القاهرة 13 اغسطس 2020 الساعة 11:51 ص
تعد جمهورية مصر العربية أكبر مخزن أو مستودع للوثائق في العالم، وذاكرة للعالم أجمع؛ ومع ذلك لا ترقى الوثيقة أو المخطوطة لمستوي الأهمية في بلادنا!، رغم أن المسلات المصرية القديمة هي أول عملية للتدوين وحفظ السيرة، ومع ذلك لازال أمامنا الكثير حتى نستوعب أهميتها.
ويبقى سؤال حول أهمية الكتابة عن الوثائق وأهميتها في مثل هذا التوقيت؟؛ للإجابة عن هذا السؤال تعالوا معاً نتابع ما حدث خلال الأسابيع القليلة الماضية؛ حيث تطايرت بعض الأخبار حول تكليف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للمؤرخ بنجامان ستورا لكتابة تاريخ مشترك للاستعمار الفرنسي للجزائر من أجل تشجيع المصالحة بين البلدين، و إعداد تقرير دقيق وعادل حول ما أنجزته فرنسا حول ذاكرة الاستعمار وحرب الجزائر، على الرغم من أن التاريخ الجزائري لم يكن حكرا على المؤرخين الجزائريين وبعض الأسماء العربية فقط، بل ساهم فيه العديد من الكتاب الفرنسيين ممن أرخوا لفترات هامة، بخاصة الحقبة الاستعمارية!.
لماذا طالب"ماكرون" في هذا التوقيت بإعادة كتابة التاريخ الفرنسي الجزائري المشترك؟، دعونا نستشهد بما قالته الدكتورة زكية زهرة أستاذة التاريخ الحديث في جامعة الجزائر أثناء عملها في رسالتها لنيل درجة الماجستير حول التنافس الفرنسي الإنجليزي على الجزائر وموقف الباب العالي منه، حيث أكدت أنها لم تجد الوثائق اللازمة لإتمام الدراسة في الجزائر وإنما في اسطنبول وفرنسا وإنجلترا.
وحول أهمية إعادة كتابة تاريخ الجزائر وإمكانية تحقق ذلك كما تراها من خلال خبرتها قالت: " تاريخ الجزائر كُتب بالدرجة الأولى بأقلام فرنسية، صحيح أننا شهدنا حركات تطالب بإعادة كتابة تاريخ الجزائر بأقلام وطنية، قبل الاستقلال وبعده، إلا أن الخطر دائماُ يكمن في أن هذه الدعوات تأتي من الرغبة في الرد على ما قيل عنا من الآخرين، وقالت: مشكلتنا أننا في معظم الأحيان نتصدى للرد، فيجيء عملنا رد فعل لفعل بادر به الآخرون مما يبتعد بنا عن الموضوعية".. هل استطعت أن أقدم إليكم إجابة عن أهمية الوثيقة الآن؟ أما لا؟، أفترض أن ما قالته الدكتورة زكية زهرة لم يقدم إجابة وافية، إذا فنتابع البحث علنا نصل لإجابة.
مصر كما أشرت في بداية المقال أكبر مستودع للوثائق لذا تشهد حرباً خفية من قبل بعض الأطراف للاستيلاء علي ما لديها من وثائق علها غير محفوظة في دار الكتب والوثائق القومية المستودع الرسمي للوثيقة في مصر، فمازال لدينا بعض أسر الزعماء السياسيين وغيرهم من المجالات ممن يحتفظون بالخطابات والوثائق والمخطوطات لذويهم ولم يقدموها لدار الكتب أو لأي مؤسسة لحفظ الوثيقة في مصر؛ هذا بخلاف ما يقوم به بعض" سماسرة الوثائق" في مصر ممن يحترفون تسهيل مهمة بيع الوثائق للخارج ومن بينها دول قد تكون تحملاً عداءً بيناً للدولة المصرية وهو ما يستوجب الإشارة والتنبيه والحذر.
ختاماً، علينا أن نؤكد أن مصر أكبر مستودع للوثائق الأدبية، والوثائق الخاصة بأشهر الجمعيات والطوائف في قبل ثورة 1952، و الجمعيات السرية؛ غيرها من الوثائق السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية، والتي اختفت طوال العقود الماضي في ظروف غامضة ومعروفة فقدت الذاكرة المصرية بفقدانها جزءاً كبيراً من تاريخها؛ لذا يتوجب على الجمعية المصرية للدراسات التاريخية، ولجنة التاريخ بالمجلس الأعلى للثقافة؛ والأكاديميين من المتخصصين في الدراسات التاريخية تنظيم مؤتمراً بل سلسلة من المؤتمرات لتباحث هذا الأمر بهدف وضع تصور استراتيجي لصون الوثيقة المصرية في وقت يراهن فيه العالم على أهمية الوثيقة.