القاهرة 07 يوليو 2020 الساعة 10:34 ص
مسرحية درامية في أربعة فصول
تأليف : ميلان فيشت FUST MIL?N
ترجمها عن اللغة المجرية: د. عبدالله عبدالعاطي النجار
الشخـصيــات:
فيلموش هوبر، عامل بمطبعة
روزا جارماكي ناماشفاريي، عاملة بمطبعة
فيلما فيج: عاملة بمطبعة
الأرملة حرم إيفرمود هوبر (السيدة هوبر)
فرنتس شيرما: جزار وصاحب المنزل
فرنتس سيكاي: قسيس
د. جولا بيك، طبيب بالمستشفى
روجي: أخت عامل المطبعة
يانتشيكا: طفل صغير، ابن فيلموش هوبر
المزارعة العجوز
الخادم العجوز
اثنان من أبناء المزارعين الصغار
صبي الجزار
العاملات بالمطبعة
التوقيت: اليوم. تدور رحى المسرحية في إحدى المدن المجرية.
الفصل الثالث
بعد مرور أسبوعين، وفي مساء يوم الأحد، تحديدًا في الساعة السابعة، على مسرح أحداث الفصل الأول، تجلس مزارعة عجوز على الجانب الأيمن للمسرح وتغزل. على الجانب الأيسر طفلان، ويقف صبي ذو رأس كبير وصبية أنيقة من أبناء المزارعين على الكرسي وينظران من النافذة.
المزارعة العجوز: مازالوا يسقطون.
الصبي (ينظر من النافذة): يا جدة، انزلق حصان.
الصبية (بنفس الأسلوب): نعم ... كم هو جميل.
المزارعة العجوز: ماذا ستفعلان إذن؟
الصبية: الناس يساعدون.
المزارعة العجوز: هل يستطيع النهوض؟
الصبي: لا.
المزارعة العجوز: هل يوجد هناك ضابط شرطة؟
الصبي: لا يوجد.
المزارعة العجوز: إذن سائق العربة؟
الصبية: سائق العربة سكرانٌ.
المزارعة العجوز: هل مازالت تمطر؟
الصبية: نعم، بغزارة. هذا يضر القمح.
المزارعة العجوز: هذا سيء للغاية! – لن يكون هناك ما نأكله.
الصبية: كما أن المزرعة لا توفر مالًا، أليس كذلك يا جدة؟
المزارعة العجوز: كعادتكم كالقرود ... لم تتغيروا. (تضحك).
الصبي: فلنغني للطقس الجيد. (يبدأ) فليرسل الإله شعاع الشمس ... (يوكز الصبية في جنبها): غَنّي!
المزارعة العجوز: فلتغني!
الصبية والصبي (يغنيان): "فليرسل الإله شعاع الشمس،
أسفل الحدائق
يوجد الإوزّ الصغير".
(يكررانها عدة مرات بينما تواصل العجوز الغزل).
فرنتس شيرما (يدخل. يشاهد الطفلين مختبئين معًا): لم يعودوا إلى البيت بعد؟
المزارعة العجوز: ليس بعد. من الأفضل أن يقول السيد المحترم للفتاة لأننا تأخرنا ... الطفل مريضٌ جدًا (تواصل الغزل.)
شيرما: كم طفلٌ لديك الآن؟
المزارعة العجوز: أربعة، ليحفظهم الإله.
شيرما: لماذا يجب على عجوز مثلك أن تراعي أطفالًا؟
المزارعة العجوز: لا أستطيع العيش بدونهم.
شيرما: لم يكن لديك أطفال من قبل؟
كان لي ستة عشر طفلًا على قيد الحياة.
شيرما (يضحك): ولم يكونوا كافيين؟
المزارعة العجوز: ولا يكفيني هؤلاء أيضًا.
شيرما: بصراحة، هل تحبيهم مثلما تحبين أطفالك؟
المزارعة العجوز: بالضبط مثلهم، ليحفظهم الرب لي.
شيرما: هذا الطفل لا يعرف والديه؟
المزارعة العجوز: هذا الصبى لا يعرف أهله، هناك من يعرفهم.
شيرما: وعلى كم تحصلين مقابل اعتنائك بهم؟
المزارعة العجوز: أربعة فورنتات تدفعهم لي الجمعية.
شيرما: وهل تتركيهم في الظلام؟ (يضحك).
المزارعة العجوز (تجمع المغزولات): فليباركهم الرب، سنغادر الآن. سيقوم السيد بإغلاق الباب. (تخرج بصحبة الأطفال).
شيرما (يتمشى وهو يصفر، ثم يجلس إلى المنضدة ويكتب شيئا ما على قطعة من الورق بقلم رصاص. في غضون وقت قصير).
روزا (تدخل بغطاء رأس، مبتلة. شاحبة الوجه): هل كانت السيدة هنا؟
شيرما: كانت هنا، والطفل مريض جدًا. لا تعلم ما مشكلته.
روزا (تضع ملابسها الخارجية الفوقية على الفراش بانفعال): ألم يأتِ الطبيب بعد؟
شيرما: لم أره. (صمت) سوف تتركين الشقة.
روزا: هل جننت؟
شيرما: ويحك، لا! – لست بمجنون، إلا إن كنت أنت كذلك.
روزا: لا تكن كالحيوان. ألا ترى أنني بالكاد أستطيع العيش؟ ... (تتحرك شفتاها بتشنج).
شيرما: أنتِ من يريد ذلك.
روزا: مسكين يا ولدي(ببكاء مختنق): لم أسمع صوته إلا قليلا ... والآن ... الآن ... يا إلهي. (تسند على المنضدة وتجهش بالبكاء).
شيرما (يقف هناك بحماقة): ربما لا يموت.
روزا (بنفس الأسلوب): بل سوف يموت.
شيرما: لقد ساعدك الإله ولكنك لم تريدي ذلك.
روزا: ساعدني ... ساعدني...
شيرما (متأثرًا): هو من أرسلني إليكِ. (يقترب منها) ... سيكون أفضل لطفلك، ولكِ أيضًا .. لكنك لا تريدين ...
روزا (تنظر لأعلى): أنت أيضًا لست بإنسانٍ يا شيرما.
