القاهرة 19 يناير 2021 الساعة 08:15 ص
بقلم: على سرحان - باحث آثاري
تمسّك المصريون القدماء بوتر السلوك والأخلاق، وتشهد علي ذلك نصوصهم وتعاليمهم ونصائحهم، وقد نهج المصريون القدماء سلوكًا طيبًّا نابعًا عن أصالة أخلاقية ضارية في عروق هذا الشعب، ولم تكن حضارة قدماء المصريين فلتة حضارية في عمر الزمن لأن حضارتهم كانت متفردة بسماتها الحضارية وإنجازاتها الضخمة وأصالتها. وهذا ما أضفى عليها مصداقية الأصالة بين كل الحضارات، مما جعلها أم حضارات الدنيا بلا منازع وهذه الحضارة أكثر مكوثًا وانبهارًا وشهرة بين حضارات الأقدمين.
فلقد قامت حضارة قدماء المصريين بطول نهر النيل بشمال شرق أفريقيا منذ سنة 5000 ق.م إلي سنة 30 ق.م وهي أطول حضارة استمرارية بالعالم القديم، ويقصد بالحضارة المصرية القديمة من الناحية الجغرافية تلك الحضارة التي نشأت بالوادي ودلتا النيل حيث كان يعيش المصريون القدماء، ومن الناحية الثقافية تشير كلمة الحضارة للغتهم وعباداتهم وعاداتهم وتنظيمهم لحياتهم وإدارة شئونهم الحياتية والإدارية ومفهومهم للطبيعة من حولهم وتعاملهم مع الشعوب المجاورة.
ونهر النيل الذي تدور حوله حضارة قدماء المصريين ينبع من فوق هضاب الحبشة بشرق أفريقيا ومنابع النيل بجنوب السودان متجها من السودان شمالا لمصر ليأتي الفيضان كل عام ليغذي التربة بالطمي، وهذه الظاهرة الفيضانية الطبيعية جعلت اقتصاد مصر في تنام متجدد معتمدًا أساسًا علي الزراعة ومما ساعد على ظهور الحضارة أيضا خلو السماء من الغيوم وسطوع الشمس المشرقة تقريبًا طوال العام لتمد المصريين القدماء بالدفء والضوء.
ومن المناظر الفريدة للقدماء التى تدعو إلى التأمل وتلفت الانتباه مشاهد انتصار الملوك وتصويرهم وهم ممسكون بالأسرى، تلك المناظر التي حملت فى مضمونها العزة والكرامة لملوك حملوا على عاتقهم مهمة أمن واستقرار مصر داخليًّا وخارجيًّا، ومن أشهر تلك المناظر مناظر انتصار الملك منتوحتب نب حبت رع مؤسس الأسرة الحادية عشرة وموحد القطرين، حمل منتوحتب تلك المسئولية التي واجهته وفي سبيل توحيد شطري مصر وكان من أعظم تلك المناظر لوحة النصر الشهيرة والتى كشف عنها بمنطقة الجبلين جنوب الأقصر.
اللوحة من الحجر الجيري للملك منتوحتب، ظهر نوع من تلك اللوحات للملك منتوحتب وهى الدعاية السياسية لتوطيد حكمه للبلاد وانتصاره على الأعداء، وفي سياق ما ذكر وصور على تلك اللوحة سجلان؛ الأعلي مفقود منه جزء من اللوحة ويمثل تتويج الملك منتوحتب وانتصاره على الأعداء حيث يظهر زوج من الأرجل ونقبة ملكية متعددة الطبقات يقبض الملك على صولجان الواس أمامه حلقتان غير مكملتين تحتهما أربع أوانٍ، أما الجزء الأسفل فيصور الملك وهو يضرب أربعة من الأسري، ميز الأعداء كل واحد منهم بشعاره الأول من المصريين والثاني من النوبيين "سيتيو" والثالث من الأسيويين (Sttyw) والرابع "تحنو" من الليبيين اللوحة تؤرخ بالأسرة الحادية عشرة وتم اكتشافها عام 1819م وهي محفوظة بالمتحف المصري بالقاهرة ونقلت حاليًا لمتحف العريش، وتم تصوير الأعداء وهم عراه كعلامة على حرمانهم من الحقوق وتم تميزهم بألوان مختلفة.