوامع من حيث الحجم، وتخطيطه مربع الشكل وهو من التخطيط الأول للمساجد الذي يتكون من صحن مكشوف تحيط به أربعة أروقة أكبرها رواق القبلة الذي يتكون من أربع بلاطات والأروقة الأخرى يتكون كل منها من بلاطتين فقط، أما القبة التي تعلو المحراب فهي كبيرة بحيث تشغل ثلاث بلاطات مربعة وبأسفلها يوجد شريط كتابي بالخط الثلث يشتمل على آيات قرآنية، وسنة الفراغ من البناء 735 هـ 1334م، والقبة محمولة على أعمدة ضخمة من الجرانيت الأحمر، وبدائر الجامع من أعلى نوافذ كانت مغطاة من الداخل والخارج بشبابيك من الجص تدل بقاياها على مدى ما كانت عليه من الدقة والإتقان، وكانت جدران الجامع من الداخل مغطاة بوزرة من الرخام إلى ارتفاع حوالى 5.5م لم يبق منها إلا أجزاء قليلة، كما كانت أرضية الجامع مفروشة بالوزرات الرخامية.
وللمسجد بابان أحدهما غربي تجاوره مئذنة تمتد ببدنها الأسطواني وقمتها غطيت بالقاشاني، ويقع الباب الثاني بالواجهة الشمالية وفي نهاية الواجهة ترتفع مئذنة ثانية تمتاز بقاعدتها المربعة، ودورتها الثالثة التي غطيت بالقاشاني وعليها كتابة بالخط النسخ نصها (الله لا إله إلا هو الحي القيوم).
ترميم الجامع وإصلاحه:
وفي سنة 1947م قامت لجنة حفظ الآثار العربية بإصلاح وتجديد الجامع، وفي عام 1984م قامت بترميمه وتجديده هيئة الآثار المصرية، وكانت حالة الجامع قد ساءت في العصر العثماني؛ حيث هُدمت قبته وفُقد منبره، وحوله الإنجليز أثناء احتلالهم للقلعة إلى مخزن لمهمات وأسلحة الجيش، كما استخدم أحيانا كسجن.
وفي سنة 1947م أعادت لجنة حفظ الآثار العربية ما تهدم من جدار المحراب، وأعادت بناء القبة الكبيرة أمام المحراب وصنعت له منبرا من الخشب، وكست اللجنة أرضية الجامع بالحجر الجيري بدلا من الرخام، وفي سنة 1984م قامت هيئة الآثار المصريّة بترميم وتجديد الجامع ضمن ما تم ترميمه من المباني الأثرية بالقلعة.