القاهرة 22 سبتمبر 2020 الساعة 10:52 ص
حاوره: عاطف محمد عبد المجيد
منذ العام 2005 وأعماله الروائية والقصصية تتوالى في الصدور، وما بين مجموعته القصصية "التابوت" وروايته "نو?يلا" هناك العديد من المجموعات القصصية والروايات والجوائز والتكريمات، ورغم إقامته بعيدًا عن أضواء العاصمة وشلليتها، ونقادها وصُحفها ومواقعها وندواتها وسطوتها، إلا أنه حفر مكانه على الخريطة الإبداعية، وأثبت وجوده بين كتيبة المبدعين المتحققين.
هنا أحاور الروائي أيمن رجب طاهر، الذي يبدو في الحقيقة مُسالمًا ووديعًا، غير أنه يشاكس الوجود بكتابته المتمردة على الواقع.أحاوره هنا كي نقترب أكثر من عالمه الإبداعي، ونعرف تأثير إقامته في الصعيد على إبداعه إن كان سلبًا أم إيجابًا.
أيمن رجب طاهر واحد من الأدباء الذين لم يغوهم سحر العاصمة بكل ما فيها من شهرة وأضواء، تُرى كيف بقيت حيث ولدت في الصعيد ولم تتغلب عليك شهوة الإقامة حيث وسائل النشر والنقاد وما إلى ذلك؟
القاهرة كعاصمة عظمى بكل ما فيها ومن فيها، لا شك أنها موطن الجذب والقرب من وسائل النشر، وعرض الأعمال على أساتذتنا النقاد من ذوي الذائقة النقدية الراقية والمحايدة في آنٍ واحد، ولكن عدم الإقامة بها لم يمنع التواصل مع دور النشر المختلفة والنقاد، وأيضًا المشاركة في المسابقات الأدبية عبر الإنترنت وشبكات التواصل الإلكتروني بكافة أنواعها، فلم تعد الإقامة بعيدًا عن العاصمة تمثل مشكلة كبرى.
كثير من الأدباء الذين بقوا في مسقط رأسهم يندبون حظهم، أحيانًا، ظانين أن أحوالهم كانت ستتغير، إن كانوا هاجروا إلى العاصمة، ما رأيك؟
لا أوافق على ما يقولون، فإثبات الوجود يأتي من الدأب في تجويد العمل الأدبي ليقدم الجديد للقارئ، وأدلل على ما أقول بوجود ظاهرة أدبية عظيمة الشأن هي الشاعر والمسرحي الأستاذ: درويش الأسيوطي الذي حشد جهده في جمع التراث الشفاهي الشعبي بالصعيد الذي اتخذه منبعًا من منابع البحث والدراسة ويستحق على جهده الكبير أعظم الجوائز، وأكرم تقدير، وكما أوضحت سلفًا انتشار مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها أثبت قدرة فاعلة في التواصل مع الجميع سواء النقاد أو دور النشر أو الأدباء بعضهم مع بعض.
نالت روايتك القحط استحسان القراء والنقاد، هل كنت تتوقع حصولها على جائزة الدولة التشجيعية، بما أنك كاتب إقليمي كما يحلو للبعض أن يصف أدباءَ خارج العاصمة؟
منذ صدور رواية "القحط" في طبعتها الأولى 2013م والكثير من النقاد يتناولونها من مختلف الزوايا، وحقيقة نالت استحسان القراء، وحين شاركت بها في جائزة الدولة التشجيعية القيّمة كرواية تاريخية، كنت أتمنى أن تفوز بها وتحققت أمنيتي بفضل الله تعالى، وهي الجائزة الأعظم من بين العديد من الجوائز التي حصلت عليها من قبل، سواء الرواية أو القصة القصيرة..حقيقة لا أعترف إطلاقًا بما يسمى "كاتب إقليمي" فأنا كاتب مصري يعيش في وسط الصعيد، وغيري يقيم في أقصى الجنوب أو الشمال أو في أي مكان، وجميعنا كتاب مصريون كما يوجد الكثير من الروائيين والشعراء في دول العالم يقيمون بعيدًا عن صخب العاصمة.
