القاهرة 13 اكتوبر 2020 الساعة 11:05 ص
بقلم: شيماء عبد الناصر
كيف يبدأ التريند؟ ومن المسئول عنه؟ وما الذي يحدد توجه التريند نحو الانتشار والشيوع؟
سواء كانت الميمات أو مقاطع الفيديو سريعة الانتشار أو العبارات الشائعة أو أحدث تصميمات التريندات، فلماذا تجذب بعض الأفكار أو الأنشطة الخيال العام؟
غالبًا ما يكون من الصعب تحديد بداية الاتجاهات؛ لأنها تتلخص في القوى الاجتماعية التي تتغير من بينها الأنماط والأذواق. بمجرد مشاركة التغييرات واعتمادها من قبل كتلة حرجة، فإنها تكتسب موطئ قدم، وتصبح راسخة بقوة في النفس العامة، وقد تجد نفسها تعود كجزء من عملية دورية.
لا يوجد سحر. وفقًا لهنريك فيجلجارد، مؤلف كتاب تشريح التريند: "لا يوجد شيء" غامض "بشأنه ولا يحدث أبدًا" فجأة "، على الرغم من أنه قد يبدو كذلك في بعض الأحيان. إن كونها عملية اجتماعية يعني أنها من صنع البشر".
الكثير من الناس يلهث وراء التريندات، فاليوم التريند هو الحديث عن ممثل وغدًا عن مطرب، وفي المساء عن آخر حلقات مسلسل أخذ بزمام التريند لأيام، وفي الصباح نواجه تريندًا جديدًا عن حادثة في الشارع أو موقف محرج أو حديث خاص تم تصويره منزليًا لشخص عادي؛ لكنه أصبح في وقته تريند. الكثير من المشاركة والليكات والتعليقات تنهب عقولنا وتستحوذ على تفكيرنا، كيف نصبح تريند، وكيف آخذ التريند من شخص آخر وأمنحه لنفسي، حتى أصبحنا كائنات تتغذى على التريند.
لماذا تتحول بعض الأشياء لتريندات بشكل أعلى وأسرع، بينما أشياء أخرى لا تتلقى أي صدى بين الناس؟ وما العناصر التي تدفع موضوعًا ما ليصبح واسع الانتشار، حيث يصبح تأثيره قوة لا يمكن وقفها؟
ما هو التريند وكيف يظهر؟
يقول قاموس علم أصل الكلمة على الإنترنت أن الفعل "الاتجاه" ظهر في اللغة الإنجليزية في تسعينيات القرن التاسع عشر. في ذلك الوقت، كان يعني "الجري أو الانحناء في اتجاه معين (من حيث التكاليف والأنهار، وما إلى ذلك).
جاء من الكلمة الإنجليزية الوسطى "Trenden" ، والتي تعني "تدور، تدور، تدور." جاءت كلمة "Trenden" من الكلمة الإنجليزية القديمة "Trendan" والتي تعني "لف ، تدور ، استدر".
جاءت الكلمة الإنجليزية القديمة من الكلمة الألمانية الوسطى الدنيا "ترينت" والكلمة الألمانية الوسطى الدنيا "ترينت"، والتي تعني "الحدود، الحلقة". الاتصالات خارج الجرمانية غير مؤكدة.
ظهر الاسم عام 1777 ويعني "الطريقة التي ينحني بها الشيء". لم تكن الكلمة حتى الخمسينيات من القرن الماضي تعني أيضًا "اتجاه جديد سائد في الموضة أو الثقافة الشعبية".
نستطيع القول أن التريند هو الميل نحو أسلوب أو عنصر معين، بشكل كبير، سواء كان ذلك في الموضة أو التصميم أو الترفيه أو الثقافة. إنه أي شيء يحدث في وقت معين، ويمكن أن يرتبط على نطاق واسع بالشعبية. وتأخذ الأشياء قوتها فتتحول إلى تريند بسبب اجتماع مجموعة من العناصر: (المكان المناسب، والوقت المناسب، واللحظة المناسبة، ومع الأشخاص المناسبين)، وتثبت نفسها بقوة لفترة زمنية معينة بفضل المشاعر الشائعة، مدفوعة بالذوق والأسلوب.
توجد التريندات من خلال دورة مستمرة من الابتكار والمحاكاة. إنها الطريقة التي يحتضن بها الناس بعضهم البعض ويتفاعلون مع بعضهم البعض. الناس مهووسون بالتريندات لأن الانضمام إليه يعني أنك جزء من مجموعة؛ أنت في، أنت تنتمي. وهذا في حد ذاته من سمات البشر، وحتى أغلب الكائنات الحية فهي كائنات اجتماعية تنتمي للقطيع أو السرب وتعتبر الخروج عنه عبارة عن شذوذ أو ضلال.
يقول الفنان التشكيلي محمد الجنوبي: "التريند كذبة وليس حقيقة، لا أحد يستطيع أن يقول كل الحقيقة، في اللحظة التي نبدأ في الكتابة على السوشيال ميديا ننفصل عن أنفسنا، فما نكتبه ليس نحن ولا يمثل كل حقيقتنا".
