القاهرة 24 نوفمبر 2020 الساعة 10:24 ص
بقلم: أسماء هاشم
مصادفة قادتني لصفحة على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك الصفحة تحمل عنوان جروب أمهات مصر المعيلات.. وبقليل من المتابعة عرفت أنها صفحة تهدف إلى تقديم الدعم النفسي والقانوني للآلاف الأمهات المعيلات. كل واحدة منهن حكاية تختلف في التفاصيل ويجتمعن على ضياع حقوقهن وحقوق أبنائهن، لهاثهن خلف القضايا المؤجلة واستغلال المحامين وتباطؤ القضاء. كل منهن قصة ملخصها زواج وانفصال وأولاد تتحمل مسؤوليتهم الكاملة بعد تخلي الأب وكأنه يربيهم من أجلها وليس أولاده.
حكايات كثيرة تروى على ألسنتهن عن القضايا المؤجلة والنفقات المتأخرة والبحث عن كل السبل التي توفر لها ولأولادها ما يسترهم وفقط، خاصة أن الأهل يحملون المرأة مسؤولية الطلاق مهما كانت الظروف وغالبا يضيقون عليها الخناق من أجل الأولاد الذين لا ينفق الأب عليهم وربما يرون أنهم أتموا رسالتهم بتزويج ابنتهم وليس في مقدورهم تربية صغار آخرين يحملون اسم أب آخر تخلى عن ابنتهم في منتصف الطريق بين النجاة والضياع!
اختصار المعاناة في ثلاث كلمات زواج – طلاق – تخلي. نعم يتخلى الأب عن أولاده وكأنه كان ينفق عليهم (محبة للست مراته) وليس لأنهم أولاده. تخلي الآباء عن أبنائهم ليس من باب تضيق الخناق على الأم وإرغامها على العودة أو التنازل عن كافة حقوقها؛ لكنه في بعض الحالات التي تابعتها هو استمرار لسلوك الأب الذي لم ألقى عليها المسؤولية منذ البداية. معظمهن أجبرن على تحمل مسؤولية البيت المالية كاملة حتى إن معظمهن ضقن بكل الأعباء والمسؤوليات التي يضاعفها وجوده فتنازلن عن حقوقهن الزوجية مقابل الحصول على الطلاق.
معاناة الأمهات المعيلات في باب النفقة يتلخص في تحايل الزوج على القانون وإخفاء الدخل الحقيقي له بطرق عديدة وأيضا في استغلال المحامين الذين يتقاضون أتعابا مضاعفة من أجل حصول الأم وأولادها على حكم بالنفقة حكم مؤجل غالبا إذ يواصل الأب التحايل بمساعدة العارفين بثغرات القوانين من المحامين على تأجيل السداد فيتم اختصار النفقة في مبلغ زهيد يمنحه بنك ناصر وحتى تحصل على هذا المبلغ الزهيد عليها سلك طرق عديدة والطرق على عدد من المكاتب وتقديم الأوراق المدعومة التي تؤكد حصولها على حكم نهائي بالنفقة.
مع كل قصة معاناة أتابعها أجدني أتساءل: لماذا يحمل الجميع الأم العبء كاملا؟ وهي زوجة عليها كافة المهام باستثناء العبء المادي الذي غالبا يكون مشاركة بين الزوجين في حالات السلام الزوجي. وهي مطلقة عليها كافة المهام أيضا بالإضافة إلى أعباء الوضع الجديد أوضاع مادية ونفسية واجتماعية إضافة إلى كل ما سبق من أعباء متابعة القضايا واستغلال المحامين و....
وتسألت لماذا لا يوجد قانون يلزم الأب بالأنفاق على أولاده دون اللجوء للتقاضي الذي قد يمتد من شهور لعدة سنوات في وقت الأطفال في أمس الحاجة لنفقة الأب وفي وقت تحتاج فيه الأم إلى مؤازرة الجميع لتكمل المسيرة بمفردها لتصل بهؤلاء الصغار لبر الأمان بدلا من تواطؤ الظروف لتشريدهم وسلبهم أمانهم ومستقبلهم الجميل المرجو؟ لماذا لا يوجد قانون تمنح الأم الحاضنة نفقة لصغارها بمجرد اثبات عدم الانفاق أو وقوع الطلاق ويكفي المحاكم مستند واحد يفيد انتماء هؤلاء الصغار لهذا الأب؟!
ألا يكفي أن يكون هذا الرجل أب لهؤلاء الصغار لينفق عليهم؟! لماذا لا تقدر القوانين نفقة تتفق وظروف الحياة تصرف دون عوائق أو إجراءات تقاضي ولا ترتبط بيسار الزوج ثم يكون التقاضي فيما بعد من الأم أو الأب لإثبات يسار الأب ودخله الحقيقي؟!
هل نطمع في قانون كهذا يلزم الأب بالإنفاق دون رحلة الإجراءات المعقدة التي قد تنهار خلالها الأم التي صارت السند الوحيد لأولادها وقبل أن يتغير مسار حياة هؤلاء الصغار من تلاميذ في المدارس إلى باحثين عن العمل أو متسولين على أرصفة الشوارع.