القاهرة 11 فبراير 2021 الساعة 03:24 م
شعر: چان تارديه*
ترجمة: عاطف محمد عبد المجيد
سامحني يا سيّدي
إن كنتُ قد أزْعجتكَ
إذ يا لها مِنْ قبعةٍ عجيبةٍ
تلك التي فوق رأسكْ!
***
أنتَ مخطئ يا سيدي
لأنني لمْ يعُدْ لي
رأسٌ
فكيف تريدني إذنْ
أنْ أرتدي قبعة؟
***
ما هذا الرداء
الذي تتدثر به؟
***
عفوًا يا سيدي
لكني لمْ يعد لي جسدٌ
ما كان لي أصلاً جسدٌ
ولهذا
ما عدتُ أرتدي أي ثيابْ
***
غير أني حين أتحدثُ
تجيبني يا سيدي
وهذا ما يحمسني
أن أستجوبك:
ما هؤلاء الناس
الذين أراهم مجتمعين
قبل أنْ يتقدموا يا سيدي؟!
***
تلك أشجارٌ يا سيدي
لكنها لا تتحركُ
لأنها مقيدةْ
***
سيدي.. سيدي.. سيدي
ما تلك العيون الكثيرةُ
التي توجدُ أعلى رءوسنا
وترى في الليل؟
وما تلك النجومُ التي
تدور حول نفسها
ولا تبصرُ أي شيء
يا سيدي؟
وما هذه الصرخات؟
يُقال في كل مكان:
إنَّ أناسًا يضحكون..
يبكون..
ويكابدون يا سيدي
***
هي ذي المخالب يا سيدي
مخالب المحيط إذن
التي تأكل الصخور العالية
دونما ظمأ أو جوع
وبلا أي شراسة
***
ما هذه الأفعال يا سيدي:
اشتعالُ نيرانٍ/
عواصفُ هواءٍ/
تغيُّرُ كواكبَ/
قرْعُ طبولٍ/
قصفُ رعدْ؟
يقال بأنَّ جيوشًا ترحلُ
نحو الحربِ
دون أنْ يكون لها عَدُوّْ.
***
إنها المادةُ يا سيدي
التي وضَعَتْ بنفسها
وأثْمرَتْ أطفالًا
كي تفتعل الحربْ
***
فجأةً يحدثُ هذا
ويذهلني
لمْ يعدْ ثمَّةَ أحدٌ
غير أني أحدثكَ
وأنتَ تصْغي إليَّ
بحيث تجيبْ
إنها أشياءٌ
لا تَرى ولا تَسْمع أيضًا
لكنها تود أنْ تسْمعَ
وأن تتكلمَ يا سيدي
***
ما هذه القصور يا سيدي؟
حريةٌ.. عما قريبْ
وسجن عما قريب
هذه فكرة هائلةٌ
حيث تعبر الأشكالُ
وتلمع الألوان
كان هذا هو الفضاءُ
والفضاءُ يموتُ
يا سيدي...!
* چان تارديه.. شاعر وكاتب فرنسي كبير ولد لأب رسام يدعى ?يكتور تارديه في الأول من نوفمبر من العام (1903) في سان جيرمان - دي - چو، ورحل عن الوجود في السابع والعشرين من يناير من العام (1995).
حصل على عدد من الجوائز الأدبية الرفيعة منها جائزة الشعر الكبرى من الأكاديمية الفرنسية في العام (1972).
له العديد من الأعمال الإبداعية منها:
ــ النهر المخبأ (1933) ــ قصائد (1944) ــ سيدي سيدي (1951)
ـــ كهذا كذاك (1979).