كونك مولودًا ومقيمًا في صعيد مصر ماذا أخذت، كمبدع، من الصعيد؟ وماذا أخذ الصعيد منك؟ أعني هل حرمتك إقامتك فيه من ميزات نالها غيرك بالإقامة في العاصمة؟
أخذت من الصعيد الالتزام واحترام الآخرين مهما كان توجههم، وهذه قيم ينالها أي إنسان يحيا في أي مكان يمتاز بالالتزام، وتشربت من أساتذتي الذين أقيم معهم كل معاني التعاون في نقل الخبرات، ولم تحرمني إقامتي بالصعيد من المشاركة في المؤتمرات والندوات ومحت وسائل التواصل الالكتروني أي قصور في التواصل مع الآخرين.
أريد معرفة وجهة نظرك في الشعراء الذين اتجهوا إلى الرواية، وما هي الدوافع الحقيقية لذلك في رأيك؟
الأديب الحقيقي في داخله قوة كامنة من الإبداع يعبر عنها كما يريد، فلا ضير من اتجاه بعض الشعراء إلى كتابة الرواية وهذا لا يطعن في ولائهم للجنس الأدبي الذي عُرفوا به، وأعتقد أنه لا توجد دوافع كما يدعي البعض من أفول الشعر وقوة الرواية فلا يزال الشعر له تأثيره الكبير في الوجدان.
تكتب الرواية والقصة القصيرة، هل تتعمد ذلك؟ أم هو العمل الذي يفرض نفسه؟
إنها الفكرة، تلقي ببذورها وأفسح لها لتختمر وتنضج، وتُطرح كيفما تريد وتشاء، فلا تعمُّد في ذلك.
رغم أن معظم الأماكن الثقافية خارج العاصمة تفتقد إلى أشياء كثيرة، إلا أنها تشهد صراعًا بين الأدباء، أريد أن أعرف تقييمك لمن يتحاربون على الفتات.
الأديب الحقيقي هو من يقدّم عملًا جادًا متميزًا جديدًا، يدهش المتلقي ويتحاشى الانشغال بصراعات لا طائل منها.أنا أشعر تجاه هؤلاء المتحاربين على الفتات بالشفقة؛ لأنهم يضيعون وقتهم وجهدهم بلا طائل، ويفتقدون إلى عمق الرسالة المفترض أنها ملقاة على كواهلهم، ألا وهي تقديم إبداع حقيقي.
يشعر كثير من مبدعي الصعيد بالظلم، هل تشعر به مثلهم؟ أم أنك حققت ما تود الوصول إليه من مكانك هذا؟
لكوني بعيدًا عن العاصمة لا يشعرني ذلك بالظلم في شيء، فالتواصُل مع الجميع أصبح متاحًا بأيسر السُبل، وقد تحقق القليل من طموحاتي، ومما وددتُ الوصول إليه وأنا في مكاني، ولا تزال رحلة تحقيق الذات مستمرة.
ما تقييمك للحركة الإبداعية في الصعيد عامة، وأسيوط على وجه الخصوص؟
الحركة الإبداعية في الصعيد عامة تقدم كل يوم المزيد من المبدعين في كافة حقول الإبداع من قصة ورواية ومسرح ونقد، أما أسيوط فالحركة الإبداعية والثقافية فيها نشطة للغاية، والطرح الجديد مستمر على الدوام، ومواطن صنع القرار من القيادات الثقافية سواء بإقليم وسط الصعيد الثقافي أو فرع ثقافة أسيوط تضرب المثل الأعلى في تهيئة البيئة المناسبة والمحفزة لمزاولة العمل الثقافي وتبني الجديد من الأفكار.
لنفترض أن هناك قارئًا لم يقرأ لك من قبل، ماذا تقول له لتعرفه بك، ولتلفت انتباهه إلى كتابة مبدع له العديد من الإصدارات، وحصل على الكثير من الجوائز؟
أقول له: إن وقع بين يديك أحد أعمالي الروائية أو القصصية فاقرأه وتواصل معي فيهمني رأيك لأتعلم منه.
هل هناك شخصيات في حياتك، إنسانيًّا وإبداعيًّا، تود أن تبعث إليها برسالة ما، أو تشكرها مثلًا؟
أتوجه بالشكر لكل أساتذتي وأصدقائي المبدعين الذي أقيم معهم، فجميعهم متحققون شعرًا ومسرحًا وقصة ورواية ونقدًا، ولا غنًى عن أي منهم، ومنهم تعلمت الكثير.