شيرما: ولم لا أكون إنسانًا؟
روزا: كيف يمكنك أن تتحدث عن هذا الأمر الآن؟
شيرما: ولم لا أتحدث عنه؟
روزا: أنا لم أكن لك في يوم من الأيام.
شيرما: بل كنتِ ... كنتِ ... لكن كيف تصرفتِ ...
روزا (تنفجر): ماذا تريدون مني يا مصاصي الدماء؟ ... ماذا تريد مني؟ ... لقد كنت حبيبتك!
شيرما: ترين أني شخص شريف ... ولن أتركك... بل أقول كوني زوجة لي ... أنا لست هوبر ... (بتأثر) لقد أرسلني الإله اليكِ ...
روزا: ماذا تريد؟ ... أخبرني ماذا تريد.
شيرما: اتركيه.
روزا: لن أتركه.
شيرما: ولِمَ لا؟
روزا: لأنني أحبه.
شيرما (بوجه شاحب): هكذا إذن؟ ... هذا الوغد ... (يضرب على المنضدة) ويصرخ: لن تسكنوا عندي بعد اليوم ... مجانًا ... ثلاثتكم ... وسترين ...
روزا (تبتسم بكراهية): هو أذكى منك، أليس كذلك؟
شيرما: ليس أذكى، لأنه كتلة من الحماقة.
روزا: أنصت إليّ ... كيف يمكنني أن أغادر من هنا بينما ... بينما ... مرة ثانية ...
شيرما (متفاجئًا): ماذا؟ ... أُفٍ لكم جميعا ...
روزا: هل آتي عندك؟ أنت ... أنت ... غبي ...
شيرما: لا تأتي لي. (صمت – مفكرًا) أخبريني كيف تستطيعين أن تعيشي هكذا ... وتحضرين امرأة أخرى للعيش معك...
روزا (بارتباك): أمرٌ مثيرٌ! (تضحك ملء فيها بخجل).
شيرما: أف، أنتِ خنزيرة! جميعكم خنازير! ...
روزا: وأنت الجزار (تتحسس رأسه). سوف أنام في المطبخ.
شيرما (بتفكير): وأي فتاة هذه حتى تأتي إلى هنا ...
روزا: قلت لها أنني سأكون المسؤولة عن المنزل فحسب ...
شيرما: وهوبر هذا ... معك أيضًا؟ ...
روزا: معي أيضًا ...
شيرما: أف، أي نوعٍ من الأشخاص هذا؟ ... لماذا لا تضربيه على رأسه؟ ... وددت أن لو فعلت ذلك ...
روزا: لقد أردت ذلك ذات مرة ليلًا، ... لكنني لا أتحمل ...
شيرما: لماذا لا تتحملين؟
روزا (تهز كتفيها): لا أتحمل ... أشعر بالأسف تجاهه.
شيرما (ينظر لها غير مصدق): تأسفين؟ ... وماذا ستفعلين إذن؟
روزا (تتنهد): أنا أعلم بالفعل ...
شيرما (مفكرًا): وهذه الفتاة ... تعلم؟ ...
روزا: تعلم
شيرما: وتبقى؟
روزا: هي الأولى. راضية بذلك.
شيرما: وأنتِ من أحضرها إلى هنا؟
روزا: نعم.
شيرما: هل تحضرين النساء؟
روزا (تتنهد): الرب يعلم.
شيرما: هى من أرادت ذلك؟
روزا: نعم.
شيرما: إذن فهي حقيرة.
روزا: هي لم ترد أن أحضرها إلى هنا ... أنا من أردت ذلك.
شيرما: أنتِ أردتِ ذلك؟
روزا: يجب أن تكون أمام عيني ...
شيرما: وإذا ملّ منها هي أيضًا؟
روزا: إذن نكون سويًا ...
شيرما: هكذا؟ ... (صمت) أنتِ امرأةٌ ماكرةٌ.
روزا: هى أيضًا كانت ترغب في ذلك ... لكنني ساعدتها فيه ...
شيرما (يضحك): تعلمين؟ افرحا ببعضكما البعض ... ولكن اتركوا الشقة، لن تعيشوا بهذا الوضع في منزلي ...
روزا: ستغير رأيك ... (صمت) كنت عند ذلك الطبيب وأخبرته ... وقال ...
السيدة هوبر (تدخل بملابس الفصل الأول ممسكة بمظلة ومنديلًا، وأسفل المنديل زجاجة من الكونياك. تضع الزجاجة على المائدة): طردوني من عملي. رغم أن ابني حصّله لي.
روزا: لماذا؟ وماذا تحضرين في يديك؟
السيدة هوبر: لأنني لا أسمع الرنين.
روزا: والآن ماذا أنت بفاعلة؟
السيدة هوبر: سوف أتحدث مع ابني.
روزا (بحدة): لن تستطيعي التحدث معه عن أي شيء.
السيدة هوبر: لن يتركني أموت جوعًا؟
روزا: سنموت نحن جوعًا قبلكِ.
شيرما: أى نوع من الكونياك أحضرتِ؟
السيدة هوبر: لقد اشتريتة من الشارع من شابٍ.
روزا (باشمئزاز): بالتأكيد كان رجلًا جميلًا.
شيرما (يضحك): ولمن أحضرتيه؟
السيدة هوبر: لمن؟ لكما، فلتشترياه.
روزا: لماذا كونياك لنا؟ (تنظر إلى زجاجة الكونياك).
السيدة هوبر: لقد طلب مني هذا الشاب أن أقول أنه يبيع الكونياك بسعر رخيص للغاية. كان عاملًا مساعدًا و(تقوم بحركة) لذلك يبيعه بثمن رخيض ...
شيرما (ينظر إلى الزجاجة): وبكم باعها؟
السيدة هوبر: بستين بنسا. سأعطيها لكما مقابل فورنت.
روزا (تأخذ النقود من المحفظة): تفضلي.
السيدة هوبر: شكرًا يا روحي. أنت لطيفةٌ معي.
روزا (بصوت منخفض): هل أحضرتِ ما وعدتينى به؟ ...
السيدة هوبر: لم أحضره بعد يا روحي.
روزا: أنتِ تعدين فقط ...
