القاهرة 27 اكتوبر 2020 الساعة 08:07 ص
بقلم: د. فايزة حلمي
ما هي "إكولاليا" "Echolalia"؟!
إيكولاليا "الصدَى" هو تكرار العبارات أو الكلمات أو أجزاء من الكلمات، بمعنى أنه "صَدَى" لِما يسمعه الطفل، قد تكون إيكولاليا علامة على إعاقة في النمو، أو أحد أعراض الاضطرابات المختلفة بما في ذلك إصابة الدماغ والفصام، ولكنه غالبًا ما يرتبط بالتوحد؛ وEcholalia هو شكل فريد من أشكال الكلام، وإذا كان طفلك مصابًا بالتوحد فقد يكون أحد الطرق الأولى التي يستخدم فيها طفلك الكلام للتواصل..
يمر معظم الأطفال الصغار تقريبًا بمرحلة يكونون فيها "ببغاء" للكلمات والعبارات التي يسمعونها، فالتقليد هو طريقة فعّالة لتجربة الأصوات المختلفة وممارسة مهارات اللغة الاجتماعية الناشئة.. هذه مرحلة طبيعية في تطوير اللغة.
ولكن ماذا يعني عندما تتجاوز هذه المرحلة؛ سنوات الطفولة المبكّرة؟ ما هي وظيفة الإيكولاليا" echolalia"؟
في كتابها "مساعدة الأطفال المصابين بالتوحد في التعلم"، كتبت الكاتبة Bryna Siege "هناك نوعان أساسيان من الصدى الصوتي: الصدى الفوري وتأخر الصدى، ويخبرنا وجود هذه الأشياء شيئًا عن كيفية محاولة الطفل؛ معالجة اللغة".
الإيكولاليا الفورية:
عندما يكرر الشخص شيئًا سمعه للتو، فإن ذلك هو صدى فوري، فإذا قالت الأم "حان وقت الاستحمام"، يكرر الطفل، "حان وقت الاستحمام".. وتُعلّق سيجل أنه من خلال تكرار الكلمات، فإن الطفل يثبت أنه يمكنه السمع بدقة، ويمكنه إنتاج الكلام ويمكنه تذكّره لفترة كافية بما يكفي لترديده.. الخطوة التالية هي فهم الكلام، الذي قد يستغرق شهورًا أو سنوات لتطويره.
سبب Echolalia الفورية:
* وسيلة للتواصل:
وكأن الذي يعاني من الإيكولاليا يقول للذي يُحادثه: "لقد سَمِعْت ما قلت، وما زلت أعالجه", كأنها محاولة للبقاء في محادثة، قبل أن يتم استيعاب معنى المحادثة بالكامل، حيث تتمثل إحدى طرق زيادة الفهم أثناء تبادل المحادثات هو إشراك أكبر عدد ممكن من الحواس.
* إمكانات الانهيار:
السيناريو الشائع في مجتمع التوحد؛ هو الانهيار الناجم عن سوء فهم الصدى الفوري، حين يسأل الوالد؛ طِفله، "هل تريد العنب أم التفاح؟" دائمًا يكون الرد هو الخيار الثاني، "التفاح"، ويفترض الوالد أن هذا ما يريده الطفل بالفعل، وفجأة يبدأ الطفل في الصراخ بشكل لا يمكن السيطرة عليه عندما يتم تقديم التفاح له؛ لأن الطفل استجاب لآخر ما سمعه أثناء محاولته فهم الخيارين، في حين أنه كان يفضل العنب.
لذا، بطاقات الصور هي طريقة رائعة لإدخال الاختيارات، وبالتالي منع الانهيارات.
* رغبة في المحادثة:
وتوضح سيجل أنه "بالنسبة لمعظم الأطفال، فإن الصدى الفوري هو مرحلة نمو تحدث عندما يبدأون في فهم وظيفة الكلمات، ولكن لا يمكنهم فورا؛ فك شفرة ما تعنيه الكلمة في وقت مناسب؛ بما يكفي لإعطاء رد محدد وملائم".. من المهم أن ندرك أن echolalia الفورية تمثل رغبة المشاركة في المحادثة والرغبة في فهم اللغة وتعلّمها.
