القاهرة 04 اكتوبر 2020 الساعة 01:54 م
كتبت: سماح عبد السلام
أكد عدد من الإعلاميين على أن الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل لم يكتُشف بعد، فما زالنا بحاجة لقراءته مرات عديدة؛ لما لعبه من دور بارز فى الصحافة على مدى عدة عقود.
جاء ذلك خلال اللقاء الذى عقُد مساء أمس الخميس بدار بتانة، لمناقشة كتاب "هيكل.. المذكرات المخفية.. السيرة الذاتية لساحر الصحافة العربية"، للدكتور محمد الباز، والصادر عن دار ريشة. بمشاركة الكاتب ياسر رزق، رئيس مجلس إدارة الأخبار السابق، وعماد الدين حسين رئيس تحرير الشروق، وأدار اللقاء الشاعر شعبان يوسف.
فى البداية قال شعبان يوسف إن الزاوية التى تناول من خلالها الباز "هيكل" فى كتابه سواء عن "المذكرات المخفية أو السيرة الذاتية من خلال حواراته وكتاباته هى زاوية تناسب تفكير هيكل نفسه؛ لأنه كان يكتب القصة القصيرة. كما أنه ابن زمانه بأشكال مختلفة.
وأضاف بأنه قد كتُب عنه روايات ومنها رواية "الرجل الذى فقد ظله" للكاتب فتحى غانم، رغم أنه نفى ذلك.. وكما كتبُت عنه كتابات عديدة لأنه كان مثير للجدل. فضلاعن أنه كان أستاذا لمدرسة التحليل والمقالات.
وفى كلمة الكاتب محمد الباز تحدث عن بداية التفكير فى مشروع هذا الكتاب، والتى بدأت بلقاء جمعه بهيكل عام 2005، حيث أبدى له رغبته فى كتابة مذكراته وسيرته مع الرؤساء، كون هيكل تناول فى كتاباته الجانب السياسيى؛ لكنه لم يستوف الجانب الإنسانى بشكل كامل؛ ليفاجئ بسؤال الأخير: ولماذا أمنحها لك أنت بشكل خاص.
ويضيف الباز: كنت فى أوائل الثلاثينات أنذاك، فقلت له إذا قدُر لى ومنحت عمراً طويلا ربما أكتب لعدة أجيال لاحقة وأعتقد أنك يهمك أن يمتد عمرك عبر الأجيال، ويضيف: يبدو أن الموضوع راق لى، ولكننا لم نتمكن من هذا التسجيل لظروف خاصة بهيكل.
ويرى الباز أن هيكل كان يمتلك وجهة نظر خاصة فيما يتعلق بكتابة السيرة الذاتية وهى حياة الصحفى التى تكون متفرقة فى كتاباته، وإن أى فرد يكتب سيرته يحذف ويضيف لكى تخرج بصورة معينة. ومن هنا يقول الباز كان هذا الرأى مفتاحا أساسيا فى كتابتى لهذه المذكرات.
ويواصل: لا أدعى أنى من تلامذته ولكن جمعتني به ثلاثة لقاءات، هو يشكل صحافة الخبر والرأى. وقد كتبت عنه مقالا بعنوان "هيكل.. المشروعية الصحفية" فى صحيفة العربي، ولكن ما شغلنى فى هذا المشروع هو: إلى من قدمت هذا الكتاب؟
ويستطرد: من يعرف هيكل جيداً لن يجد فى هذا الكتاب جديدا، ربما غير الترتيب والتبويب. ولكنى قدمته لأجيال جديدة دخلت المهنة الصحفية لكى تعرف حياة هذا الكاتب الكبير. هذا الرجل رغم ما كتبه وكل ما كتُب عنه؛ لكنه لم يكتُشف بشكل كامل بعد. ونحن بحاجة لتقديمه للأجيال الجديدة؛ لأنه سواء اتفق البعض أو اختلف عليه سيظل القيمة الأعلى لنا فى المهنة التى ننتمي إليها، لقد أصبح هيكل بالنسبة لنا مثل الأهرامات بحسب ما ذكر الكاتب عادل حمودة، عندما كتب كتابه "هيكل.. الخريف الأخير".
