القاهرة 08 سبتمبر 2020 الساعة 11:18 ص
بقلم: أرسولا. ك. لوجين
ترجمة:سماح ممدوح حسن
فى مقابلة أجراها"جوناثان وايت" وذكرها فى كتابه "الحكي على الماء"مع"أرسولا ك لوجين" الكاتبة الأمريكية (أكتوبر 1929_يناير2018) تحدثا عن الطبيعة والإبداع وقالت:
"إن الروتين اليومي لمعظم البالغين فى العالم ثقيل ومصطنع وهذا من شأنه عزلنا عن بقية العالم. وهذا ما يحتمه علينا العمل لإنجازه. لذا أنا أعتقد أن غرض الفن هو إخراجنا من هذا الروتين. وبالتالي عندما نسمع موسيقى أو قصيدة أو نقرأ القصص، فإن العالم ينفتح أمامنا مرة أخرى. فلو انجذبنا للداخل أو الخارج فإن نوافذ إدراكنا يتم تنظيفها كما قال وليام بليك. وهذا بالضبط ما يمكن أن يحدث عندما نحاط بالأطفال أوحتى بعض البالغين الذين لم ينعزلواعن بقية العالم"
وعن الثقافة قالت:
"ثقافتنا لا تعتبرسرد القصص عملا مقدسا، فنحن لا نخصص وقتا لهذا الغرض كل عام. بل إننا لا نعتبر أى شيء مقدسا سوى ما تقرره لنا المؤسسات الدينية. إن عمل الفنانين لهو دعوة مقدسة على الرغم من أن البعض يتراجع أو يتأخرفى اعتبار أعمالهم مقدسة. الفنانون محظوظون لامتلاكهم الشكل الذي يستطيعون به التعبير عن أنفسهم وهذا فى حد ذاته يُعد قداسة بالإضافة إلى الإحساس الرائع بالمسؤلية. لابد وأن نقوم بهذا العمل بشكل صحيح، لكن لماذا يجب علينا القيام بهذا بشكل صحيح؟ لآن هذا هو بيت القصيد،إما أن يكون العمل صحيحا أو خاطئا"
وفى إحساس يذّكرنا بتأمل"ألبير كامو"فى الثغرة بين الحقيقة والمعنى، تقول أرسولا لوجين التى أمضت آخر خمسة وستين عاما وهى متزوجة من مؤرخ وتعبر عن رؤيتها بين أحداث الماضي وروايتها الانتقائية فيما نسميه بالتاريخ، تقول:
"إن التاريخ هو أحد الطرق لسرد القصص، مثل الأسطورة، أوالسرد الخيالي، أوالسرد الشفهي. لكن في المائة سنة الأخيرة استبق التاريخ الوسائل الأخرى لسرد القصص وذلك عن طريق ادعائه الحقيقة المطلقة أو الموضوعية. وفى محاولتهم ليصبحوا علماء وقف المؤرخون خارجا وسردوا قصة كيف حدث الحدث. لكن كل هذا تغير بشكل جذري فى العشرين سنة الأخيرة. واتفقوا على أن كل عصر له تاريخه الخاص، وإن كان هناك أى حقيقة موضوعية لن يمكن الوصول إليها بالكلمات. فالتاريخ ليس علما إنما هو فن".
أماعن حديثها عن من يعرقلون الواقع بالكلمات قالت:
"ككاتب تريد أن تكون اللغة فى غاية الأهمية وتعنى بالتحديد ما تريد قوله. وذلك هو سبب أن لغة السياسيين خالية من كل شيء؛ لكنها مليئة بإشارات وحشية، وهذا بالضبط ما يجب على الكاتب الابتعاد عنه بقدر الإمكان. فإن كنت تظن أن الكلمات هى أفعال، كما أفعل، حينها يجب على المرء تحميل الكاتب ما تفعله كلماته".
وعن تركيز الاستعارات فىتفكيرنا، تقولأرسولا:
"لا يمكن إعادة بناء مجتمعنا قبل إعادة بناء اللغة الإنجليزية. فأحدهما يعكس الآخر. فالعديد من الناس سئموا الكم الهائل من الاستعارات التي تتعلق بالحروب والصراعات وانتشار استعارات المعركة كما لو كنت محاربا، أو تصحيحا، أو هزيمة. وإلى ما ذلك منالاستعارات. وردا على ذلك يمكنني القول، أول ما تُذكر استعارات"المعركة "فلا سبيل للرد عليها سوى القتال ضدها، وهذا أحد الخيارات. أما الخيار الثانى، هو إدراك أن الصراع ليس هوالاستجابة الوحيدة لأي موقف، والبدء فى إيجاد استعارات أخرى، مثل المقاومة، أوالتفرد، أوالتخطي، أو التخريب. وهذا النوع من الوعى يفتح الباب لكل أنواع السلوكيات الجديدة"
ثم تشير"أرسولا" إلى أن الأدب يوسع فهمنا لتجاربنا الخاصة من خلال إثراء لغتنا وتقول:
"إن واحدة من أهم وظائف الأدب هي إعطاء الناس المفردات التي تعينهم على فهم تجاربهم الخاصة. ففي أي ثقافة هناك مناطق واسعة من الصمت، وجزء من وظيفة الفنان هى الذهاب إلى مناطق الصمت هذه والعودة مع شيء ليقوله.وهذا أحد أسباب قراءتنا للشعر، فالقصيدة تمدنا بما نحتاج من كلمات. فعندما نقرأ قصيدة جيدة فغالبا ما نقول"يااااه، هذا بالضبط ما أشعر به".
تقول أرسولا إن الفنان هو نوع من المؤرخ الروحي أوالعاطفي الذي يجعلك تشعر بعذاب ومجد الوصول لمن تكونه أنت:
"السرد القصصي هو أداة لمعرفة من نحن، وماذا نريد أيضا. فإن لم نجد تجربتنا موصوفة فى الشعر أوالقصص، فسوف نفترض أن تجربتنا غير مهمة".
https://www.brainpickings.org/2018/01/30/ursula-k-le-guin-walking-on-the-water/
المصدر.