السيدة هوبر: الحصول على تلك المواد ليس أمرًا سهلًا ... سوف أحضره لكِ ... (تُمعن النظر في روزا) لازال هناك وقت كافٍ!
شيرما (ساخرًا): من يمتلك نقودًا كثيرة يشتري الكونياك.
روزا: إن معدة فيلموش تؤلمه، سوف يكون هذا جيدًا له. (تضعه في الدولاب).
شيرما (ساخرًا): كم أنتِ طيبة القلب!
فيلما (تدخل مرتدية ملابسًا أنيقةً، واضعة قبعةً ورديةً على رأسها. تبدو بشكلٍ جيدٍ جدًا، مبتهجة): مساء الخير. لقد تقابلت مع الدكتور بيك ظهر اليوم. (ترتعد السيدة هوبر) قال أنه كان اليوم بعد الظهر عند الطفل ومن الأفضل أن تكوني معه. ليس جيدًا أن تتركيه تمامًا لأناسٍ غرباءٍ.
روزا (شاحبة الوجه، مستغرقة في التفكير): مسكين، دائمًا ما أنساه! (صمت) والمطبعة إذن؟
فيلما: يمكنكِ الذهاب إليه دائمًا في المساء.
روزا (بتلقائية): وهنا؟ أترك كل شيء هنا؟
فيلما (تضحك): وماذا يوجد هنا؟ يمكنكِ أن تذهبي دون قلق.
روزا (تنتبه لنفسها): سوف أخرج الآن بالفعل. (تتنهد) ربما لن أعود أبدًا. (متحدثة إلى شيرما) تعال معي.
شيرما (ينظر إلى ساعته): الوقت متأخر.
روزا: إذن سوف أذهب بمفردي.
شيرما: لم لا تذهبين بمفردك؟
روزا: ماذا؟ (ترتدي غطاء الرأس) تصبحون على خير. (تخرج).
شيرما (ينادي عليها بصوت مرتفع): انتظرى، سوف أصحبك. (يسرع خارجًا).
فيلما (تضع القبعة والمظلة): كيف حالك يا خالة؟ لماذا لا تجلسين؟
السيدة هوبر: ألا تستطيعين إيجاد وظيفة لي يا روحي؟ لقد طردت من عملي. رغم أن ابني هو من حصّله لي.
فيلما (تضحك): مجددًا؟
السيدة هوبر: لا أسمع رنين الأجراس. كم هي سيئة الحظ الأرملة! العمل لابد منه، والتعب لابد منه. ليت كان لي زوج؟ (تتنهد).
فيلما (مبتسمة): لماذا لا تتزوجين؟
السيدة هوبر: بدأت أفكر في الأمر بالفعل، لكن بالطبع! (تلوح يائسة) تكون الفرصة أكبرلامرأة جميلة وشابة مثلك. يعتنى بها الرجال إلى ذلك الحين. اليوم هذه حالي، حتى ابني الذي ولدته لا يرعاني. ربما أموت جوعا بسبب ذلك. رغم أن قلب الأم دائمًا ما يفكر فقط كيف يمكن أن تساعد جنينها. اليوم أيضًا جاء شاب فقير وأحضر زجاجة كونياك حتى أشتريها، كان يبيعها بثمن زهيد هكذا (تقوم بحركة) تعلمين يا روحي، فكرت أن أبتاعها لابني. (صمت) إن هذه الزجاجة كلفتني كثيرًا، أعطيني عشرين بنسا (مليما).
فيلما (التي ذهبت أثناء الحديث خلف الدولاب لخلع ملابسها من خلف الدولاب): ليس لدي نقود ياخالة. لو كان معي لكنت أعطيتك منها على الرحب والسعة. لكن للأسف لا يوجد. (صمت) هل أنا جميلة يا خالة؟
السيدة هوبر: بالتأكيد! كيف لا! لكن فتاة جميلة مثلك تحتاج إلى أشياءٍ كثيرةٍ. يجب أن تفهمي ذلك. سوف أُحضر أنا لكِ أشياءً.
فيلما: ماذا أحتاج؟
السيدة هوبر: مسحوق، معطر، أشياء من هذا القبيل.
فيلما (خلعت بعض ملابسها، تركض صوب السيدة هوبر وتحتضنها): يالك من إنسانة طيبة يا خالة!
السيدة هوبر (تصيح متفاجئة): ويحك يا روحي! هل تقومين بخلع ملابسك هنا؟
فيلما: أنا هنا في منزلي يا خالة.
السيدة هوبر (تجلس على الكرسي في تعجب): أنت تعيشين في المنزل هنا؟ إذن وماذا عن الآخر؟
فيلما (شاعرة بالخزي): يعيش هنا أيضًا، لكنه ينام بالخارج.
السيدة هوبر (بنفس الطريقة): واحدة أخرى؟ أي إنسان فيلموش هذا؟
فيلما (شاعرة بالخزي): أخبريني يا خالة هل هذا أمرٌ سيءٌ جدًا؟
السيدة هوبر: بالتأكيد سيءٌ للغاية. (صمت) كم تبلغين من العمر يا روحي؟
فيلما (لبست عباءة، بجدية): أبلغ من العمر سبعة عشرعامًا.
السيدة هوبر: سبعة عشرعامًا! ... سبعة عشر عامًا ... ولماذا تفعلين ذلك إذن؟ أليست لكِ أم؟
فيلما: ليس لي أحدٌ يا خالة.
السيدة هوبر: ولا أب؟
فيلما: لي أب، لكنه يعيش مع امرأةٍ أخرى.
السيدة هوبر: لأن أمك ما كانت ستسمح بذلك أبدًا ...الحياة مع الأم تختلف تمامًا ...
فيلما: كان لي أخ أصغر مني سنًا، كان مريضًا، وكنت أحبه كثيرًا ... وظللت أرعاه ... حتى مات ... (تتنهد بعمق) حينها تركت المنزل. (صمت).
السيدة هوبر: وهل تحبين ابني؟
فيلما: أحبه كثيرًا! (تتصاعد الدماء إلى وجهها فيحمر بشدة).
السيدة هوبر: إن كنت تحبينه فهذا أمر مختلف ... لأن الحب ... (صمت) وماذا عن الأخرى؟
فيلما: تقصدين روزا؟ إنها طيبةٌ جدًا. تفعل كل شيء من أجلنا.
السيدة هوبر: روزا هذه امرأة سيئة، صدقيني روزا، أرى ذلك من كلامها. لا تصدقيها. أمثال هذه المرأة زائفات ومخادعات.
فيلما: لقد قالت أنها إن تحصلت على نقود الآن فسترحل من هنا.
السيدة هوبر: ومن أين ستحصل على هذه النقود؟ ... كما قلت لك، لا تصدقيها. أنتِ مغايرة لها تماما، أرى هذا.
فيلما: إنني لم أرد ذلك. صدقيني يا خالة. لقد طلبني العديد من الناس، راكعين. تخيلي يا خالة. لكن الرجال أشرارٌ جدًا ...
السيدة هوبر: أنت محقةٌ في هذا ...
فيلما: لكن السيد مدير المطبعة طيب معي، أرى هذا. المرء يمل من أكل الطعام السيء دائمًا، يأتي الأحد، يسقط المطر وليس هناك ثوب واحد للمرء ...
السيدة هوبر (متفكرة): تعلمين، أنا أيضًا حظي مثلك تمامًا. ولست مهتمة إذا كانت هذه هي النهاية.
فيلما: حقًا يا خالة؟ ...
السيدة هوبر: بالتأكيد. (بصوت منخفض) تعلمين، أتمنى أن يهلك العالم غدًا. (بثقة) لكن تعلمين، الإنسان يخاف من الموت ... لكن لو مات كل ما على ظهر البسيطة ... حتى لو كان ذلك غدًا ... لكنني سأحزن على ابني الصغير ...
فيلما: يمكنك أن تحيين أنتِ أيضًا يا خالة.
السيدة هوبر (تكمل): تعلمين، لقد فكرت أيضًا في أنه لو بقي ابني... وحيدًا في هذا العالم.. لن يكون هذا أيضًا جيدًا ... لن يكون هناك من يحسده ... وبدون ذلك، صدقيني، لن يكون لذلك قيمة! ... إن لم يكن هناك من يحسد الإنسان ... تلك ليست بحياة! ... لا أحد يعلم كيف تكون جيدة!
هوبر ود. بيك (يأتيان ومعهما حقيبة).
السيدة هوبر (يشحب وجهها وتقفز).
هوبر: مساء الخير. (يصافح فيلما).
د. بيك: مساء الخير. (متحدثا إلى السيدة هوبر) سعيد أنني وجدتك هنا. سأقوم بفحصك على الفور.
السيدة هوبر (بوجه شاحب): لن يكون هنا مناسبًا.
دكتور بيك (يفرّغ حقيبتة، يضحك): بل هو مناسبٌ بالتأكيد.
السيدة هوبر: لكنني لن أسمح بذلك.
د. بيك (يضحك): لماذا؟
السيدة هوبر: لأنها تؤلمني
هوبر (ينظر إلى أمه بحدة وانتباه شديدين).
السيدة هوبر (تحت تأثير النظرات تستلقي على كرسي وترتجف).
د. بيك (يضرب بشوكة رنانة على المنضدة و يضعها على جبين السيدة هوبر).
السيدة هوبر (تصرخ): آه!
د. بيك (صائحا): هل تسمعين؟
السيدة هوبر (صائحة): لا أسمع شيئًا.
د. بيك (يهز رأسه، ويقترب منها ويتكلم بشيء ما في أذنيها. بصوت مرتفع): هل سمعتِ ما قلته؟
السيدة هوبر: لا أسمع شيئًا.
د. بيك (يخطو إلى المقدمة يقول لهوبر بصوت مرتفع قليلا): من الواضح أنك كنت على حق. (بصوت أعلى) تتظاهر بذلك. (يعود سريعًا ليرى تأثير هذه الكلمات على السيدة هوبر).
السيدة هوبر (تجلس وهي ترتعش).
هوبر (يقهقه): قلت لكِ. (يقف أمام أمه، بصوتٍ مرتفعٍ) أنتِ لا تعانين من أي مشكلة ...
السيدة هوبر (مرتعشة): شكرًا للرب يا بني.
هوبر (ضاحكًا ضحكة ساخرة قصيرة): الأمر ليس كذلك ...أنتِ تظاهرتِ بالمرض ...
السيدة هوبر (مرتعشة): أنا؟
هوبر (بأسلوب أكثر مرارة تدريجيًا): أنتِ لم تريدي العمل ... كنتِ تمثلين وتتظاهرين فحسب ...
السيدة هوبر (يحمر وجهها فجأة. متلعثمة): أنا؟... أنا... لا...
د. بيك (بصوت منخفض): كن لطيفًا معها...
هوبر: لست لطيفا! .... (يتحول إلى أمه): لماذا تظاهرتِ بالصمم؟
السيدة هوبر (بنفس الأسلوب): أنا؟
هوبر: لم يطرودكِ من العمل بسبب أذنكِ، أليس كذلك؟
السيدة هوبر(بنفس الأسلوب، جالسة في مكان): أنا؟
هوبر (يفتح خطابًا أمام وجهها): انظري إلى هذا الخطاب! لقد جاءني منهم ... أنتِ أحضرتيه إلي في المطبعة... انظرى فقط ماذا يكتبون إلي من فاهيرفار ... (صمت) من الآن فصاعدًا ليس بيننا أي صلة...
السيدة هوبر (فجأة تجثو على قدميها، وتزحف نحو أقدام ابنها، باكية بصوت مرتفع): ابني الغالي، الوحيد، سامحنى!
د. بيك (متأثرًا): هيا، يا فيلموش!
هوبر (بانفعال): لا ... إنها تهرج وتمثل...
السيدة هوبر (تزحف وراءه، بنفس الأسلوب): ابني الغالي، الطيب، سامحنى!
فيلما (التي وقفت حتى ذلك الحين في ركن تراقب المشهد دون أن تنطق بكلمة واحدة، تنهمر في البكاء بصوت عالٍ، ثم ما لبثت أن عانقت السيدة): مسكينة!... مسكينة!...
هوبر (يكز على أسنانه): ما قولك في هذا؟
د. بيك (يساعد السيدة العجوز المنتحبة على النهوض ويجلسها على كرسي).
فيلما (بوجه شاحب): هل أحضر ماء؟
هوبر: لا ترهقي نفسك. (متحدثا إلى السيدة هوبر): ما الذي سوف يحدث معك؟
السيدة هوبر (باكية بصمت): لقد صرت عجوزًا بالفعل ... إنني ضعيفة واهية... و لن أعيش طويلًا بالفعل...
هوبر (بشكل أكثر هدوءًا): إذن لماذا فعلتِ ذلك؟ لماذا تتصرفين دائما بشكل كوميدى سخيف؟
السيدة هوبر (بنفس الأسلوب): أنا عجوز ومريضة جدًا يا بني، إنني يا ولدي العزيز... لم أعد أحتمل عناء العمل...
د. بيك: لا يجب أن تبكي بسبب ذلك. سوف يعتني بكِ ابنك...
السيدة هوبر (تلوح بيدها): لن يفعل... مع أنني الآن مثل ملفوف الإله.
هوبر (يضحك بصوت مرتفع و بمرارة): ملفوف الإله؟
د. بيك: ما هذا؟
هوبر: لا معنى لهذا الكلام، فهي دائمًا تحب التشبيهات، والتعبيرات المنمقة...
د. بيك (بصوت منخفض): كن متسامحًا!
هوبر (يتنهد): حسنًا، حسنًا عزيزي جولا...
دكتور بيك: كم تبلغين من العمر؟
السيدة هوبر: تسعة وخمسين عامًا...
هوبر (بصوت منخفض متحدثا إلى الدكتور): خمسة وستين...
د. بيك (بشفقة): مسكينة!
السيدة هوبر: سوف أغادر الآن بالفعل. (تقف و تترنح في مشيتها) أشعر بدوار.
د. بيك (يذهب لمساعدتها، بشفقة): لماذا تذهبين؟
السيدة هوبر(بصوت منخفض، بلطف، باكية): لا أستطيع تحمل هذا الذل...
هوبر (بلطف): اذهبي إلى المنزل فحسب، وسوف نجد حلًا.
السيده هوبر: سوف أعود إلى فاهيرفار.
هوبر: عودي إلى المنزل فحسب.
فيلما (تحتضنها بشفقة): سوف أصطحبها أنا... مسكينة! (بصوت مختنق من أثر البكاء).
السيدة هوبر (تحتضنها باكية): ابنتي العزيزة!...
هوبر (متأثرًا قليلا) رافقيها يا فيلما!
فيلما (تدثرها بشالها وتصطحبها إلى الخارج ... صمت).
هوبر (يجلس على كرسي بتعب وإرهاق): هكذا الوضع يا صديقي...
د. بيك (بصوت منخفض): لم أكن لأصدق.
هوبر (بصوت منخفض): وهذا ليس كل شيء.
د. بيك: كيف؟
هوبر: هناك ما لا تعرفه. (صمت) لا تفتح حديثًا معي... (يتنهد بعمق)
د. بيك: يمكنك أن تعمل رغم ذلك...
هوبر (بكآبة): لن أعمل...
د. بيك: إذن تنخلع من الاتفاق...
هوبر (بنفس الأسلوب): لقد اتفقت هنا من قبل. لا أريد شيئًا آخرًا.
د. بيك: لماذا لا تتزوج؟
هوبر (يبتسم بإرهاق): أردت ذلك ذات مرة.
د. بيك: لقد حكت أمك هذا الموضوع من قبل...
هوبر (بنفس الأسلوب): حكته من قبل؟... لقد جاءت ورائي وأقامت صداقة مع حارس المنزل.
د. بيك (مبتسمًا): إنك تفهم الأمور بشكل تراجيدي للغاية.
هوبر (بإرهاق): لن أكافح... لم أكن محظوظًا على الإطلاق... (صمت) وهي لم تهتم بي أبدًا. ولم يخطر ببالها أبدًا أنني موجود في هذا العالم... (بشكل أكثر مرارة تدريجيًا): كانت أنانية... قاسية ومتطفلة ... أف! (ينهض واقفًا)
د. بيك: لا تنفعل هكذا...
هوبر (بشكل أكثر انفعالًا تدريجيًا): تكذب... تجلب لي العارّ في كل مكان في العالم... تحاول اجتذاب الرجال... تقوم بدور الوسيط في الزواج... أف!...
د. بيك (يضع يده على كتفه): اهدأ...
هوبر (بتشنج): تكذب... تسرق. تغش... (يقلد أمه باشمئزاز) لا أسمع رنين الجرس.. طردوني من عملي. (يضرب على المنضدة، بصوت مبحوح) هكذا يجب أن أموت!...
د. بيك : أهكذا تتحدث يا فيلموش؟... هذا ليس كل شيء.
هوبر (بنفس الأسلوب): لا يوجد حيوان أقبح من الإنسان... كان من الممكن أن تعطي عشر كورونات شهريا... كان من الممكن أن أذهب معكم... إنها تشتري مسحوقا تجميليا وزبيبا...
د. بيك: ماذا يعنيك في شؤونها؟... فلتعش كما تريد...
هوبر: لكنها تركض ورائي.
د. بيك (بصوت منخفض): وأنت لا تعاملها بشكل جيد... يجب أن تتعامل مع البشر بشكل أكثر آدمية...
هوبر (بصوت أجش): لا أستطيع!
د. بيك: ولم لا تستطيع؟...
هوبر (بصوت منخفض، أجش): لأنني أشبهها!
د. بيك (متفاجئا): هكذا؟ (صمت، بصوت منخفض) لن تكون إنسانًا نقيًا؟...
هوبر (بنفس الأسلوب): لا أستطيع... (يحمر وجهه. يندم على اعترافه هذا) من الخسارة التعامل مع هذه... (يتمشى).
د. بيك: إنك تبدو إنسانًا غليظًا في كل شيء... ودائمًا ما كنت كذلك...
