القاهرة 10 سبتمبر 2020 الساعة 12:42 م
بقلم: د. هبة سعد الدين
اعتدنا أن تصاحب الابتسامة أشياء أخرى؛ عيوب أياً ما كانت يتم استغلالها للسخرية أو مظهر غير منسق يستخرج الضحكة عند رؤيته، أو سلوكيات غير سوية، وكأن الابتسامة منبعها "القبح" والأشياء الخارجة عن الإطار!! ولكن "السيدة" الجميلة شويكار التى رحلت عن عالمنا جاءت لتهدم تلك الأساطير؛ لنلمح الجمال فى ثيابها "الرثة" وبريق الرقة والأنوثة فى وجهها الذى من المفترض أنه ملىء بالتراب!! فى أيقونتها المسرحية "سيدتى الجميلة" 1969 لسمير خفاجى وبهجت قمر والمخرج حسن عبد السلام؛ لتشع حركاتها دلالا وضوءاً وسط الأجواء، رغم أن بدايتها كانت فى فيلم "حبى الوحيد" 1960 لعلى الزرقانى وصبرى عزت والمخرج كمال الشيخ الذى قدمت فيه بكل أناقة ورقة دوراً صغيراً؛ لكنه ترك علامةً وتساؤلا عن تلك الجميلة الراقية التى أحبت من طرف واحد!! ويتوالى بعده الكثير من الأدوار التى تؤكد على تميزها وأنها فنانة غير معتادة يصعب تكرار موهبتها، فذلك البريق الذى يصاحبها يمنحها "جبروت" السلطة فى فيلم "طائر الليل الحزين" لوحيد حامد ويحيى العلمى، حتى تصل "أمريكا شيكا بيكا" لمدحت العدل وخيرى بشاره وقد انتهكتها الأيام وتتألق فى آخر أعمالها السينمائية لخالد يوسف "كلمنى شكراً" وتشتاق لبريق ميكرفون الإذاعة وتراه قادراً على شفاء آلامها بعد أزمتها الصحية التى استمرت سنوات ولم تريد أن يتذكرها الجمهور سوى "ابتسامة" فى لحظات صعبة؛ إلا أن القدر لم يحقق لها آخر الأمنيات.
قدمت شويكار العديد من الأعمال الإذاعية والسينمائية والتليفزيونية والمسرحية التى تنوعت لنراها ممثلة من "العيار الثقيل" القادر على منح الدور أبعاداً أخرى فها هى تعيد تقديم "الثلاثية" من خلال قلم محسن زايد؛ لنرى "زبيدة " العالمة فنعيد التفكير فى واقعها وشخصيتها وعلاقتها بالسيد أحمد عبد الجواد، وذلك ما حدث فى كل الأدوار؛ لنرى ضحكتها التى ليست بالشريرة فى "الزوجة 13" لأبو السعود الإبيارى وفطين عبد الوهاب فندرك معها أن العلاقات لها أبعاد أخرى.
وها هى تشرق من جديد فى مسرحية "الزيارة انتهت" لسمير خفاجى وبهجت قمر والمخرج سمير العصفورى؛ لنراها تعيد اكتشاف نفسها والنص فى ذات الوقت لأول مرة بعيداً عن فؤاد المهندس ومشوارها معه فى الإذاعة والسينما والمسرح والأعمال التى امتدت على مدى أكثر من عشرين عاماً حتى إنه يصعب حصرها منذ مسرحية "أنا وهو وهى" 1963 وحتى مسرحية "روحية انخطفت" 1989؛ فتلك الساحرة استطاعت أن تقدم الكوميديا والغناء والاستعراض والتراجيديا فى ذات اللحظة لتختلط الابتسامة بالدموع.
لتأخذنا أناقةً وحضوراً طاغياً فى كل مشهد بصوتها الذى سطر تأثيره ضحكاً ودلالاً وأنوثة؛ وتغير مفهوم أن المرأة الجميلة لا يمكنها أن تكون صاحبة خفة الروح.. فنحن لا يمكن تذكرها بدون أن نبتسم.