وتسبب انتشار الوسائط الرقمية في أننا نعيش الآن في ثقافة بصرية في الأساس، حيث تستهلك التركيبة السكانية الأصغر سنًا الصور بدلا من الكلمات، وبالتالي ظهرت أسئلة الذوق والأسلوب الشخصي والعرض التقديمي في المقدمة، بينما أدت طبيعة عالمنا على الإنترنت إلى تسارع في تبني تريندات معينة. فتنشر وسائل التواصل الاجتماعي الأفكار والمرئيات بسرعة، حيث أصبح الناس أكثر تقبلا لما يفعله الآخرون. يصبحون قلقين إذا شعروا بأنهم مستبعدون، وهذا يساعد في ترسيخ التريندات على الفضاء الرقمي، ونظرًا لأن الإنترنت يسمح للاتريندات بالتطور والانتشار بسرعة كبيرة ، فإنه أيضًا جعل عمرها قصيرًا، فبمجرد وصول التريند للقمة، يهبط بعد مدة معينة ويبدأ آخر في الصعود.
وتضيف الكاتبة سامية أبو زيد: "فى ظنى أن التريند هو لون من الحنين لسياسة القطيع، شكل من أشكال الموضة التى تشعر الفرد بالأمان. وتتعدد أشكاله وأغراضه بيد أن الغرض الأكثر شيوعا هو الحشد والإلهاء.
وقد يتخذ شكل المزايدة والتعلية فى الاتجاه المقصود، أو يتخذ شكل السباحة ضد التيار بالرأى المخالف تحت مسمى التفكير خارج الصندوق والنأى بالنفس عن الانسياق خلف القطيع، فيصبح الأمر ركوبا للتريند ولكن فى الاتجاه المضاد. وفى رأيى أن التجاهل يكون أكثر فاعلية فى إخماد الهرى والهرى المضاد، باستثناء القضايا التى تحتاج للحشد والدعم، عندئذ يحمل التريند جانبا إيجابيا وفعالا فى تقويم سلبيات المجتمع.
أما عن الناحية الزمنية، فالتريند ليس وليد هذه الألفية، فقبل وجود الانترنت، كان هناك نوع من أنواع التريندات مثل اتجاهات الأزياء والمظهر الذي سيكون له التأثير الأكبر على السوق، وكان هذا بناءً على ما كانت تنتجه بيوت الأزياء من موسم لآخر. والآن في عصر الانترنت والفضاء الرقمي يقوم الأفراد بنشر المؤشرات، حيث يصبح لكل فرد دور محدد في تحويل فكرة أو نشاط إلى تريند، وكما يؤكد الصحفي والمؤلف مالكولم جلادويل في كتابة الأعلى مبيعا The Tipping Point فلكي يتخطى أي اتجاه أو فكرة أو سلوك اجتماعي عتبة أن يصبح ظاهرة منتشرة، يجب أن يتسم بالجودة التي تجبر الناس على إيلاء اهتمام وثيق ومستمر لمنتج أو مفهوم أو فكرة، بالإضافة إلى الجمهور المؤثر، وهو الذي يقوم بدفع الفكرة إلى أعلى درجات الانتشار وذلك بالتفاعل معها ومناقشتها وطرحها بطرق متعددة بفعالية وجودة وليس بنمطية أو بطريقة تقليدية.
وصانع التريند لديه فهم قوي لسيكولوجية الجمهور، سواء كان ذلك الفهم غريزيا أو عن تدريب وتعلم، ولديه تفهم لحقيقة أن الناس يحبون السير وراء المجموعة، وبالتالي فهو قادر على التحكم في زمام الأمور وأخذ الجمهور نحو التريند الخاص به بطريقة مدروسة وعملية، على كل المستويات وفي جميع المجالات سواء سياسية أو اجتماعية أو ثقافية أو ترفيهية، فمثلا على اليوتيوب هناك العديد من القناوات التي تأخذ نسبة مشاهدة عالية، حتى تصبح بعض فيديوهاتها إلى تريند، وهناك على الجانب الآخر الكثير من صور السخرية من فكرة التريند، حيث تحول كل شيء إلى مادة للحصول على التريند والسباق نحو، مثل تصوير شخص يغرق بدلا من إغاثته، ونشر بعض التفاصيل الحياتية والعائلية وغيرها، لكن التريند أيضًا خاضع للنظرة الجماهيرية والطبقات الاجتماعية، فكونك فنانا من طبقة اجتماعية عليا تقوم بتصوير حياتك الشخصية أو تصنع فيديو أو صورا للحصول على التريند سوف يعطيك مساحة أكبر للتضامن والرضا من شخص من طبقة اجتماعية أقل، وليس معنى ذلك أن التريند في الحالتين غير متساوٍ بالعكس، التريند في جميع الأحوال سيكون بقوة وبانتشار واسع، لكن تفاعل الجمهور مع أصحاب المزايا الاجتماعية سيكون أكثر قبولا لهم من أولئك المنخفضي المستوى الاجتماعي، وربما تسبب انتشار تريند لشخص من بيئة أو طبقة اجتماعية أقل أو غير معروفة إلى السخرية من متابعي الشخص أو حالة التريند.
والجمهور في العصر الحالي يعيش دائمًا في حالة انتظار للتريند، وقد ساعدت المنصات المختلفة في دعم هذا الانتظار والترقب، حيث Facebook و Youtube و Whatsapp و WeChat و Instagram هي أفضل خمس منصات وسائط اجتماعية على مستوى العالم، مع أكثر من مليار مستخدم نشط لكل منها. في معظم البلدان الغنية، تتجاوز نسبة الشباب الذين يستخدمون شبكات التواصل الاجتماعي عبر الإنترنت 90? ويقضي المراهقون في المتوسط أكثر من 4 ساعات على الإنترنت يوميًا.