القاهرة 08 ديسمبر 2020 الساعة 10:04 ص
بقلم: رشا كمال منسي محمود
تمثل عملية التسجيل والتوثيق خطوة مبدئية مهمة تجاه منظومة متكاملة للحفاظ على التراث الثقافي والتاريخي عامة والمغمور بالمياه بشكل خاصة، وقد تأثرت عمليات التسجيل والتوثيق على مر العصور المختلفة بالتسارع في التطور التكنولوجي المصاحب لها، فكان التطور التكنولوجي ثورة علمية فى شتى المجالات، مما أدى لتطور أنظمة المحاكاة الحاسوبية وأنظمة الواقع الافتراضي فتم استخدام الأدوات التي يتيحها كل عصر بدءا من الرسومات الحرة والهندسية والرفع المعماري مرورا باستخدام التصوير الفوتوغرافي والفيلم وانتهاء حاليا بالمسح الليزري وتقنيات الواقع الافتراضي إلى أن أصبحت عمليات التوثيق تتم رقميا".
فعملية التسجيل هي أول ما يقوم به المرمم عند التعامل مع الأثر، وهي عملية رصد و تدوين مظاهر السطح الخارجي بالطرق التقليدية مثل الرسم الحر والهندسي والرفع المعماري، أو الطرق الحديثة مثل التصوير الفوتوغرافي و الفيديو Photoshop, 3 DMAX, AutoCAD والتصوير بالليزر واستخدام البرامج الهندسية الحديثة المختلفة مثل
ويقوم بعملية التسجيل فنيون متخصصون كالرسام والمرمم والمصور، أما عن عملية التوثيق فيمكن تعريفها أنها عملية إرجاع الأثر لحقبته الزمنية وإعطائه كافة قيمه الفنية والجمالية والتاريخية والمعمارية مع جمع كل ما يخص الأثر من معلومات ووثائق وتجميعها في ملف واحد، يقوم بعمليه التوثيق الأثري المختص بحقبته الزمنية.
تبدأ عملية التسجيل في المواقع الثقافية المغمورة بالمياه عندما يتم العثور على شيء ذي طبيعة أثرية بتوثيق الموقع الذي أُكتشفت فيه القطع الأثرية توثيقا "شاملا" من دون أي تدخل سلبي مع تسجيل الملاحظات الميدانية والرسوم والتقاط الصور الفوتوغرافية، أو التسجيل بواسطة الوسائط الأخرى.
وينبغي توثيق وتسجيل جميع مراحل وخطوات الاكتشاف وتقييم وترميم الأثر، ويكون الهدف الأول من التوثيق في بداية العمل الميداني هو ضمان أن يكون وصف الموقع وصفا "كاملا وواضحا ودقيقا" وكذلك جميع العمليات الميدانية والمشاهدات بما في ذلك التنقييب.
فبعد الانتهاء من عملية تسجيل الموقع الأصلي الذي تم فيه الاكتشاف و تسجيل أبعاده العمودية والأفقية يجب القيام بقياس أبعاد المادة الأثرية، والتي يمكن قياسها بالطرق التقليدية المتبعة، ولكن نظرا" لهشاشية الآثار العضوية وتغيرها الحجمي الناجم عن الحياة البحرية لابد أن تقاس أبعادها المادية بعد وقت قصير من استخراجها من قاع البحر للحفاظ عليها واستعادة جميع عناصرها الأثرية بسرعة وبأحدث الأساليب ولسوء الحظ، فإن تواجد عدد كبير من القطع الأثرية يجعل تكلفة مثل هذه العملية باهظة، لهذا السبب فالتقنيات الرقمية بالنسبة للتوثيق والترميم والعرض والحفظ ، يتم النظر فيها من قبل العديد من المؤسسات العاملة بميزانيات محدودة، حيث يتم تسجيل وتوثيق حجم بعض العينات العضوية في وقت قصير من انتشالها بإستخدام تقنية التصوير الرقمي ثلاثي الأبعاد والذي أثبت فاعليته خاصة في حالة الأخشاب المغمورة في الماء حيث قدم أدوات تحليل مبتكرة تتراوح ما بين إمكانية تكبير النموذج لفحصه وقياسه، وإظهار التفاصيل الصغيرة على االسطح وفهم طريقة النجارة من خلال علامات الأداة المستخدمة، بجانب إمكانية إنشاء قطاعات عرضية وأفقية للعنصر الأثري دون تدميره هذه التكنولوجيا أيضا تسمح باستنساخ العنصر الأثري للعرض المتحفي باستخدام خاماته الأصلية وتقنيات التصنيع القديم.