القاهرة 04 فبراير 2021 الساعة 02:13 م
يدور الحديث في وسائل إعلامنا عن تجديد الخطاب الديني؛ فى محاولة لتنقية تراثنا الدينى من التفسيرات البشرية التي قدمها أشخاص ودعاة وجماعات ونظم لتشويه جوهر الدين في مصر لتحقيق أهدافهم كل فيما يسعى؛ والحقيقة أنه يجب أن يسبق تجديد الخطاب الديني العمل على تجديد كل من الخطابين الثقافي والإعلامي؛ لأنه كلما كانت الثقافة رحبة بالتجديد والانفتاح على الآخر مع الحفاظ على هويتنا المصرية؛ وكلما كان خطابنا الإعلامي موضوعيًّا يقدم الأزمة وحلولها ويتضمن الهامش قبل المركز كلما شكلنا عقلًا نقديًّا لا يقبل بالأشياء على علّاتها.
إذا من أين نبدأ؟ الإجابة تبدأ بتطوير مناهج التعليم، وإدخال مناهج الدراسات الثقافية والمستقبلية في تعليمنا ما قبل الجامعي ثم الجامعي؛ بل ومن خلال دراساتنا ما بعد الجامعية حتى يتكون العقل المصري وينشأ على التفكير العلمي المنطقي عند تعاطيه مع أمور الحياة ككل وما يرتبط بأموره على المستوى الشخصي.
الاهتمام بالفنون الراقية أيضًا من أساسيات تكوين العقل المصري؛ والترويج لفنون الأوبرا والموسيقى، ولكم أن تنظروا إلى الفترة منذ عام 1971 عندما احترقت الأوبرا الخديوية وحتى عام 1988 عندما تأسست دار الأوبرا الجديدة، وهي فترة كانت من أكثر الفترات التي شهدت عمليات عنف من قبل أنصار التيارات المتأسلمة؛ كما شهدت ظهور أنواع من الموسيقى والأغنيات الحافلة بالمعاني الركيكة التي تخاطب الغرائز قبل العقل والوجدان وقادت الشارع حيث لا رجعة مرة أخرى!
أخيرًا، علينا جميعًا أن نبدأ من جديد في دراسة ما حدث للعقل المصري من تراجع سواء على مستوى إنتاجه للأفكار؛ أو مشاركته في تقديم حلول للمشكلات التي تواجه مجتمعنا؛ ويجب على مراكز البحوث والفكر في مصر أن تنشط مرة أخرى؛ وأن تبحث عن عقول منتجة وتشاركها تصوراتها في تقديم مزيد من التحليل وتقديم الأفكار الموضوعية لواقع المشكلات الاجتماعية الراهنة، ومستقبل مجتمعنا وما أصابه من تراجع على مستوى الفكر والثقافة في ظل محاولات تهميش هويتنا المصرية أو فقدان ملامحها في ظل ثورة رقمية ومعلوماتية دولية تقودها شبكة الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي.