القاهرة 24 نوفمبر 2020 الساعة 10:17 ص
بقلم: د. هبة سعد الدين
صدمتني الأرقام الخاصة بصناعة السينما النيجيرية، فالأرقام لا تكذب ولا تتجمل، لكنها فى ذات الوقت طرحت الكثير من الأسئلة؛ فكيف لصناعة بدأت تتطور منذ التسعينيات أن تحتل المركز الثالث بعد هوليود وبوليود؛ وفقاً لتقارير اليونسكو وتنتج سنوياً أكثر من ألفى فيلم لذلك منطقياً أن يعمل بها مليون شخص؟؟
تجربة تطرح الكثير من الأسئلة خاصةً أنها تعد وليدة مقارنةً بتاريخ أى مهرجان سينمائى عريق لدينا و نشأة السينما فى مصر التى كانت في مدينة الإسكندرية عام 1896 أى بعد أقل من عامين على أول عرض سينمائى في باريس عام 1895 ، وتوالى الانتاج بعد ذلك كماً وكيفاً.
لقد أصبحت السينما النيجيرية "نوليوود" فى هذا المركز كماً من خلال إنتاجها سنوياً العديد من الأفلام المميزة وكيفاً من خلال اعتمادها على فكرة الانتاج الكثير قليل التكلفة التى بدأتها السينما الهندية واحتلت بها المركز الثانى على مستوى العالم وقدمت نوليود أفلامها باللغة الإنجليزية ونشرتها على مستوى العالم وذلك من خلال الجاليات النيجيرية المنتشرة والتى تم استخدامها كمحاور تعمل على نشر الأفلام ومنحها الفرص للمشاركة فى المهرجانات والفوز بالجوائز العالمية؛ لكن البداية لهذه التجربة كان منبعها الرغبة فى إنتاج أفلام مستقلة كثيرة العدد تحصد الأموال من خلال انتشار مراكز التوزيع، ذلك الربح جعل الدولة تتدخل ليصدر الرئيس النيجيرى السابق جوناثان جودلاك عام 2011 قراراً بإنشاء صندوق لدعم "نوليوود" بدعم مائتي مليون دولار، ثم منح تدريب وتنمية مهارات السينمائيين بسبعة عشرة مليون دولار فى 2013، تلك الأرقام ليست مبالغ فيها أو بعيدة عن يد الدولة المصرية والتواريخ الزمنية القريبة جداً والتى لم تتجاوز العشر سنوات جعلت تلك الصناعة الثقافية تمنح نيجيريا تواجداً على الساحة السينمائية عالمياً ً ومنحتها مليارات الدولارات فى ميزانية الدولة أصبحت مصدر دخل مهم بعد النفط والزراعة!!
لقد أصبحت السينما النيجيرية فى سنوات قليلة مصدر إلهام ومحور طرح الأفكار حول تلك التجربة التى قدمت تجارب مميزة ومواهب متنوعة واستطاعت غزو العالم بأفكار سينمائية وتسويقية، فازدادت الأفلام النيجيرية وجنت الدولة مليارات الدولارات.
إن قوة مصر الناعمة المفقودة فى هذه الفترة الحرجة من تاريخ الوطن؛ والتى لازلنا نبحث عنها هى القادرة على التأثير وعلاج الكثير من المشكلات التى يعانى منها المجتمع، ويمكنها فى ذات الوقت أن تصبح مصدر دخل للدولة وتسهم فى نمو الإنسان والارتقاء به.. أفكار التجربة النيجيرية ليست صعبة التنفيذ بل على العكس يمكننا أن نتجاوزها نحو الأكثر تأثيراً والأسرع نتيجةً، ونحن أحوج ما نكون لذلك.. فهل نفعل؟