بعد ذلك تتم عملية التصوير الفوتوغرافي والتي تُعد أهم الوسائل المستخدمة في تسجيل وتوثيق الآثار، للحفاظ على المعلومات للأجيال المقبلة، بالإضافة للاستخدام في المستقبل في أعمال الترميم والدراسات التاريخية، حيث يجب أن تكون على أعلى قدر من الجودة، حيث أنها تفيد في عمليات الأرشفة بشكل أساسي، للتعرف على أي فقد أو تغير يمكن أن يحدث في مظهر المادة الأثرية، فالصور الفوتوغرافية المستخدمة في الأرشيف ينبغي أن تتم مع فيلم الطباعة بالأبيض والأسود، أما اللون الرقمي في التصوير الفوتوغرافي مفيدا للمنشورات والعروض والمحاضرات، والذي يجب أن يستخدم بالإضافة إلى الطباعة بالأبيض والأسود المستخدمة في الأرشفة، والتي تعتبر أساس عملية الأرشفة الفوتوغرافية وليس بدلا منها.
بالإضافة إلى أن اللقطات الكلية للأخشاب تكون صعبة، لأنها غالبا ما تتطلب مساحة كبيرة، لذلك يجب أن تُؤخذ الصور من الزوايا والأبعاد المختلفة و المفاصل وعلامات الأداة المستخدمة في النجارة ومناطق التلف، كما أن تجهيز القطع الكبيرة أو الحساسة للتصوير والقيام بالتصوير يجب أن يتم بواسطة مختص الأخشاب ويمكن استخدام الضوء الطبيعي و الصناعي في التصوير بشكل منفصل أو كمزيج، ولكن تبعا للمعايير القياسية المتفق عليها. حيث أن التعرض المفرط للضوء بأشكاله المختلفة يتسبب في حدوث تلف غير استرجاعي، كذلك الخلفيات البيضاء أو المظلمة، يجب عادة تجنبها، ومن شروط التسجيل الفوتوغرافي مراعاة وضع مقياس للتصوير، ورقم لكل قطعة خشبية، والحفاظ على مسافة ثابته بين مصدر التصوير و الأثر نفسه..
ويجب أن يقوم التوثيق بوصف القطع وفهرستها وتوفير وصف دقيق ومفصل للقطعة وهو ما يطلق عليه تحديد هوية القطعة، ويشتمل على تاريخ وموقع الاكتشاف ونوع القطعة ومادة الصنع هو ما يعرف على الصعيد الدولي باسم ID Object، وتقنية الأثروالأبعاد والنقوش والعلامات والسمات المميزة والعصر الذي يعود إليه الأثر وبداية ونهاية الترميم والنشر.
ويعتبر التوثيق الأثري أول مراحل الترميم السليم، حيث أنه خطوة مهمة تسبق غيرها من مراحل الترميم، حيث يتم عمل فحص مبدئي للأثر وتسجيل ما به من مظاهر تلف مختلفة ومسبباتها من عوامل التلف والمخاطر والمهددات التي قد تواجهه، لذلك يساعد المرمم في تحديد درجة التلف لسرعة القيام بأعمال الصيانة والترميم مع وضع استراتيجية للصيانة الدورية وأعمال الحماية الدائمة للأثر كما أنه بمثابة وثيقة أمان بالنسبة للأثر والمرمم بالإضافة إلى أنه لابد من توثيق أعمال الصيانة الناجحة وغير الناجحة لتجنب استخدام المواد غير الناجحة فما يتم من أعمال التسجيل والتوثيق قبل وأثناء وبعد عمليات الترميم بمثابة مرجع للنشر العلمي.
المراجع:
1- ii The UNESCO Convention on the protection of the under water culture Heritage
2- Remonding, Fabio et al 2009.
دليل الأعمال الموجهة للتراث الثقافي المغمور بالمياه، ارشادات لملحق اتفاقية اليونسكو 2001 3-