القاهرة 06 اكتوبر 2020 الساعة 09:19 ص
لم تغب قط عن مخيلتى صورة المجند محمد حسن عطوة شهيد حرب أكتوبر؛ منذ أن استخرجت رفاته أثناء عملية حفر قناة السويس الجديدة عام 2014؛ أى بعد 41 عاما من استشهاده؛ وحتى يومنا هذا؛ والذى نحتفل فيه بالذكرى الـ"47" لانتصار حرب السادس من أكتوبر 73 (حرب العاشر من رمضان المجيدة) فى كافة ميادين مصر.
"عطوة" ابن قرية طوخ الأقلام التابعة لمركز السنبلاوين بالدقهلية لم تعرف أسرته خبر استشهاده، إلا بعد أن عثر على رفاته ومعه كافة متعلقاته الشخصية عام 2014؛ يعد نموذجا حقيقياً للشاب المصري الذى لم يتوان عن تقديم كل غال ونفيس من تضحيات حتى استشهد بإيمانه بواجبه نحو وطنه فى ظرف تاريخي مفصلى فى عمر هذا الوطن؛ وذلك فى سبيل أن تعيش الأجيال التى جاءت من بعده وإلى الآن فى أمان وسلام، وكأن ظهور رفاته الطاهرة أثناء عملية حفر قناة السويس الجديدة عام 2014 يحمل لنا رسالة مفادها بأن ما تقوم به الدولة المصرية الآن من عملية تنمية شاملة وعلى مستوى كافة المحاور "شارة للنصر" واستكمال لما لتضحياته وشهداء هذا الوطن.
بظهور رفات "عطوة" فى مثل هذا التوقيت؛ رسالة أخرى لفئة الشباب فى مجتمعنا المصري مفادها "حافظوا على وطنكم.. واعملوا بإخلاص وجد من أجل رفعة بلدكم.. ولا تلتفتوا للشائعات التى تحاوطكم من كل صوب وحدب.. فقط عليكم أن تثقوا فى أنفسكم وقدراتكم وأن لا تعطوا فرصة لأحد أن يفرق بينكم".
قبل اندلاع حرب السادس من أكتوبر المجيدة وبزوغ فجر جديد كانت الدولة المصرية تعيش ظلام نكسة يونيو 1967، وإن كانت خيوط النهار تتجمع بسواعد وعقول أبناء هذا الوطن ظهر وقتها كتاب "شخصية مصر.. دراسة في عبقرية المكان" فى أربعة مجلدات من تأليف الدكتور الكبير جمال حمدان؛ والذى صدر بصياغته الأولى في نحو 300 صفحة من القطع الصغير، وهو كتاب له من الأهمية فى رأيي لا تقل عن إعادة ترتيب كافة قطاعات مجتمعنا المنتصر استعداداً للمعركة ومن ثم النصر؛ نظرا لفكرته الرئيسية التى كانت تدور حول الشخصية المصرية كمرتكز للبناء والنهضة من كبوتنا واستعادة لريادتنا.
والحقيقة أن مجتمعنا كله فى ذلك الوقت قرر أن لا ينشغل بالهزيمة أو يهزم نفسياً وأخذ على عاقته بناء هذا الوطن وفى كافة المجالات، وهو ما أسهم فى تكوين شخصية شاب مثل "عطوة" قرر أن يخوض الحرب.. وأن يستشهد وهو مبستم الوجه مؤديا واجبه نحو وطنه عن طيب، وهو بالمناسبة ما دفعنى للتوقف عند بعض اللقطات الخاصة برقص بعض الشباب على نغمات المهرجانات فى احتفالات ذكرى حرب أكتوبر المجيدة منذ يومين، باحثاً فى أسباب ذلك، خاصة أنها أغان لا تتناسب والمناسبة الوطنية ذات المكانة والرمزية فى وجدانا المصري؛ خاصة أن هؤلاء الشباب هم بناة المستقبل!!.
الحقيقة أن بهجة الاحتفالات تعد أمرا محموداً وطيباً ولا مانع فيه، ولكن الذى هو أمر غير محمود، أن يرقص هؤلاء الشباب على أغنيات المهرجانات فى ذكرى وطنية لها قيمتها ورمزيتها مثل انتصارات حرب أكتوبر؛ وهو ما يدعونا أن نطالب وزارة الثقافة ووزارة التربية والتعليم بتخصيص برامج ثقافية توعوية تتعلق بالذائقة الموسيقية، وبعودة وتنشيط حصة الموسيقى فى مدارسنا مرة أخرى كما كانت، حتى نستعيد ذائقتنا الموسيقية؛ التي دائما ما تعكس مشاعر الشخص وتوجهاته.
أخيرا؛ أرى أنه كان من غير المناسب أن يتم تشغيل هذا النوع من أغانى المهرجانات فى مثل هذا النوع من الاحتفالات الوطنية؛ وأنه كان يجب على القائمين بتنظيم الحفل أن يكتفوا فقط بتشغيل الأغنيات الوطنية التي تذكرنا بأبطالنا الحقيقيين من شهدائنا وتضحياتهم التى نحملها فى قلوبنا وصدورنا كأوسمة نعتز بها؛ وأبرزها على سبيل المثال الدور الذى قام به الشهيد محمد حسن عطوة.. شهيد حرب أكتوبر، ابن مصر البار.