القاهرة 06 اكتوبر 2020 الساعة 08:42 ص
إعداد وترجمة: محمد زين العابدين
الإنسان، ذلك المجهول الأشبه بالصندوق المغلق المليء بالأسرار والانفعالات والخير،والشر. استطاع الإنسان حل العديد من ألغاز الطبيعة، وفك أسرار وشفرات المعضلات العلمية المعقدة بعقلِهِ النافذ، وفكرِهِ المُتّقد؛ ومع ذلك لم يتمكن حتى الآن من حل الكثير من أسرارهِ هو. فكيف كانت رؤية أعلام الفكر العالمي عبر التاريخ للإنسان، والإنسانية؟..
* الفنان ويليام هازليت (William Hazlitt)-( 1778 – 1830)
* طبيعة الضحك:
الإنسان هو الحيوان الوحيد الذي يضحك ويبكي؛ لأنه الحيوان الوحيد الذي اصطدم بالفرق بين ما هى الأشياء، وما يجب أن تكون عليه. إننا نبكي على ما يحبطنا، أو يتجاوز رغباتنا في الأمور الجادة؛ ونضحك فقط على ما يخيب تطلعاتنا التي بددنا الوقت فيها، وضاعت سُدَى.
إننا نذرفُ الدموع تأثراً بالشدائد الحقيقية؛ بينما ننفجر في الضحك بسبب عدم الرغبة في التعاطف مع ما هو غير موضوعي، ويبدو هامشياً، السخافة العبثية التي تثير غثياننا أو مرحنا، بدلا من أى تأثر بها. لتفسير طبيعة الضحك والدموع؛ هو أن نفسر طبيعة الحياة الإنسانية؛ لأنها -وبطريقة معقدة- تتشكل منهما معاً!
* الناشطة النسوية: فولتيرين دي كلير: Voltairine de Cleyre (1866 – 1911
* إعلانات حقوق إنسان على الورق فقط !
دستور الولايات المتحدة الأمريكية، وإعلان الاستقلال -وخاصة الإعلان الأخير- كانا في وقتهما يرمزان لتعبيرات تقدمية عن المُثُل التقدمية؛ لكن هذه الإعلانات، وعلى مدار التاريخ؛ اتسمت بالفلسفة الميتافيزيقية التي هيمنت على الفكر في القرن الأخير.
إنهم يتكلمون عن "الحقوق المتأصلة"، "الحقوق غير القابلة للتصرف"، "الحقوق الطبيعية".. إلخ. لقد أعلنوا أن الجميع متساوون تبعاً لشىء ميتافيزيقي مُفترَض، أو آخر، أطلقوا عليه "المساواة"؛ والتي هى موجودة بشكل غامض نوعاً ما، منفصلة عن الظروف المادية. لكن تجربة هذا العصر؛ أثبتت أن الكَم الميتافيزيقي لا يوجد منفصلا عن العناصر المادية. ومن ثم، فإن الإنسانية لا يمكن جعلها متساوية من خلال إعلانات على الورق.
ما لم تتوفر الظروف المادية للمساواة؛ فإنه سيكون أسوأ من السخرية القول بوجود مساواة بين الجميع. وما لم تكن هناك مساواة (وأعني بالمساواة، وجود فرصً متساوية لكل شخص لتحقيق أقصى ما لديه)، ما لم تكن هذه الفرص المتساوية موجودة، وما لم تكن الحرية موجودة؛ سواء حرية الفكر، أو الكلام، أو العمل؛ فإن الأمر سيكون في الحقيقة مساواة في المهزلة!
* عالِم الأحياء تشارلز دارونCharles Darwin (1809 – 1882) :
* المخلوق الحى المتواضع:
ربما يكون الإنسانُ معذوراً لشعوره بالفخر لارتقائه -وإن لم يكن من خلال جهوده الخاصة- إلى قمة النطاق العضوي للكائنات. والحقيقة أن ارتقاءه في مرتبة الكائنات،ربما يمنحه الآمال للارتقاء إلى مراتب أعلى في المستقبل البعيد.
