القاهرة 30 يوليو 2020 الساعة 10:20 ص
فى الأوقات التى تشهد فيها الدول صاحبة التاريخ تحولات كبرى على مستوى دورها الإقليمي والدولى والأقتصادي والسياسي، تلعب المؤسسات الكبرى بداخلها – خاصة المؤسسات التى تحظى بثقة الشعوب - ومنها المؤسسة العسكرية دوراً كبيراً ليس على مستوى تحقيق الأمن والأمان للشعوب وحسب؛ بل وعلى مستوى دورها فى تشكيل قوتها الناعمة، وهو ما برز ومازال بشكل جلى خلال الدور الوطني لأبناء قواتنا المسلحة المصرية فى مجتمعنا المصرى ممن ساهموا فى تشكيل الوجدان المصري، وبناء الإنسان ثقافياً وفنياً ومعرفياً، وهو دورعظيم لا ينكره أحد، وكلنا تلمسناه فى حياتنا سواء من خلال دور بعضهم فى وضع الخطط الإستراتيجية البعيدة المدى على مستوى الثقافة، أو من خلال مشاركات البعض منهم خلال مسيرة الفن السابع عبر أفلامنا المصرية الجميلة التى تربينا عليها، أو من خلال الكلمة المكتوبة سواء التى قرأناها من خلال الكتب أو المقالات.
ومن أبرز أبناء القوات المسلحة المصرية ممن لعبوا دوراً ثقافياً وتنويرياً كان ولازال يمثل علامة مضيئة فى حياتنا ومشوارنا الذى نسير فيه معاً فى إتجاه التنمية والتقدم ورفعة شأن الدولة المصرية، الشاعر محمود سامي البارودي المصري ( 6 أكتوبر 1839 _ 12 ديسمبر 1904)، والذى التحق بالسلك العسكري، وقد ثقف نفسه بالاطلاع على التراث العربي ولا سيما الأدبي؛ فقرأ دواوين الشعراء وحفظ شعرهم وهو في مقتبل عمره.
أُعجب "البارودي" بالشعراء المُجددين مثل أبي تمام والبحتري والشريف الرضي والمتنبي وغيرهم، وهو رائد مدرسة البعث والإحياء في الشعر العربي الحديث، وهو أحد زعماء الثورة العرابية، ولقد تولى وزارة الحربية ثم رئاسة الوزراء باختيار الثوار لهُ، ولقب برب السيف والقلم.
من بين أبناء القوات المسلحة المصرية ممن ساهموا في العديد من المشروعات الثقافية والحضارية منها إنقاذ معبد ابوسمبل ومعبد فيلة، أيضاً، كل من ثروت عكاشة (1921 - 27 فبراير 2012) وزير الثقافة المصرى الأسبق، ونائب رئيس الوزراء المصري سابقا، والحاصل على بكالوريوس العلوم العسكرية من الكلية الحربية 1939 ثم وكيل أركان حرب 1948 ثم حصل على ماجستير في الصحافة عام1951 ثم حصل على الدكتوراه في الآداب من جامعة السوريون عام 1960، ولا ينسى أنه أول من وضع خطه إستراتيجية للثقافة فى مصر مازالت تدرس فى المؤسسات الثقافية لعل أبرزها تأسيس الهيئة العامة لقصور الثقافة ودورها الكبير فى تقديم الخدمة الثقافية لكل مواطن مصرى فى النجوع والقرى والمدن.
فى السينما، من منا ينسى أفلام الفارس أحمد مظهر؛ منها على سبيل المثال " دعاء الكروان، الشيماء، الناصر صلاح الدين"؛ وغيرها، ومن المعروف أن الفنان أحمد مظهر تخرج فى الكلية الحربية عام 1938 مع الرئيسين أنور السادات وجمال عبدالناصر ثم ألتحق بعدها فى سلاح المشاة، ثم انتقل لينضم لسلاح الفرسان وتدرج إلى أن تولى قيادة مدرسة الفروسية وشارك في حرب فلسطين عام 1948 ثم تفرغ للتمثيل فأبدع وترك تراثاً كبيراً من فن الزمن الجميل.
المؤسسة العسكرية فى مصر معينها الثقافى والإبداعي لم ينضب على إمتداد تاريخها، وهو ما نجده متمثلاً فى واحد من أبنائها الآن يلعب دوراً ثقافياً وتنويرياً من خلال مقالاته ومؤلفاته هو الكاتب محمد نبيل والذى صدر له منتصف مايو الماضى كتابه "حكايات الولِاد والأرض"، ويستعرض خلاله قصص بطولات وتضحيات أبناء القوات المسلحة، وأعلنت الدكتورة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة، السبت الماضى عن انطلاق فعاليات مشروع "أبطال من بلدنا" وهو مشروع يحول قصص وبطولات أبناء مصر الواردة فى هذا الكتاب إلى أعمال مسرحية تعرض في مختلف ربوع مصر، على أن تكون البداية من المدينة الباسلة (بورسعيد) بحكاية الشهيد جندى مقاتل مصطفى خضر من إخراج محمد عشري، وجنوبًا من أسيوط مع قصة الشهيد جندي مقاتل أبانوب ناجح مرزوق من إخراج خالد أبو ضيف، كما تشهد محافظة الجيزة حكاية شهيد الواجب المجند محمود حامد أبو العلا من إخراج أحمد طه، أما محافظة الدقهلية تستقبل حكاية الشهيد على على السيد من إخراج سعيد منسي، ليتعرّف أبناء محافظة الغربية على حكاية الشهيد رقيب محمد السيد إسماعيل إخراج السيد فجل، وتعرض في أسوان حكاية الشهيد جندي عمر حسين عبد الله سنوسي من إخراج شاذلي فرح.