القاهرة 03 فبراير 2021 الساعة 03:09 م
كتب: المحرر الثقافي
صدر عن دار الاتحاد العربي للإنتاج الثقافي القاهرة-الشارقة للباحثة التونسية الدكتورة عائدة فرحات؛ النسخة المترجمة باللغة الفرنسية من كتاب "المستصفى في علم أصول الفقه" لحجه الإسلام الإمام أبي حامد الغزالي، ويعد الكتاب محاولة متزنة وجادة من الباحثة التونسية في مجال الدراسات الشرقية والفلسفة العربية.
يقع الكتاب في 220 صفحة من القطع المتوسط باللغة الفرنسية وتقول الباحثة الدكتورة عائدة فرحات عن هذه التجربة وكيف استطاعت التصدي لترجمة قطعة ثمينة من التراث الفكري العربي والإسلامي وتقديمها للغرب بلغته:
ربما قبل الحديث عن ترجمة كتاب المستصفى في علم أصول الفقه، أردت أن أبدأ بالحديث عن سبب اختياري للترجمة عموما، وأنا خريجة جامعة الزيتونة التونسية، فهو لم يكن من محض الصدفة وليس بالامر الهيّن، الترجمة كانت ضرورة لا بدّ منها لأُعالج موضوع أطروحة الدكتوراه بفرنسا؛ الموضوع هو مقارنة بين المستصفى في أصول الفقه لحجة الاسلام أبي حامد الغزالي و "مختصر المستصفى" لأبي الوليد ابن رشد.
وقد ساهم هذا العمل في إظهار حقيقة بيّنة، تأخرنا في إظهارها، ألا وهي أنّ العلاقة الفكرية، ترجع إلى عهد هذين الكتابين سنة 1157، تاريخ كتاب مختصر المستصفى والذي هو اختصار لمستصفى الغزالي.
فضّلتُ أن أنطلق بترجمة كتاب "مختصر المستصفى" لصغر حجمه مقارنة بكتاب المستصفى، هذه الضرورة -وأقصد الترجمة- قادتني إلى أن أفتح قنطرة على الآخر، غير العربي، لأكتب بلغة موليار، إتقان هذه اللغة لم تكن بطبيعة الحال سهلة خاصة وأنّ دراستي كانت باللغة العربية، لكن ميلي لعالم ابن رشد ساعدني كثيرا لأتعلّم و أنتهج لغة موليار.
ابن رشد الحفيد خرق عالمي إثر مشاهدتي لفيلم المخرج الراحل يوسف شاهين ونكبة حرق كتبه "المصير"، صدمة له وقتها وصدمة للمتفرج اليوم؛ نعم ربّما سبب يراه البعض تافها أمام عالِم في المذهب الكوني، لكنه فعلا هو السبب الحقيقي الذي هيّج فيّ شغفي بابن رشد و بطبيعة الحال بالكتاب الأصل "المستصفى".
وقمت بتناول المختصر أولا و تحليله وقدّمته كموضوع لأتحصّل على شهادة الدراسات المعمقة بالمعهد التطبيقي للدراسات العليا (السوربون باريس)، بملاحظة مشرف جدا مع تهاني اللجنة، وقرّرتُ ترجمته إلى الفرنسية كليّا، و صدر في 2011 بفرنسا.
اليوم يصدر لي ترجمة بعنوان "المقدمة المنطقية في كتاب المستصفى"
عن دار الاتحاد العربي مصر-الشارقة، كما قلتُ هذا العمل المقارن يندرج ضمن أطروحة الدكتوراه والتي ناقشتها سنة 2014، و تحصّلت على تقدير مشرف جدا، وأعتبر أنّ مقدمة كتاب المستصفى حول المنطق محور المقارنة بين الكتابين؛ لرفض ابن رشد دمج علم المنطق بالعلم الأساسي للمستصفى والذي هو علم أصول الفقه.
ولعلّي اخترتُ اليوم أن أكتفي بترجمة الجزء المنطقي فقط، اقتداء بمشروع ابن رشد وفصله بين العلوم وتجزئته لمستصفى الغزالي بتصنيفه لكتابين في كلّ علم: "مختصر المستصفى" في علم الأصول و"تلخيص منطق أرسطو" في علم المنطق.
ولستُ أُبرّر الآن بهذا الاختيار موافقتي أو رفضي لإدخال أو فصل العلوم ولكن هي محاولة مني لأُسهّل أولا على نفسي عمل الترجمة وأختزل الوقت، وثانيا لأسهّل على المتلقي فهم العِلْمينِ بفصلهما كلّ على حدة.