هوبر (يقف): عندما أستعيد توازني وأهدأ قليلًا تأتي ورائي... وما أن أشعر بشيء من القوة حتى تداهمني بالإحباط. (صمت، يضرب ضربة) لنترك هذا الموضوع!... (صمت) من يتقلب في القذارة كثيرًا يناله شيء منها. من المستحيل تغيير ذلك... (صمت) إنني لا أنام بشكل جيد (يتنهد).
د. بيك (بصوت منخفض): ولا تكره هؤلاء؟... هذا الجزار على سبيل المثال...
هوبر (يبتسم بإرهاق): بالتأكيد أكرههم... يجب فهم ذلك...
د. بيك: وأنا هنا... لا أعلم هل يمكنني أن أتناقش معك بخصوص ذلك؟...
هوبر (ينظر إليه): لا يا جولا العزيز... أشعر أنني بحالة طيبة... (يتمشى)
د. بيك: شيء مثير... وهل ما زلت تكتب يومياتك؟...
هوبر (متمشيا): نعم.
د. بيك: ولم يرها أحد؟
هوبر (بنفس الأسلوب): لا، لم يرها أحد بعد.
شيرما (يدخل): مساء الخير. يهطل المطر بغزارة. أنا شيرما. (يقولها مقدمًا نفسه لـ د.بيك) د. بيك (يقدم نفسه).
د. بيك: الطفل مريضٌ للغاية.
هوبر (ينظر إليه): حقًا!
شيرما: روزا هذه امرأة فظيعة! كانت تصرخ بشدة!
هوبر: ولماذا صرخت؟
شيرما: لا تريد أن تعيش أكثر من ذلك... تريد أن تقتل نفسها... ستحبسك... تركتها هناك.
د. بيك: مسكينة!
شيرما: ليست مسكينة كما تتصور... إنها امرأة خطيرة... كانت تصرخ بشدة...
هوبر (متحدثا إلى د. بيك): شخص حساس هذا الجزار شيرما.
شيرما: الطفل مريض... لكنني مع ذلك دُعيت لتناول كأسًا من النبيذ...
د. بيك: من دعاك، الطفل؟
شيرما: لا، روزا... طلبت أن أحضر لها كأسًا من النبيذ لأنها تشعر ببرد شديد...
دكتور بيك (بشفقة كبيرة): مسكينة! (يتمشي) مسكينة! (صمت).
هوبر (على مضض): على الأقل أحضرت لها؟
شيرما: نعم... أحضرت لها... يمكنك إعطائي كأسًا من الكونياك الآن بدلا منها.
هوبر (ينظر إليه): ومن أين أحضر لك كونياك؟
شيرما: ألا تعلم؟... روزا اشترت لك من أمك زجاجة كونياك... إنها هنا في الدولاب... (يخرجها من الدولاب).
هوبر (بقلق): ومن أين لأمي بالكونياك؟
شيرما: تحصلت عليه بثمن زهيد. كان يبيعه شاب في الطريق. (يقوم بفتح الزجاجة. يحضر زجاجات صغيرة من الدولاب، يصب) في صحتك. (يلفظه باستقذار): إنه ماء.
هوبر (بدهشة): ماذا؟ (يتذوقها) بالتأكيد، هذا ماء! (يضحك) ألا تحب الماء؟
شيرما: لقد غشونا بماء. لقد خدعوكم بهذا.
هوبر: لقد غشوا بأن سرقوا. (متحدثا إلى د. بيك) ماذا تقول في هذا الشأن؟
د. بيك (متفكرًا): أناس محترمون. (يضحك).
شيرما: ماء ملون. (صمت) هل تريد أن تلعب بورق الكوتشينة؟
هوبر: ربما في وقت لاحق. (عن الكونياك) ماذا سنفعل بهذا؟.
شيرما: ألا يلعب معنا السيد الدكتور؟
د. بيك (يبتسم): أنا لا ألعب بورق الكوتشينة.
شيرما: لا تلعب بورق الكوتشينة؟ هذا ليس صحيحًا. (صمت) تعلم أن روزا هذه مقيتة جدًا... كانت تصيح كالذئاب.
د. بيك (باشمئزاز): ولماذا تثرثر كثيرًا هكذا؟... إلى اللقاء يا فيلموش... سوف أفحص الطفل مرةً أخرى... ربما يجدي هذا معه المسكين... (بصوت منخفض.): بالطبع أنت تعيش بسرور وسط هؤلاء!...
هوبر (يصافحه، بصوت منخفض، مبتسمًا): هل أنت مشمئز؟
د. بيك (على مضض): باختصار لن تتحمل.
هوبر (بكل حسم): لا يا صديقي.
دكتور بيك (إلى شيرما): أنا في خدمتك. (يخرج).
هوبر (يصطحبه إلى الخارج).
شيرما (ينظر إلى يده): ألا يصافح؟
هوبر (يدخل. متعجلا، عصبيا): ما خطبك؟ فلنلعب بورق الكوتشينة، تريد أم لا تريد؟
شيرما (يخرج ورق الكوتشينة من جيبه، ويباشرون اللعب).
شيرما: ما هذا الشيء العالق بأنفك؟
هوبر (بغضب): أيها الأحمق، لا تثرثر بل استمر في اللعب.
شيرما: حسنًا. (يخرج من جيب بنطاله الكثير من النقود الفضية ويرميها على المنضدة): لن ألعب. (يدفع).
هوبر: هل أنت مجنون؟
شيرما: لن ألعب.
هوبر (يضع الورق): حسنًا، لا تلعب. (صمت).
شيرما (مستفزًا): النساء يقعن في حبك، وتفوز في لعب الكوتشينة أيضًا.
هوبر: ما مشكلتك مجددًا؟
شيرما: امرأتان... آه يا صديقي. أنت أفضل من الأمير. المرء لديه مال، أما المرأة فيحتاج إلى سعي للحصول عليها...
هوبر: إذن حصّل لنفسك...
شيرما (بسذاجة): لا أستطيع.
هوبر (يضحك).
شيرما: النساء لا يحبونني... (بشكل استفزازي) امرأتان... آه.
هوبر (ينظر إليه): أنت سمين جدًا، هذه هي المشكلة.
شيرما: الإنسان هو من يجعل نفسه سمينًا. لا أدري لماذا يفعل بنفسه ذلك. يفعلها ثم يهلك. (صمت).
