القاهرة 14 يوليو 2020 الساعة 10:00 ص
بقلم: أسامة الزغبي
تسيدت اللغة العربية فى مصر مع الوقت، وبعد أن زاحمت القبطية فزحمتها وما كان للقبطية أن تصمد أمام لغة أصبحت هى اللغة الأولى فى العالم كما أوضحنا فى الجزء الثانى من هذه الثلاثية، وأصبحت هى اللغة الرسمية والشعبية فى كل العصور التالية من أيوبية ومملوكية وإن اعتراها الكثير الضعف أثناء الاحتلال العثمانى لمصر الذى استخدم التركية فى أمور السياسة والدواوين الحكومية وأهمل التعليم بشكل عام، حيث أهملوا بناء المدارس وتركوا القائمة منها لعناية أهل البر والذين قلت مساهمتهم مع الوقت بسبب العُسرة الاقتصادية التى عانى منها الشعب عموما، وكذلك تم إلغاء ديوان الإنشاء الذى كان بمثابة مجمع للغة العربية فى العصور السابقة، وتدهورت أحوال الثقافة بشكل عام وقل مستهلكو الأدب الرفيع إلى أقل حد، فتدهورت أحوال اللغة العربية فى ذلك العهد، وربما لولا مكانتها الدينية لتلاشت هى الأخرى.
ومع ذلك لم تختف اللغة القبطية بشكل تام، حيث يقول المقريزي المؤرخ المصرى المعروف فى القرن الخامس عشر "و الأغلب على نصارى هذه الأديرة معرفة القبطي الصعيدي.. و نصارى الصعيد و أولادهم لا يكادون يتكلمون إلا القبطية الصعيدية".
القبطية تساعد فى فك رموز الهيروغليفية:
يذكر العلامة الفرنسى شامبليون فى مذاكراته أنه قد استعان بكاهن قبطي يدعي يوحنا الشفتشي الذى كان ينتمى لعائلة من صياغ الذهب؛ لأن كلمة شفتشى في اللغة العربية يستخدمها صائغ الذهب للدلالة على الخيوط الدقيقة المنقوشة في حيز مفرّغ من اللبة ولا يراها الناظر إلا في شفافية الضوء، ولعل ما يدعم هذا الاستنتاج أن صياغة الذهب كانت حرفة متوارثة بين الأقباط منذ أقدم العصور، وذلك لمساعدته على فك رموز اللغة الهيروغليفية بعد اكتشاف حجر رشيد الشهير، وذلك عن طريق ربطها بقواعد اللغة القبطية، حيث آمن شامبيلون بأهميه اللغه القبطية، واعتبرها تطورًا للغه الهيروغليفية، لذا افترض أن معرفته للغه القبطية سوف تساعده في فك رموز اللغه الهيروغليفية، الأمر الذي كان صائباً بالفعل.
محاولات الإحياء:
منذ القرن 12 الميلادى، حاول علماء اللغويات الأقباط الحفاظ على اللغة القبطية فقاموا بوضع ما سُمى بالمقدمات وهى بمثابة كتب القواعد أو النحو للغة القبطية وكذلك ما سُمى بالسلالم والتى تعد بمثابة معاجم أو قواميس خاصة بمفردات القبطية.
يعود الفضل إلى البابا كيرلس الرابع فى محاولة إحياء اللغة القبطية من جديد (1856ـ 1861) حيث أنشأ المدرسة القبطية بالبطريركية وفتح مدرسة أخرى فى حارة السقايين وشدد على تعلم اللغة القبطية فيهما وكذلك اشترى مطبعة كبيرة طبع فيها عدة كتب كنسية.
وحديثا قام البطريرك السابق للكنيسة المصرية “شنودة الثالث” بتشجيع القائمين على تدريس اللغة القبطية في الأماكن المخصصة لذلك، و خاصة “الكلية اللاهوتية القبطية بالقاهرة Coptic Theological Seminary” على استبعاد التأثيرات اليونانية على اللغة القبطية ومحاولة إعادتها إلى شكلها القديم بقدر الإمكان.
مؤخرا أُضيفت الأبجدية القبطية بشكل رسمى إلى لوحة المفاتيح الخاصة بشركة جوجل العالمية ضمن التحديث الأخير الذى شمل إضافة 60 لغة أخرى.
كلمات قبطية فى العامية المصرية:
إن انهزام لغة ما أمام أخرى لا يعنى اندثارها بالكامل، بل تظل مستعملة ولو فى نطاقات محدودة. ولهذا يرجع البعض اختلاف العامية المصرية عن باقى البلاد العربية لوجود الكثير من المفردات التى تعود إلى القبطية وامتزجت مع العربية بنفس أصواتها فى القبطية وتشرح موسوعة تاريخ أقباط مصر للمؤرخ عزت أندراوس بعض تأثيرات اللغة القبطية على اللهجة العامية المصرية:
- مثل استخدام كلمة “اللي” التي تقابل في القبطية “أد” أو “أدا” والتي تصلح لأي جنس وأي عدد، ولا تستخدم الأسماء العربية الموصولة مثل الذي والتي.
- في بعض مناطق صعيد مصر، تتحول السين إلى شين أو العكس مثل الشمس يقال لها السمس، وشجرة يقال لها سجرة، ومرسيدس يقال لها مرشيدس، وهذا لأن حرف السين والشين كانوا يتبادلان ما بين الصعيدية والبحيرية في اللهجات القبطية، وفي بعض المناطق، تنطق الجيم دال مثل جرجا يقال لها دردا.
