القاهرة 14 يناير 2021 الساعة 06:34 م
كتبت: هبة صبحي العسكري
شهدت دولة المماليك براعة بالعمارة الإسلامية والتوسع في بناء العديد من المساجد والمدارس والمستشفيات علي طراز يصنع الاختلاف، ومن أبرز معالم العمارة المملوكية مسجد السلطان المؤيد شيخ، وهو الملك المؤيد أبو النصر شيخ بن عبد الله المحمودي الظاهري، ويعد المؤيد من سلاطين الدولة المملوكية البرجية (الشراكسة) في مصر.
وقد اعتلى عرش مصر سنة 1412 وعمره 44 عاما تقريبا، وحكم إلى حين وفاته في 13 يناير 1421 في القاهرة، ولكن هناك قصة ارتبطت بهذا الجامع من حيث نشأته، فقد سجن الشيخ المؤيد وهو مملوك صغير في سجن من أبشع السجون في ذلك الوقت كان يسمى بخزانة شمائل وقد تم بناؤه في العصر الأيوبي بجوار باب زويلة، وقد نذر نذرا وقام بالوفاء به بالفعل بعد أن تولى السلطنة حيث قام ببناء مسجده الشهير "جامع المؤيد" في نفس موضع السجن الذي كان مسجونا فيه.
تكوين الجامع:
يتكون الجامع من صحن مكشوف، ويقع في وسطه ميضأة، وحوله أربعة أروقة أكبرها رواق القبلة، أما باب الجامع الرئيس فشاهق الارتفاع ومكسو بالرخام الملون وأيضا المقرنصات، وتقوم مئذنتا الجامع فوق برجي باب زويلة الملاصق، وكان للجامع مئذنة ثالثة ولكنها انهارت.
أما عن محراب الجامع فهو مغطى بالرخام الملون، كما يوجد للجامع قبة حجرية مزخرفة من الخارج بأشكال هندسية بديعة الجمال وشبابيك رواق القبلة مصنوعة من الزجاج الملون والذي يلقي بألوانه فوق المصلين.
ومن أجمل القطع الفنية في الجامع بابه الخشبي المطعم بالنحاس، وقد تم نقله من مسجد السلطان حسن عند بناء الجامع، ويوجد أيضا للجامع منبر خشبي دقيق الصنع مُطعم بالحشوات العادية، أما عن دكة المبلغ فمصنوعة من الرخام ومكتوب فوقها نص نشأة الجامع "باسم السلطان المؤيد".
وملحق بالجامع ضريح مدفون فيه السلطان المؤيد وابنه الأكبر تعلوه قبة تحملها صفوف من المقرنصات ويوجد ضريح آخر للنساء.
وقد استغرق بناء الجامع ست سنوات وتكلف حوالي 70,000 ألف دينار.
وقد بُني على أبهى صورة كما قال عنه المؤرخ الشهير المقريزي: "فهو الجامع لمحاسن البنيان، الشاهد بفخامة أركانه وضخامة بنيانه، إن منشئه سيد ملوك الزمان، يحتقر الناظر له عند مشاهدته عرش بلقيس وإيوان كسرى أنو شروان، ويستصغر من تأمل بديع إسطوانة الخورنق و قصر غمدان، ويعجب من عرف أوليته من تبديل الأبدال".
وشهد جامع المؤيد شيخ العديد من أعمال الترميم، فقديما قام بعمارته الأمير يشبك بن مهدي سنة 1479م بأمر من السلطان الأشرف قايتباي، وبسبب تميزه وتفرده فقد حظى بالاهتمام في العهد العثماني، وظلت شعائره قائمة ودروسه مستمرة، إلى أن ضرب بالمدافع حينما احتمت به جماعة من الثائرين على الحكم العثماني مما أدى إلى هدم بعض جدرانه وأروقته في عهد الوالي العثماني أحمد باشا، وهو ما جعله يظل قرونًا دون ترميم، ولكنه رُمم مؤخرًا بشكل يطابق تصميمه الأصلي باستثناء مئذنته الثالثة، وخصوصًا إيوان القبلة والمداخل والقباب، بالإضافة إلى بناء الإيوانات الثلاثة المكملة، وقد تم افتتاحه بعد تجديده وترميمه في يوليو 2007م.