القاهرة 29 سبتمبر 2020 الساعة 11:52 ص
بقلم: د. هبة سعد الدين
قليلة هى الأسماء التى استطاعت أن تسجل علامةً فى تاريخ الدراما بعيداً عن نجوم الشاشة وأبطالها؛ لذلك ليست مصادفةً أن يكون "أول" حاصل على جائزة "الهرم الذهبي" في الدورة 42 من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي وكذلك أن يرتبط اسمه بالهرم.. رمز مصر، فوحيد حامد الذى اختار كلماته السينمائية والتليفزيونية والإذاعية والمسرحية دوماً؛ ليختلط معه "الوعى" بالرؤية التى لا يخطئها العقل، ويجعلنا نبحث ما بين سطوره علنا "نفهم" يضع مكانةً خاصة للدراما فى وقت نحن أحوج ما نكون لقلمه.
تُرى ما السر الذى يجعلنا نلتف خلف أعماله؛ هل تلك الرؤية البسيطة والعميقة فى آن واحد.. أم ذلك الإدراك للشخصية المصرية وكافة المؤثرات حولها؟ أم تلك الإطلالة التى تسبق المستقبل لترى تفاصيله من خلال الرموز والاختصارات التى علينا أن نجد لها تفسيراً، ونبحث خلف شخصياته وكأنها "الملاذ" للفهم؟
اكتفى الكثيرون بالتعبير الدرامى أياً ما كان للتواجد على الساحة؛ لكن وحيد حامد لم يكتفِ بنوع درامى فانطلق من المسرح نحو الإذاعة والتليفزيون ثم السينما وتجول بين كل ذلك مرات ومرات؛ ليختار "الوسيط" القادر على إيصال ما يريد؛ لذلك لا يمكن أن يكون "طائر الليل الحزين" ليحيى العلمى أو "الوعد" لمحمد يس، سوى أفلام؛ بينما "العائلة" لإسماعيل عبد الحافظ أو "أوان الورد" لسمير سيف، سوى مسلسلات تليفزيونية.
ذلك الاختيار جعله فى ذات الوقت يمنح للشخصيات والموضوعات ما يليق، فمن يمكنه تجاوز شاعرية ذلك "الطائر" الذى استطاع أن يكشف قلم "الوحيد" داخله عن مساحات الحزن غير المطروقة، وأن يتلمس ما بين "ساعات السفر" شخصيات وتاريخ الوطن، ليمكنه أن يحدد بوضوح ملامح "الغول".
وكما كان الاختيار يميل نحو السينما أو التليفزيون فى لحظة، صارت أسماء الأعمال لديه فى حد ذاتها إشارات، و الكلمات التى تنطق بها الشخصيات علامات؛ فمن ينسى جملته الشهيرة التى جعلت مصر تختلف من "فوق" غير تلك التى من "تحت"؟؟ ولم يدقق فى تفاصيلها ويسعى لفك رموزها المتعددة، وكأنها لغة فى حد ذاتها يمكن أن تقرأها من اليمين فتدرك جانباً، ثم تعيد قراءتها من اليسار فتجد معنى آخر وتشعر أن ثمة ما تفتقده فتعيدها من الأسفل والأعلى. وبعد كل تلك المحاولات قد تحصل على "سرها".
كل ذلك جعل مشوار وحيد لا ينفصل لحظة عن أحداث الوطن؛ لترصد سلسلة أعماله مع الزعيم والمخرج شريف عرفه مراحل تحولاته، والتى سبقها الكثير من الإشارات لنجد حواراً خاصاً لا يمكن أن يسطره سوى قلمه الذى حدد "اللغة" ما بين الراقصة والسياسى، وبحسه "الوطنى" يسطر تاريخ الجماعة وخفاياها، وكأن "دراماته" عين حورس الحارسة.. تحيةً له ولكل قلم أدرك دوره فكان "درعاً" للوطن.