الإيكولاليا المتأخرة:
يحب العديد من الأشخاص حفظ "العبارات الملتقطة" وسردها ، وأحيانًا فقرات كاملة، ربما أبيات مكتوبة، أو خطابات ملهِمة، أو مشاهد مضحكة من الأفلام، طالما أن العبارات تتكرر في سياق اجتماعي مناسب، فهذا سلوك اجتماعي مقبول على نطاق واسع، وتأخر الصدى هو تكرار العبارات بعد فترة من الزمن قد تكون عدة دقائق أو سنة من وقت سماع العبارة في الأصل، وقد تنبثق العبارات في أي وقت وفي أي مكان.
فيما يلي ثلاثة أسباب محتملة لتأخر الصدى:
* سلوك التحفيز الذاتي
في بعض الأحيان، يكون الارتجاع المتأخر؛ سلوكًا محفزًا ذاتيًا لغرض وحيد هو إرضاء المتحدث.. تقول إحدى الأمهات: "كان ابني الأكبر يستمتع دائمًا بتلاوة الجمل التي يقرأها في الكتب، أدركت أنه يرى الكتاب في ذهنه، ويسلي نفسه بقراءة أقسامه المفضلة مرارًا وتكرارًا, خاصة لو كان المشهد يؤدي إلى الضحك الهستيري".
وقد يكرر أيضًا بعض مقاطع الفيديو المفضلة لديه، كما لو كان يشاهد الفيديو داخل رأسه، وعند استخدام echolalia المتأخرة للترفيه الشخصي بهذه الطريقة، يمكن أن يمنع التفاعل مع الواقع، حينئذ يمكن للوالد أن يأخذ هذا كإشارة لإعادة توجيهه بلطف إلى نشاط بَنّاء أكثر.
* التواصل المزاجي:
يقول أحد الآباء: "في تجربتي بصفتي أحد الوالدين، غالبًا ما يكون الصدَى أو التكرار المتأخّر طريقة انطباعية للتواصل في المزاج، إذا سمع ابني جملة مثل "حمام السباحة مُغلق اليوم"، وشعر بخيبة أمل، فسيكرر هذه الجملة في كل موقف يشعر فيه بخيبة أمل.
أمّا الجملة التي تلهم شعوراً بالفرح والبهجة مثل: "غرفتنا الفندقية مبهجة" سوف تتكرر في كل مرة يشعر فيها بالفرح والبهجة، حتى إذا لم يفهم محتوى المحادثة بالكامل، ولكنه راغب في المشاركة، فسوف يلتقط المزاج العام للمحادثة ويكرر الجمل التي يربطها بهذا المزاج.
في هذه المواقف، تتمثل استراتيجيتي في الاعتراف بمشاعره بقولي له "أتذكر مدى سعادتك بالفندق في العام الماضي، وأرى أنك تشعر أيضًا بالسعادة الآن") وأحاول توجيهه إلى الظروف الحالية.
3. استرجاع الأحداث:
يمكن أن يكون التأخر في الصدى وسيلة أيضًا لمعالجة الذكريات عند ظهورها على سطح العقل، تقول إحدى الأمهات: كان ابني يعود إلى البيت من مرحلة ما قبل المدرسة ويعيد العبارات والجمل التي سمعها خلال النهار: الجيدة والسيئة، وكان يحب بشكل خاص تكرار ما قالته المعلمة للأطفال الآخرين الذين أساءوا التصرف، حتى إنه التقط نبرة صوت معلمته:
"نحن نرتدي أحذيتنا في المدرسة".. "نغسل الأيدي بعد الأكل".
بالنسبة لي، كان الأمر مثل الحصول على تقرير إخباري يومي عن الأحداث الرئيسية في المدرسة، كان ابني يخبرني أن مَدْرسته كانت بيئة مُحِبة وداعمة، وأنه كان يستمتع بمعلميه وزملائه، وهذا هو السبب في أن echolalia المتأخرة هي أفضل صديق للأم.. (ونستكمل الحديث في الحلقة القادمة.. )