القاهرة 05 يناير 2021 الساعة 08:44 ص
بقلم: هيرمان هسه
ترجمة صلاح صبري
يُحكى أنه في قديم الزمان كانت هناك سيدة شابة تُدعى "السيدة ماري"، وكان لها أخَوان. وفي يوم من أيام الصيف، ذهبوا معًا إلى بيتهم الريفي الذي لم يزوروه من قبل.
وقد أتى لزيارتهم عِلية القوم، ومن بينهم "السيد ثعلب"، وهو رجل أعزب فرحوا به جميعًا، وخصوصًا "السيدة ماري". صار يتردد عليهم كثيرًا ليتناول العشاء معهم، وكثيرًا ما كان يدعو "السيدة ماري" لزيارة منزله. وذات يوم، خرج أخواها وتركاها في البيت، ولم تجد ما تفعله أفضل من الذهاب إلى هناك، فذهبت وحدها. عندما بلغت المنزل وطرقت الباب، لم يُجِبها أحد. بعد وقت طويل، فتحت الباب ودخلت؛ وفوق البوابة كان مكتوبًا: "كوني شُجاعة.. كوني شجاعة.. ولكن احذري". تقدَّمتْ؛ وعند السلّم وجدت اللافتة نفسها. صَعِدتْ؛ وعند مدخل الرَّدْهَة، وجدت الكتابة نفسها مرة أخرى. واصلت تقدمها، وفوق باب إحدى الغرف قرأت: "كوني شجاعة.. كوني شجاعة، ولكن احذري.. وإلا تجمدت الدماء في قلبكِ!". فتحت الباب؛ كانت الغرفة مليئة بهياكل عظمية، وأحواض من الدماء. تراجعت مرعوبة، وعندما وصلت إلى الطابق الأرضي، رأت، من إحدى النوافذ، "السيد ثعلب" متجهًا ناحية المنزل وفي إحدى يديه سيف، بينما يجر بالأخرى فتاة من شعرها. "السيدة ماري" لم يسعفها الوقت إلا بأن تخفض رأسها بسرعة لتختبئ تحت السلم قبل أن يصل "السيد ثعلب" وضحيته إلى عتبته. وبينما يجرجرها "السيد ثعلب" صاعدًا السلم، أمسكت السيدة الشابة بالدرابزين بيدها، وكان حول معصمها سوار ثمين. ضرب "السيد ثعلب" هذه اليد بسيفه ضربة قوية فبترها. طارت اليد والسوار فسقطا معًا في حجر "السيدة ماري"، التي استطاعت أن تهرب لتصل بسلام إلى بيت أخويها. بعد أيام قليلة، أتى "السيد ثعلب" ليتناول معهم العشاء كعادته. وبعد العشاء، أخذ كل واحد من الضيوف يحكي ما لديه من الحكايات الطريفة، وقالت "السيدة ماري" إنها ستقص عليهم حلمًا مدهشًا رأته مؤخرًا. قالت: حلمتُ يا "سيد ثعلب" بأنني ذاهبة- كما دعوتني كثيرًا- لزيارة بيتك في صباح يوم من الأيام. وعندما وصلتُ إلى البيت، طرقتُ الباب، ولكن لا حياة لمن تنادي. وعندما فتحتُ الباب قرأتُ: "كوني شجاعة.. كوني شجاعة.. ولكن احذري". ثم أضافت وهي تبتسم مخاطبة "السيد ثعلب": "ولكن هذا ليس حقيقيًّا.. ولم يكن حقيقيًّا". ثم واصلت حكايتها وهي تختم كل فقرة قائلة: "هذا ليس حقيقيًّا.. ولم يكن حقيقيًّا". ولما وصلت إلى مشهد الغرفة المليئة بالهياكل العظمية، تولى "السيد ثعلب" السرد نيابة عنها قائلاً: "هذا ليس حقيقيًّا.. ولم يكن حقيقيًّا .وحاشا لله أن يكون كذلك!" ثم ظل يردد هذه العبارة في نهاية كل مشهد من القصة المرعبة، إلى أن وصلت "السيدة ماري" إلى مشهد بتر يد السيدة الشابة، حيث ظل يردد كعادته: "هذا ليس حقيقيًّا.. ولم يكن حقيقيًّا.. وحاشا لله أن يكون كذلك!" فَرَدَّتْ عليه "السيدة ماري":" ولكنه كذلك.. وكان كذلك.. وإليكم اليد التي تثبت ذلك!". عندئذ أخرجت اليد المبتورة والسوار من حجرها، فسحب الضيوف سيوفهم، وعلى الفور انهالوا على "المستر ثعلب" طعنًا وضربًا حتى مزقوه إربًا إربًا.