القاهرة 03 سبتمبر 2020 الساعة 10:34 ص
فى يوم من الأيام، دُعيت للمشاركة فى صالون ثقافى لداعية ديني كبير، وكان موضوع النقاش عن "الإلحاد" واذا بأحد أساتذة علم الاجتماع يتحدث محللاً الظاهرة من منظور اجتماعي، واستفاض فى حديثه حتى ذكر أن جامعته قبل ثورة 25 من يناير كانت لا تفضل تسجيل رسائل الماجستير والدكتوراة التى تناقش قضية الفساد؛ لأسباب بعضها يتعلق بعدم رغبة الجامعة فى أن تغضب النظام السياسى القائم وقتها!، واستمر هذا الحال حتى أندلعت الثورة وخرج جموع الشعب المصرى ضد مبارك ونظامه، وفساده؛ رغم رفض الجامعة مناقشة قضية الفساد خشية من مبارك!
خلال أيام قليلة وتحديداً يوم 9 من ديسمبر الجارى يحتفل العالم باليوم العالمي لمكافحة الفساد وهو ما يتزامن مع ما أعلنه الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء بإصدار قرار بتعيين اللواء أ. ح شريف سيف الدين، مستشارا لرئيس الوزراء لمكافحة الفساد، بدرجة وزير، وهو قرار جيد وجاء فى الوقت المناسب؛ ويستكمل ما بدأته الدولة المصرية فى أعقاب ثورة 30 من يونيو من حرب على الفساد إلى جانب حربها على الإرهاب، ويعزز الدور الذى تقوم به هيئة الرقابة الإدارية التى شغل رئاستها اللواء أ.ح شريف سيف الدين، وكذلك ما تقوم به الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد برئاسة اللواء هشام زعلوك من جهود كبيرة منذ إنشائها للتوعية بمخاطر الفساد، وسُبل منعه على المستوى المحلى والإقليمي.
فى عام 2014 أعلنت منظمة الشفافية الدولية، إنه لا توجد أي إحصائيات تشير إلى تحسن نسب الفساد في مصر إلا أن "هناك قصورا في التشريعات واللوائح التي تهدف إلى مكافحة الفساد في مصر"، و إن مصر تعاني من عدم وجود خطط محددة ومعلنة لمكافحة الفساد. "التحسن في مجال المكافحة يحتاج إلى خطوات علمية وإطار محدد.. ومع الأسف مصر ليس لديها إجراءات واضحة ومحددة ذات إطار زمني معلوم لمكافحة الفساد.. ولذلك ساءت الأمور بها".
بعد 5 سنوات من بيان منظمة الشفافية الدولية ظهر تقرير للمنظمة يشير الي تحسن ترتيب مصر في مؤشر مدركات الفساد لعام 2018، بنحو 12 مركزا، لتحتل الترتيب الـ 105 بين 180 دولة مقابل الترتيب الـ 117 في عام 2017، حيث حصلت مصر على 35 درجة فى هذا العام في تصنيف المؤشر التي يتم بناءً عليه ترتيب الدول، وذلك مقابل 32 درجة في تصنيف العام الماضي بتحسن 3 درجات.
وأكدت المنظمة أنه كلما اقتربت درجة الدولة على المؤشر، الذي يقيس مستويات النزاهة سنويا في مختلف دول العالم، من صفر كلما دل ذلك على أن هذه الدولة أكثر فساداً، وكلما اقتربت من 100 كلما عكس ذلك زيادة نزاهتها، وفى اعتقادى ان ما حدث خلال خمس سنوات ما بين بيان منظمة الشفافية الدولية 2014 و 2019 يعود للجهود الكبيرة التى قامت بها هيئة الرقابة الإدارية بمؤسساتها، والاجهزة المسؤولة عن مكافحة الفساد فى إطار استراتيجة الحكومة المصرية ما بعد 30 من يونيو.
لكن مازال أمامنا تحدي آخر إلا وهو الفساد الأخلاقي الذى هو أخطر من الفساد المالى العيني، لأن استشراءه فى المجتمعات يمهد لدمارها؛ وعلينا أن ننظر إليه بعين الإعتبار خاصة وانه يهددنا فى الشارع وداخل مؤسسات العمل وفى مدارسنا، ويجب أن تضع مناهجنا التعليمية ذلك فى الإعتبار على أن يتم مواجهة هذا الخطر الداهم بجدية، وكذلك من قّبل وسائل إعلامنا، ومنظمات المجتمع المدني، واحزابنا السياسية، وقبل كل ذلك من قبّل الأسرة على أن لا يقتصر دورها فقط على التوجيه والتنبيه والإشارة إلى ما هو صحيح او خطأ، بل يجب أن تكون التربية مبنية على الحوار الهادئ الهادف بين الأبناء والآباء.
كما لا ينبغي إغفال دور المسجد والكنسية والإمام والراهب المربّي والموجه والذي كان يسأل ويتفقد أحوال الشباب.