لكننا لسنا معنيين هنا بالآمال، أو المخاوف؛ بل معنيين فقط بالحقيقة، بأقصى قدر يسمح به عقلنا لاكتشافها. لقد بذلت أقصى ما بوسعي، لأعطي الدليل على أن الإنسان (ويجب أن نعترف، كما يبدو لي)؛ برغم كل صفاته النبيلة، والتعاطف الذي يشعر به تجاه أكثر الناس هواناً، والخير الذي يمتد -ليس فقط إلى الناس الآخرين- ولكن إلى الكائنات الحية المتواضعة، وعقله الرباني الذي نفذ من خلاله إلى حركات النظام الشمسي، وتكوينه. برغم كل هذه القدرات السامية؛ لا يزال الإنسان يحمل في هيكله البدني، الطابع الذي لا يُمْحَى من أصلِه المتواضع.
* الكاتب الساخر مارك توينMark Twain (1835 – 1910) :
* ذبح الغرباء:
من بين كل الحيوانات، الإنسان هو الوحيد الذي يتسم بالقسوة. إنه الوحيد الذي يُلحِق الألم بالآخرين من أجل متعة القيام بذلك؛ وهى سمة ليست معروفة لدى الحيوانات الأرقى في شجرة الكائنات الحيوانية. القطة تلعب مع الفأر المذعور؛ لكنها لديها العذر؛ لأنها لا تدرك أن الفأر يعاني، والحيوانات الأرقى تشتبك في معارك فردية؛ولكن لا تدخل أبداً في صراعات جماعية منظمة.
الإنسان هو الحيوان الوحيد الذي يتعامل بتلك الفظاعة، ويرتكب تلك الفظائع،الحروب. إنه الوحيد الذي يحشد إخوانه، ويمضي لإبادة نوعه الإنساني بقلبٍ هادئ. إنه الحيوان الوحيد الذي سوف يخرج محتشداً للقتال من أجل أثمان بخسة، كما فعل جنود "هِسِنْ"* الألمان المرتزقة في حرب الاستقلال الأمريكية، وكما فعل الأمير الشاب نابوليون في حرب "الزولو"**، وساعد على ذبح الغرباء من بني جنسه، والذين لم يؤذوه، ولم يتشاجروا معه.
* المفكرة النسوية الحرة فرانسيس رايتFrances Wright (1795 – 1852) :
* الزنزانات الجسدية:
إن الآراء ليست للتلقين عن ظهر قلب، مثل الحروف الهجائية، أو مفردات القاموس؛إنها استنتاجات يمكن تكوينها، ويتم تكوينها بواسطة الفرد في القلعة المقدسة، والحرة لعقله، وهى مصانة بقوة القانون، ولا يمكن استخدام القوة لزعزعتها، بعيداً عن حق الفضول غير المقصود به انتهاك الخصوصية، أو الجرأة المقصود بها التهديد. هل يجب على الإنسان أن يقاتل، وينزف الدماء من أجل الحرية السياسية؟ وهل سوف ينتهك حرية الفكر؟ في الوقت الذي قام فيه بكسر قضبان، ومسامير القلاع الحصينة؛هل سيحاول إطلاق، وتوسيع حرية فكر رفاق دربه، على حسب المقاس الذي يرضيه؟ هل يجب أن يرى الجميع بقدر ما نرى، وليس أبعد من ذلك؟! إذا كانت هذه هي الحرية المدنية؛ فالأفضل منها هو الحرية البرية للصياد البري!
* الفيلسوف فريدريش نتشهFriedrich Nietzsche (1844 – 1900) :
الحياة، والخبرة. إذا لاحظ أحد، فهناك بعض الأفراد يعرفون كيف يتعاملون مع تجاربهم (مع خبراتهم اليومية غير الجوهرية)؛ بحيث تصبح هذه قطعة أرض تؤتي ثمارها ثلاث مرات في السنة، بينما هناك آخرون (لا نعرف عددهم) منساقون مع تقلبات أمواج القدر الأشد عصفا، تبعاً لأكثر الأحداث الجارية تغيراً خلال فترة ما، أو في بلد ما؛ ومع ذلك يبقون دائماً على السطح بخفة، مثل الفلين.
ثم يميل المرء أخيراً إلى تقسيم البشرية إلى أقلية (أو الأقلية الأقل) من هؤلاء الناس الذين يعرفون كيف يستفيدون الكثير من القليل، بينما الغالبية هم أولئك الذين يصنعون القليل من الكثير. والحقيقة أن المرء يصادف أولئك الذين لديهم معالجات شاذة، وفاسدة للأمور؛ والذين بدلا من خلق عالمهم الخاص من لا شىء، فإنهم لا يخلقون شيئاً من عالمهم.
