القاهرة 17 نوفمبر 2020 الساعة 11:05 ص
بقلم: د. هبة سعد الدين
اختتمت فعاليات مهرجان الإسكندرية السينمائي فى دورته السادسة والثلاثين لدول البحر المتوسط منذ أيام بهدوء؛ نظراً للعديد من الأسباب التى لسنا بحاجة للحديث عنها؛ لكنه فى ذات الوقت قدم فى إطار فعالياته عرضاً لخمسة أفلام قصيرة من انتاج وزارة التضامن الاجتماعي كمشاركة في المهرجان بهدف توثيق التنمية المجتمعية سينمائيا؛ ليس هذا فحسب؛ بل أقيمت ندوة بعد عرض فيلم "نساء التضامن" للوزيرة نيفين القباج، عن طريق "الفيديو كونفرانس" شارك فيها عدد من الفنانين والمتخصصين والجمهور، كان جانباً من حوارها حول إسهام السينما فى طرح قضايا المجتمع والتى أدت إلى تغيير بعض القوانين، والجميل أن الحوار طرح العديد من الجوانب الخاصة بمعالجة السينما لقضايا المواطن و إلقاء النظر عليها لإثارة حوار مجتمعي قد يسهم فى حلها، وذلك جانب من دور السينما.
لذلك فمشاركة وزارة التضامن فى مهرجان سينمائي بهذه الصورة نقطة مضيئة لجهد الوزارة والقائمين على المهرجان، وكأنها دعوة مباشرة للاهتمام بموضوعات المواطن الإنسان فالأفلام التى شاركت: "نساء التضامن" الذي يتناول البرامج المتاحة للمرأة لمساعدتها على تجاوز عقبات الحياة.. وفيلم "ديارنا الفيوم" عن سيدتين من الفيوم اشتهرتا بصناعة الخوص والخزف، وفيلم "حياة جديدة"، عن توظيف ذوي الإعاقات السمعية في مختلف الوظائف بكبرى الشركات، وفيلم "التدخل السريع" والتعامل مع الحالات التي يتم الإبلاغ عنها وإيداعهم دور الرعايا. وفيلم "فرصة تانية" عن تطوير المؤسسة العقابية بالمرج.
هذه الأفلام جاءت بها الوزارة من الواقع وقدمتها بلغة سينمائية لتصبح أقرب إلى ذهن المشاهد؛ ليرى المشكلات وعلاجها وهى رؤية تقَرب المسافة ما بين القرارات وواقعها الإنساني، والمفاجأة أن الوزارة تقوم بترجمة كافة برامجها التنموية إلى أفلام تسجيلية قصيرة، فقد قدمت أكثر من خمسين فيلماً فى حوالى أربع سنوات، شاركت بها فى العديد من المهرجانات المحلية والعربية والدولية وحصلت على الجوائز!!
تعامل وزارة التضامن مع القرارات والمشروعات الخاصة بمشكلات المواطن، وإعادة تقديم ذلك بلغة سينمائية؛ رؤية مميزة متكاملة تدرك أهمية الفن ودوره فى المجتمع، لكن تلك الرؤية ستكتمل بعرض الأفلام للمواطن المصرى الذى لا يعرف عنها شيئاً وبمشاهدته لتلك الأفلام سيدرك جهد الوزارة ورؤيتها وواقعها وسينمو لديه الحس الجمالي.
لقد كان تراجع دور الدولة فيما يتعلق بالفن بوجه عام والسينما بوجه خاص؛ محوراً للحديث على مدى سنوات، وها هى رؤية وزارة التضامن تضيء السينما والواقع وتخلط بينهما وتعيد إنتاج كل ذلك؛ بل تدعو لإنتاج اعمال سينمائية تتجه مباشرة للمواطن بأفكار جديدة، وذلك ما يجعلنا نتساءل: لماذا لا يتم تعميم تلك الرؤية المميزة لفن السينما لنرى تجارب مختلفة تسهم فى دعم جهود الدولة وتقدم فناً سينمائياً يرقى بالمواطن.
لقد كانت تجربة توثيق بناء السد العالى من خلال السينما التسجيلية والعديد من المشروعات والأحداث المحورية فى تاريخ الوطن بلغة بصرية سينمائية جانباً من تاريخ السينما التسجيلية والأفلام القصيرة التى تعد شريان الفن السينمائى ونهراً منح المبدعين الكثير من الفرص، فلماذا لا يتم التفكير فى أن تصبح القرارات الصامتة أفلاماً سينمائية يبدعها شباب السينمائيين الباحثين عن فرصة لأحلامهم وأفكارهم ويراها جمهور فى حاجة إلى فن يملأ عقله ووعيه وروحه بالجمال؟