هوبر (ينظر إلى النقود الكثيرة الملقاة على المنضدة): لديك نقود كافية... إنك تخاطر بها...
شيرما: الإنسان يتحصل عليها بصعوبة... أنا لا أنفقها على النساء، من لا يمتلك مالًا لا يستطيع أن يتحرك قيد أنملة... إذا كان هناك القليل منها فإن الوضع يكون أسهل...
هوبر (ينظر إلى النقود): إذن ما الذي يبكيك؟
شيرما: لا غنى لي عن المال، تعلم...
هوبر : لماذا لا تتزوج؟
شيرما (بسذاجة): أنت أيضًا لا تتزوج، ومع ذلك ... إنني أقتدي بك...
هوبر (ينظر إلى النقود): لديك مال... من لديه نقود...
شيرما (غامسًا يده في النقود): لدي نقود... لكن ما الذي تساويه هذه النقود!
هوبر (بشراهة): أعطها لي.
شيرما (يلوح بيده): ... عندما تكبر سن الإنسان، حينها يهيم على وجهه... ربما يبيع جرائد... لأنه من الممكن أيضًا ذلك... من الممكن أن أفقد هذا المال القليل... لأن كل شيء وارد، وليس هناك شيئًا مضمونًا...
هوبر (يبتسم ابتسامة باهتة): حتى يحين ذلك الوقت يمكنك أن تعطيني خمسة فورنتات...
شيرما (ينتبه): بالطبع لن أعطيك.
هوبر: (يقف، يحمر وجهه، بشراهة): شيرما أعطني خمسة فورنتات، فأنا في مشكلة...
شيرما (ساخطًا): كيف أعطيك؟! (يضع يده على النقود الكثيرة الموضوعة أمامه. يخرج ورقة و يعد) أنت مدين لي بمائة وأربعين فورنتا... بالإضافة إلى إيجار الشقة... وأشياء كثيرة من جنس اللحوم... انتهى الأمر!... لن أعطيك.
هوبر (بصوت منخفض): شيرما... تعلم بالطبع أنه ليس لوقتٍ طويلٍ...
شيرما: ما هذا الذي ليس لوقتٍ طويلٍ؟
هوبر (بنفس الأسلوب): هذه الثانية لك.
شيرما: روزا!
هوبر (بغضب): هذه لا!
شيرما (يلوح بيده): منذ عامين وأنت تعدني...
هوبر (منفعلًا): سوف أفعل ذلك الآن ... يا لك من أحمق... أعطني النقود ولا تتذاكى...
شيرما (متضايقا): أنا أحمق؟
هوبر (بنفس الأسلوب): شيطان أو أحمق... أنت تعلم نفسك... أحمق مع النساء.
شيرما: هذا صحيح، (يفكر) الثانية ستكون أفضل لأن روزا كذلك أيضًا.
هوبر (منزعجًا): شيطان!
شيرما: هذا أيضًا ليس حقيقيا؟
هوبر: أنت تصدق كل شيء؟
شيرما (يضرب على رأسه): يبدو أنني أحمق بالفعل...
هوبر: تفهم أمورك!... أنت لست أحمقًا!
شيرما: أنا رجل مسؤول فحسب.
هوبر: أنت كذلك...
فيلما (تأتي. تبدو لطيفة ومعها زهرة في يدها.): مساء الخير. (تضع قبعتها).
هوبر: هل وصلتم إلى المنزل؟
فيلما: نعم، كانت أمك في غاية اللطف معي. لقد اشترت لي هذه الزهرة.
شيرما (مكتئبًا في نفسه): انظر! إنها جميلة.
هوبر (متفاجئًا): اشترت زهرة؟ أمر غريب.
فيلما: المسكينة كانت تبكي طوال الطريق.
هوبر: وماذا حكت؟
فيلما: أخبرتني أنها لا تستطيع التخلص من الفقر... وأنها ليس لها الآن بالفعل أي أحد؛ لأنني أنا أيضًا أرفضها... رغم أنني لا أفهم ماذا تقصد... وأنها لن تعيش طويلًا بالفعل... اشترت لي هذه الزهرة كي أتذكرها بالخير... (تدمع عيناها).
هوبر (يتلمسها برفق): لا عليك يا صغيرتي... لا يجب أن تبكي... السيدة العجوز تبالغ...
فيلما (تميل على كتفه باكية): إنني خائفة... المسكينة كانت حزينة للغاية... سترتكب شيئا ما...
شيرما (يقف متأثرًا، ويمسد شعر فيلما هو الآخر): مهلًا يا صغيرتي...
هوبر (ينظر إليه فيسحب شيرما يده بوجل).
فيلما وهوبر (يضحكان عليه فجأة).
شيرما (بكآبة وانزعاج): معذرة!...
هوبر: لا يوجد مشكلة يا شيرما. أعطني الخمسة فورنتات التي أنت مدين لي بها...
شيرما (بكآبة ومرارة): تعلم كيف تحصل على ما تريد. (يعطيه النقود).
هوبر: ألا تريدين أن تلعبي معنا بورق الكوتشينة يا فيلما!
فيلما: بلى. (تهم بالجلوس على كرسي فترفع من عليه حقيبة) لقد ترك الطبيب حقيبته هنا!
هوبر: اتركيها، سوف آخذها له... هل ستلعب يا شيرما؟
شيرما: كيف لا؟!
هوبر: لكنك سوف تخسر. ليست مشكلة؟
شيرما (بغضب): أنت فقط من يعرف كيف يلعب...
هوبر (يوزع الورق).
روزا (تدخل منهكة، بوجه جامد، متوشحة بغطاء الرأس. تأتي دون أن تتفوه بكلمة وتهوي على الكرسي بجوار الفراش).
هوبر (يضع ورقة الكوتشينة): ما الخطب؟
روزا: (لا ترد)
شيرما: كيف طفلك يا روزا؟
روزا (بصوت أجش منخفض): يحتضر.
شيرما: حقًا؟ أمر رهيب!
هوبر (يقف في هدوء، بوجهٍ شاحبٍ جدًا): و لماذا لم تبقي عنده؟
روزا (تنظر إليه بعين باهتة): لم أتحمل النظر إليه حال احتضاره!