* قالوا عن الإنسان:
* (إن أسوأ إثم تجاه رفاقنا من المخلوقات البشرية؛ ليس أن نكرههم، بل ألا نكون مختلفين عنهم).
(جورج برنارد شو)
* (الإنسان هو الذكاء الذي لا يوظفه في خدمته؛ بل يجعله أسيراً لخدمة أعضائه،وغرائزه).
(ألدوس هكسلي)
* (كما أعرف الكثير من البشر؛ فإنني أتوقع منهم الأقل. وأنا مستعد الآن لأن أطلق على رجل (رجل صالح)، بشروط أسهل مما كنت أشترطها سابقاً).
(صامويل جونسون)
* (إنني مقتنع أنه عندما يكون الرجال أكثر ثقة وغطرسة؛ فإنهم غالباً ما يكونون الأكثر (خطأ).
(ديفيد هيوم)
* (إذا لم تكن لدينا أخطاء؛ فلا يجب أن نستمتع كثيراً بملاحظة أخطاء الآخرين).
(فرانسوا دي لاروشوكولد)
* (بعضُ الناسِ لا يحبُ أن يفكر. عندما يفكرُ المرء؛ لا بد أن يصلَ إلى استنتاجات، الاستنتاجات لا تكونُ سارة على الدوام).
(هيلين كيلر)
* (كلُ إنسانٍ لديهِ نفسُ فوضوية، ونفسٌ مُتّفرِدة، بنسبٍ متفاوتة).
(د.ه.لورانس)
* (السببُ الوحيد لتعاسةِ الرجل؛ هو أنهُ لا يعرفُ كيفَ يبقى بهدوءٍ في غرفته).
(بليز باسكال)
* (الشخص الذي يحب؛ هو شخصٌ فقدَ جزءاً من نرجسيتهِ، إذا جاز لنا التعبير).
(سيجموند فرويد)
* (من خشب الإنسانية المُعْوَّج؛ لم يتم عمل أى شيء مستقيم).
(إيمانويل كانط)
* (السبب في أن العالم يفتقد للتوَّحُد، ويرقد بين ركام حطامه؛ هو لأن الإنسان نفسه منفصل عن نفسه).
(رالف والدو إمرسون)
* (لكن كيف يمكنُ أن أكونَ منطقيا، قبلَ أن أكونَ إنساناً).
(لودفيج فيتجنشتاين)
* (الثقافة ليست طبيعية، ولا مصطنعة، ليست مكتسبة عن طريق الجينات، ولا مُعَّدة بشكلٍ منطقي).
(فريدريش حايك).
* هوامش المقال:
* جنود هسن:
جنود"هِسِن"، بالإنجليزية( Hessian)، وبالألمانية( Hessen ):جنود ألمان (ما يقارب الثلاثين ألف جندي)، جندتهم الإمبراطورية البريطانية في القرن الثامن عشر، للخدمة في ثلاث عشرة مستعمرة خلال حرب الاستقلال الأمريكية، نصفهم أتوا من مقاطعة "إيسن" في ألمانيا، والباقي من مناطق ألمانية مجاورة، في سياق الخدمة المدنية البريطانية كانوا يستخدمون لقب "جنود إيسن"، بينما كان الأمريكيون يسمونهم مرتزقة. كانوا يجندون في وحدات، وليسوا كأفراد، وكانوا يتقاضون أجوراً زهيدة نظير خدمتهم، لأن أمير المنطقة كان يتقاضى أغلب المال. وكانت بريطانيا ترى أنه من الأسهل اقتراض المال لتدفعه لهم بدلا من أن توظف مجنديها. (المُترجِم).
** حرب الزولو:
هى الحرب الإنجليزيةـ الزولوية، وهى حربٌ وقعت في جنوب أفريقيا عام 1879. ويتفق معظم المؤرخين على أن البريطانين أشعلوا الحرب ليكسروا شوكة استقلال شعب الزولو. أراد وزير المستعمرات البريطاني، اللورد كارنارفون، أن يسحق قوة الزولو، حتى يتمكن البريطانيون من توحيد دويلات جنوب أفريقيا. (المترجم).
*المصدر: ( (New Philosopher Magazine- January 2019