وفى كلمة للناشر حسين عثمان، عبر عن سعادته بنشر سيرة هيكل، وأضاف بأنه ظاهرة إنسانية قبل كونه ظاهرة سياسية وصحفية، حيث نتحدث عن شخص كان قادرا على العطاء حتى أواخر العمر، والاشتباك مع جميع العصور. ومن ثم تناولنا شخصية إنسانية تركت بصمة كبيرة شئنا أم أبينا، لا نملك إلا أن نقف أمام تجربته ونتعمق فيها. واعتبر الكتاب جاء فى وقت مناسب ويواكب الاحتفال بذكرى ميلاده.
ومن جانبه، اعتبر الكاتب عماد الدين حسين، الكتاب يشكل فرصة عظيمة لمعرفة أهم المعارك فى حياة هيكل. كما يقدم خدمة لدارسى الإعلام.. رأى أن البطولة فى هذا الكتاب تكمن فى التبويب والتنظيم؛ لأنه عندما يكون هناك شخص بحجم هيكل لديه آلاف الحوارات والكتب والتصريحات.. إلخ.. ومن هنا كان الباز بصدد مشروع كبير نجح فى تقديمه بشكل لائق، بحد وصفه.
ورأى "حسين" أن الباز تحامل على هيكل فى المقدمة بعض الشيء، وإن كان هذا التحامل يشكل تلخيصاً من الأمور الأساسية التى يتحدث بها خصوم هيكل. ويضف: لا أقول إنه ظلمه ولكنى أكاد أدرك أن الأول يمتلك روحا نقديه، وهذا شيء مهم؛ لأن فكرة التقديس الأعمى أمر سيء.
ويستكمل: إذا كان البعض يصف هيكل بالكاتب الأوحد فهذا لم يكن يعيبه. واقترابه من عبد الناصر كان لمنفعة متبادلة، حيث وجد فيه الرئيس المفكر والكاتب والمحلل الذى يقدم له العالم فى خريطة.. وبالنسبة لهيكل كان الرئيس أهم مصدر. فنشأت علاقة تمتزج بين المنفعة والصداقة. وأرى أن عددا كبيرا من الذين أدانوا هيكل بتهمة الصحفى الأوحد اقتربوا بدورهم من الرؤساء اللاحقين ولكن لم يروا أن ذلك خطأ.
واختلف "حسين" حول وصف الباز فى مقدمة الكتاب هيكل بالغموض، وقال لا أرى ذلك، بل أعتقد أنه أكثر شخص اتسم بالوضوح فى الحياة الصحفيه، فكل حياته رويت فى حواراته وكتاباته الصحفية. ربما عمل على إخفاء حياته الخاصه وقد ذكر أنه حاول إخفاء أبناءه عن معاركة الخاصه فى العمل.
كما أشار إلى حرص هيكل على تنوع الكتابات فى الأهرام وتمثيل كافة التيارات، ولكنى أختلف مع من يقول بأن هيكل كان مدرسة التحليل؛ لأنه قال لا يوجد تحليل لا يستند على قاعدة الخبر.
وفى كلمة الكاتب ياسر رزق، أشار إلى معرفته الوثيقة بهيكل واقترابه منه بشكل كبير خلال السنوات السبع الأخيرة من عمره، ومن ثم يرى أن هيكل لم يكتب مذكرات بالمعنى المفهوم حتى وإن قيل غير ذلك. وإن كان قد اتسم بالغموض فقد حدث هذا فى حياته الشخصية، لا يبوح كثيراً، كما أنه لم يكن رجل أجهزة ولم يكن عضوا فى الاتحاد الاشتراكى، وهو في المجمل قامة وقيمة كبيرة.
ويضيف رزق: إن دور هيكل ليس الصحفى الذى اقترب من عبد الناصر، ولكنه استطاع أن يستحوذ على عقل ناصر، كما أرى أن هيكل كان صاحب دور كبير من الفترة بين ثورتى يناير و30 يونيو وبيان 3 يوليو. لم يكن مجرد كاتب يستلهم نبض الزعيم وقراءة أفكاره، ولكنه كان الإستراتيجى الأول فى عصر عز فيه الإستراتيجى والمفكر فى زمن أصبح فيه التفكير جريمة.
وأشار رزق إلى أن الإعلام لم يصب بالتردى إلا بعد رحيل هيكل؛ لأنه كان صاحب رأى ورؤية. ولفت إلى أن هيكل سيظل ابن مدرسة أخبار اليوم البكر؛ مثلما كان مصطفى أمين ابن مدرسة روز اليوسف البكر. كما نصح بقراءة مانشيتات الأهرام فى حرب 1973 والتى كتبها هيكل.. مانشتات رصينة ومعلوماتية ومكثفة.