القاهرة 20 اكتوبر 2020 الساعة 09:18 ص
بقلم: علي سرحان
طيبة ذات المائة باب هي (نوامون) مدينة آمون الواحد الخفي، الذي كان ولم يكن أحد بعده، الذي خلق نفسه بنفسه، الإله الحق الذي حلق بالحق، رب الحق والعدالة، رب الجنة والنار.. ظهرت مدينة آمون في الوجود في وقت لم تعرف بدايته، غير أن الباحثين يشيرون إلى قدمها؛ إذ أن اسم آمون ذكر في نصوص الأهرام.. وخوفو قام بإصلاحات في معبد آمون في طيبة وهذا دليل على وجودها قبل الأسرة الرابعة، ومع ذلك نجد أسطورة دينية تقرر أن مدينة آمون أقدم مدينة على الأرض، كما أن الإغريق أطلقوا عليها اسم (ديوبوليس) أي مدينة الإله هي مدينةُ الأقصر حاليا ، كانت تُسمى قديماً بطيبة، وهي مدينة فرعونيّةٌ قديمة توجد في مصر العليا، وهي إحدى عواصم مصر في عهد الفراعنة، وكانت هذه المدينة مركز عبادة الإله رع، وأهتمّ أغلب فراعنة مصر بها ، لاسيّما خلال الدّولة الحديثة، فشيدوا المعابد لمختلف آلهة قدماء مصر، وأبرزهم آمون رع، وأُطلق على طيبة عدة أسماء؛ مثل واست (أي الصولجان) ومدينة آمون (نيوت) وكان لها دور بارز ومهم خلال العصر المتأخر في فترة حكام الأقاليم الأقوياء والزوجات الإلهية، ويظهر التقدم المعماري والزخرفي في مقابر هؤلاء الحكام في العساسيف والشيخ عبده القرنة والدير البحري وذراع أبو النجا وغيرها من الأماكن .
حوت مدينة طيبة العديد من الجبانات وكان من أهمها جبانة العساسيف وجبانة شيخ عبد القرنة وجبانة الدير البحري وجبانة دراع أبوالنجا. كانت العساسيف دائما ما تجتذب انتباه الرحالة الأوائل بنفس القدر الذي استحوذت به على جهود الآثاريين المعاصرين، كما ذكرت وفاء الصديق في كتاب جبانة الأسرة السادسة والعشرين بالجيزة، حيث يصف ولكنسون في كتابه عن طيبة الذي نشر عام 1835 المقابر فيقول "إنها المقابر الأكثر فخامة".
نلاحظ من دراسة مقابر أفراد هذه الأسرة في طيبة، أن عددا كبيرا من أصحابها عملوا في منصب "مدبر بيت الزوجة الإلهية" أو رئيس استقبال موكبها، ومن ثم وجب التنويه عن دور الزوجة الإلهية.
الزوجة الإلهية لآمون، كانت من أعظم الوظائف وكان لها دور سياسي كبير، بجانب الإشراف الروحي على معابد آمون، ودور اقتصادي وهو الإشراف على مخصصات المعابد المادية والإشراف على معظم كهنوت آمون ومدخراته، وكان للزوجة الإلهية حاشية كاحشية الملكات، لذا حرص ملوك العصر الكوشي على تعيين بناتهن في وظيفة الزوجة الإلهية لآمون، لضمان ولاء الجنوب تحت سيطرتهم، حيث بعنخي الذي قلد ابنته "شبن أوبت الثانية" زوجة لآمون، والتي بدورها تبنت "آمون إيرديس الثانية" ابنه طهرقا، حتى جاء بسماتيك الأول مؤسس الأسرة 26 وبالرغم من ولاء عمدة طيبة منتومحات له، فإنه جعل "شبن أوبت الثانية" تتبنى ابنته "نيت إقرت" الملقبة نيتوكريس باليونانية؛ لتصبح زوجة إلهية لآمون وسميت "شبن أوبت الثالثة"، ومن بعده ابنه بسماتيك التاني "عنخ نس نفر إيب رع"، وهكذا تعمد ملوك مصر على تقليد بناتهن في هذا المنصب لضمان ولاء الجنوب ولفرض السيطرة على البلاد ولتجنب أي صراعات داخلية .