أكرم مصطفى
إن التساؤل عن وسطية الإسلام تم طرحه من قبل عشرات الباحثين منذ نهايات القرن قبل الماضي، ورغم هذه العقود التي مرت على طرح هذا السؤال من قبل المفكرين والباحثين، حتى أن المرء يتوقع أننا يجب أن نتوقف عن طرحه؛ لأنه صار بديهية قتلت بحثا إلا أننا في ظل تواصل الإرهاب الفكري الذي وسم الإسلام من قبل المتشددين دينيا حتى أنه بات في وعي الكثير من شعوب العالم أن كلمة إسلام ترادف ـ بحسبهم ـ كلمة إرهاب؛ لذا بات من المهم أن نعيد صياغة السؤال بشكل ينفي عن الإسلام هذه التهمة المشينة. وقد فعل ذلك الباحث مصطفى عطية جمعة في كتابه " وسطية الإسلام في حياتنا الفكرية " الذي صدر مؤخرا عن دار شمس بالقاهرة.
يقع الكتاب يقع في أربعمائة وثمانية وعشرين صفحة من القطع الكبير ، ويقدِّم رؤية تتمحور حول: أهمية النهج الوسطي والفهم الصحيح للإسلام في تجديد قضايا الفكر الإسلامي واتصالها بأمور الواقع المعاصر، في ضوء الأفكار المُطالِبة بتجديد الخطاب الإسلامي، ومعالجته لمستجدات فكرية واجتماعية وثقافية وسلوكية تظهر كل يوم، وهو دون شك حديث الساعة في الأُمة كلها، وكل من له شأن يُدلي بدلوه فيه من منظوره ورؤيته وفي ضوء ثقافته ووفق علاقته وتماسه مع هؤلاء الأفراد، والكل يعاني من غياب الوعي الصحيح والفهم الوسطي والاعتدال في الرؤية والفتوى ، أمام نوبات الغلو والتشدد من جهة البعض، أو التفريط والركض وراء الطروحات المستوردة من الفكر الغربي من جهة آخرين.
ويسعى الكتاب من خلال هذه الرؤية إلى مناقشة جُملة أمور تتعلق بالخطاب الديني الراهن، وهي على شقين: شق الغلو وشق الإفراط، مؤكدًا على وسطية الإسلام في عقيدته ومفاهيمه وشريعته ، أي أن الهدف المتوخى من هذا الكتاب هو الإجابة عن سؤال مفاده: كيف يمكن أن نقدِّم خطابًا دينيًا يناقش ويعالج مستجدات الواقع بكل ما فيه من عوار وجراح ونشوز وتقلبات؟.
الكتاب يتضمن خمسة فصول في بابين رئيسين، فيناقش في الباب الأول الوسطية وقضايا التجديد والخطاب، وينقسم هذا الباب إلى فصلين هما :
الفصل الأول : الوسطية منهج فكر وحياة
الفصل الثاني : تجديد الفكر الإسلامي وخطابه>.
أما الباب الثاني، فيناقش الثقافة الإسلامية وقضايا الحضارة والفكر المعاصر، وينقسم إلى ثلاثة فصول هي :
الفصل الأول : الثقافة الإسلامية والثقافات الأخرى
الفصل الثاني : الحضارة المعاصرة : الواقع والأزمة (رؤية إسلامية وسطية)
الفصل الثالث : موقف الإسلام من العالمية والحداثة إلى العولمة وما بعد الحداثة