- ملمح آخر يميز العامية المصرية ويعود وفقا للمتخصصين إلى تأثير القبطية هو تقديم المشار إليه على اسم الإشارة مثل قولنا (البت دى) فى حين أن قواعد اللغة العربية تقتضى تقديم اسم الإشارة على المشار إليه (هذه الفتاة).
- يختفى حرف الثاء فى العامية المصرية لعدم وجوده فى القبطية، ويتم استبداله بالتاء مثل (اثنين- اتنين) (كثير- كتير).
- إدخال حرف الباء على الفعل المضارع لإيجاد صيغة المضارع المستمر لغير موجود فى اللغة العربية (بيشرب– بياكل).
- يختفى حرفا الذال والظاء فى العامية المصرية، وذلك لعدم وجودهم فى القبطية ويتم الاستعاضة عنهم بالدال والضاد (ظهر– ضهر) (ذراع– دراع).
- تختفى الهمزات أو تستبدل بالياء مثل (دائم– دايم) وذلك لقلة الهمزات فى القبطية.
- يتحول حرف القاف إلى جيم فى الوجه القبلى لعدم وجود القاف فى القبطية (قال– جال) وإلى ألف مهموزة فى الوجه البحرى (قال – أل).
- استخدام أداة أمر من القبطية وهى (ما) قبل الفعل المبدوء بحرف التاء مثل (ما تاكل).
ومن كلمات العامية المصرية المتأثرة باللغة القبطية كما جاء بالموسوعة:
ولا، ياض، واد للإشارة إلى صبى أو لد
ادينى اعطنى
أردب مكيال للموازين الزراعية
أمبو ماء
أمّر العيش بمعنى سخن الخبز ومنها (قفاه يأمر عيش).
أوطه للاشارة إلى ثمرة الطماطم.
أيوه بمعنى نعم.
ياباى بمعنى يا خوفى.
بح بمعنى انتهى.
بشبش ومنها (يبشبش الطوبة اللى تحت دماغة) أى تصبح رطبة.
بعبع بمعنى عفريت.
بلاص بمعنى إناء.
تاتا تقال للصغار عند تعلم المشى.
جلابية بمعنى جلباب.
شأشأ للدلالة على ضوء الفجر.
شبشب حذاء للاستخدام المنزلى.
ضبة بمعنى قفل ومنها (بالضبة والمفتاح).
كانى ومانى عسل وسمنة (بمعنى الخلط فى الكلام).
مدمس مدفون ومنها الفول المدمس.
واوا تعنى الألم والوجع.
بخ بمعنى عفريت.
حتتك بتتك لحم وعظم.
سك بمعنى اقفل.
أوباش بمعنى ناس عديمة الفائدة.
مِيت بمعنى طريق (ميت غمر، ميت عقبة.....).
هم يبلع وتقال للأطفال للتشجيع على الأكل.
مدشوش مهروس.
ورور جديد (مورور يا فجل).
حاتى باتى حات (لحمة) بات (عظم) حاتى
(جزار).
زير وعاء من الفخار لحفظ الماء.
تنتون-تنتن من التشابه ويقال اتلم تنتون على تنتن.
شيش بيش عديم الفائدة.
طايش ضال.
عبيط شخص غبى.
مايص شخص أحمق وغير متزن.
مدهول مهمل.
هبل سذاجة.
هجّاص غير صادق.
هلفوت تافه.
أخس للتوبيخ.
أوبه- أوباح بمعن يحمل (لتشجيع الطفل عند حمله).
حا بمعنى امشى.
حمرأ (حمرق) رجع فى كلامه.
حومتى خجلى أو عارى.
خشم بمعنى فم.
خن بمعنى بالداخل.
دايخ غير قادر على التركيز.
ست امراة
يطنش لا يستجيب
غندور محب للدلع
فتافيت أجزاء صغيرة
فرتك بدد
فرهد ظهور القلب للدلالة على التعب
فط هرب
قزعة (أزعة) قصير القامة
قيافة (إيافة) جمال (انت النهاردة آخر قيافة)
كحكح وصل لأرذل العمر
كخ قذارة
كشكش بمعنى قصر الطول
كمان مرة أخرى
لبط مراوغ
مرمطة وجع أو ألم
مش بمعنى لا (مش لاعب: لن العب)
نونو بمعنى طفل صغير
بعض الشتائم أيضا فى العامية المصرية تعود للقبطية مثل:
جتك شوطة تأخدك بمعنى التمنى أن يصيبك وباء.
الست دى شلق من شلاك بمعنى المط مثلا أحمد يا عوووومر.
غراب البين غراب الشر
جاك خيبة بالويبة الويبة وعاء للكيل، وبالتالى يقصد جاتك خيبة كبيرة.
لو معملتش كذا هسويك سوى فى القبطية بمعنى تقطيع الأوصال وبالتالى المعنى يكون: هقطعك.
يا ابن الإيه الإيه بمعنى البقرة، وبالتالى يكون المعنى يا ابن البقرة.
فلان ده بلط بيلتى فى القبطية بمعنى مقعد أو قليل الحركة وبالتالى يكون المعنى فلان ده بطىء الحركة أو الفهم.
أوباش بمعنى عرايا أو صعاليك وليس لها مفرد.