فيلما (تحتضن روزا): مسكينة!
روزا (تتملص من بين يديها بغضب دون أن تتكلم).
فيلما (تقف مندهشة، متجمدة).
شيرما: أمرٌ رهيبٌ! مسكين أيها الصبى! (تدمع عيناه)
هوبر: (يقف في مكانه وينظر إلى شيرما باشمئزاز).
شيرما: (لم يلاحظ ذلك، يشبك بين يديه ويسير جيئة وذهابًا): أمر فظيع! يحتضر؟ (يلتفت إلى روزا، متسائلًا.) هل يحتضر؟
روزا (بنفس الأسلوب): نعم.
شيرما (بنفس الأسلوب): لا يستطيع التنفس! (يقلد من يحتضر)
روزا (وعيناها تدمعان): كم أنت إنسان طيب القلب يا شيرما...
شيرما (بنفس الأسلوب): طفل مسكين!
هوبر (ينظر غاضبًا): لا تبكي هنا. (صمت) سوف أذهب أنا إليه. (يأخد معطفه وقبعته ويشرع في الخروج لكنه يصطدم عند الباب بالسيدة هوبر) ماذا تريدين مجددًا؟
السيدة هوبر (ترتدي ثيابها الشبابية. لاتعرف ابنها. وجهها صاف. صوتها واضح، لكن تبدو كأنها تهذي): أريد مقابلة ابني... (تخطو للأمام) جئت كي أودعكم يا بني العزيز.
هوبر (ينظر لها بتمعن، مرتابا): ماذا فعلتِ؟...
السيدة هوبر: لا أستطيع تحمل هذا العار والخزي، سوف أعود إلى عملي القديم، الجيد، في فاهيرفار. (تدمع عيناها بهدوء، هامسة): ظننت أني سأجد هنا مكانًا جيدًا بالنسبة لي ... هنا عند ابني. إنني عجوز ومتعبة. (ترفع صوتها) لكنك أخزيتني. قمت بإذلالي أمام العالم كله. (رافعة صوتها أكثر) لن تراني ثانيةً. سوف أذهب إلى هناك، إلى إلهي الرحيم، هناك سيكون الوضع أفضل بالنسبة لي. سوف أذهب إلى المكان الذي سوف ألقى فيه الرعاية. (تترنح وهي تحتضر).
الجميع (ينظر إليها بوجوه واجمة).
هوبر (يمسك كتفيها و يصيح): أمي! ماذا فعلتي بنفسك؟
السيدة هوبر (تترنح ولكنها تقول بصوت صلب): تناولت سمًا. طلاء الوجه المصنوع من مادة سامة.
هوبر : (يسرع إلى خارج الغرفة بدون قبعه).
السيدة هوبر (تصيح): ابني!... ابني العزيز!... لا تذهب! لا تتركني وحدي في لحظاتي الأخيرة.
فيلما (تحتضنها باكية): يا خالة... لا تخافي... اجلسى هنا!... لقد ذهب لإحضار الطبيب... (تُجلسها على كرسي).
السيدة هوبر: فليبارك الإله هذه الفتاة الصغيرة... لأنها طيبة معي... (باكية): لقد كانت معي...أفضل من بنتي التي ولدتها... (تُربت عليها بحنان).
فيلما (بنفس الأسلوب): لن تحدث لك أي مشكلة سيدتي العزيزة.
روجي (تدخل وفي يدها ورقة. وعندما ترى أمها على هذه الحال تصرخ): أمي! (تركض إليها وتهوي عليها) أمي...
روزا (تذهب إلى روجي و تقف أمامها، بهدوء وحزم): من تكونين؟
روجي (تقف مستقيمة، وتمعن النظر إليها): أنا الأخت الكبرى لفيلموش هوبر.
شيرما وفيلما (متفاجئين، ينظرون باستغراب).
شيرما (بصوت مرتفع نسبيًا): على حد علمي، فإنه ليس للسيد هوبر أخت كبرى.
السيدة هوبر (بنظرة منكسرة): هذه ابنتي... (تحتضنها).
هوبر(يدخل مرهقا): لقد حاولت الاتصال... ولكن ليس هناك طبيب بالمنزل.
روزا (التى ظلت واقفة حتى ذلك الحين غير مكترثة، تنظر إلى هوبر في ارتياب): سوف أذهب أنا. وسأجد أنا طبيبا. (تذهب).
هوبر (يلاحظ روجي ويذهب إليها، بصوت مبحوح): كيف أتيتِ إلى هنا؟...
روجي (بخفوت): لقد كتبت على هذه الورقة... (تعطيها إلى هوبر).
شيرما (بصوت منخفض متحدثة إلى هوبر): هل لديك أخت كبرى؟
هوبر (ينظر إليه بغضب).
د. بيك (يدخل): معذرة، لقد نسيت حقيبتي... ما الذي يحدث هنا؟
هوبر (بتعب): مصيبة يا جولا!... لقد تناولت طلاء وجه مصنوع من مادة سامة...
د. بيك (يتقدم إلى الأمام): ما المشكلة؟...
روجي (تصيح): أمي... أمي!...
السيدة هوبر (بنظرة منكسرة): سيكون القبر أفضل لي...
د. بيك (يريد إبعاد روجي التي تتشبث بأمها): ابتعدي قليلًا، أنا طبيب... أحضروا ماء ساخنا.
فيلما (تذهب مهرولة).
روجي (لا تحرك ساكنًا).
د. بيك: ابتعدي قليلًا من فضلك!... من أنتِ؟
روجي (تستقيم واقفة): أنا الأخت الكبرى لفيلموش هوبر...
د. بيك: (ينظر إلى هوبر نظرة شفقة وتفهم).
هوبر (يلوح بيده بإرهاق): لا يهمني أي شيء بعد! (يهوي على كرسي)
د. بيك (يقوم بفحص السيدة هوبر ويلوح بيده علامة فقدان الأمل).
السيدة هوبر(بنظرة حزينة منكسرة) اتركونى أموت!... (تتمدد)
شيرما (يستند إلى الحائط باكيًا): كم هو أمر رهيب!
يُسدل الستار