القاهرة 02 يوليو 2020 الساعة 11:45 ص
شاركت خلال الأيام القليلة الماضية ضمن ورقة سياسات أعدها أحد المراكز البحثية فى مصر حول بناء الثقة وتقويتها بين المواطنين وبينهم وبين أجهزة الدولة؛ وهى ورقة بحثية تستعين برأى مجموعة من الخبراء المتميزين في مجالهم للإجابة على بعض الأسئلة حول الموضوع.
فى البداية؛ أود أن أشير إلى مشاركتى بالورقة البحثية لعنوان البحث المطروح للنقاش عن "الثقة" وهي تعد ضمن منظومة القيم التى تراجعت فى العقود الماضية نتيجة لما حدث فى مجتمعنا المصري من تحولات لها تداعياتها بالسلب والإيجاب كان له بالغ الأثر على الشخصية المصرية؛ من بينها تراجع مستوى الثقة بين المواطنين بعضهم البعض داخل مجتمعنا، وكذلك بين المواطن وأجهزة الدولة فى مصر.
بالبحث عن الدراسات التى أجريت عن مسألة الثقة بين المواطنين بعضهم البعض، وأجهزة الدولة، تبرز لنا دراسة فى غاية الأهمية كلف بها الدكتور أحمد درويش، وزير التنمية الإدارية، الدكتور أحمد زايد، العميد السابق لكلية الآداب بجامعة القاهرة، وهى أوّلُ دراسةٍ مصريةٍ شاملةٍ لمنظومةِ القِـيم في المجتمع المصري خلال الخمسين عامًا الماضية شملت محافظات مصر وممثَّـل بها جميع الفِـئات والتخصّـصات في المجتمع المصري، بشرائحه المختلفة، وقدمت لنا عدداً من النتائج المثيرة، في مقدمتها: شعور المواطِـن المصري بالظُّـلم واليَـأس والإحْـباط وغِـياب العدالة وانعدام الثِّـقة بين الشعب والحكومة وانحياز الدولة لرجال الأعمال وأصحاب النُّـفوذ على حساب البسطاء.
واعتبرت الدراسة أن "زيادة أعداد الفقراء ومَـن يعيشون تحت خطِّ الفقر، دليلٌ على الخلَـل الموجود في منظومة العدالة الاجتماعية"، وأن "التغيّـرات التي شهِـدها المجتمع المصري تركت آثاراً كبيرة علي سلوكِـيات المواطنين ومنظومة القِـيم وشكل الأطر الثقافية والاجتماعية"، وأن "منظمات المجتمع المدني، هي الأكثر قُـدرة على قيادة الإصلاح ومواجهة السلبيات، شريطة تقديم نماذج جيِّـدة تسعي للعمل التطوعي، لا لتحقيق مكاسِـب شخصية، وأن تقدِّم نماذِج حقيقية لإنكار الذّات والتَّـفاني في خِـدمة الوطن".
ومن بين نتائج الدراسة الهامة أنه على الرغم من أننا "شعب بالغ التديُّـن، إلا أننا نفصِـل بين المعاملات والعِـبادات، لدرجة انتشر معها الفساد الصغير، ليشكِّـل ظاهرة وأصبح سلوكاً يومياً.. حتى أن الدراسات الخاصة أثبتت أن نِـسبة الرّشوة بين موظّـفي الدولة وصلت إلى 55%"!".
إذا ما الحل لإستعاد الثقة بين المواطنين بعضهم البعض وأجهزة الدولة؟
الحل أن المؤسسات المسؤولة عن صناعة الوعى الجمعى"الثقافة والإعلام والتعليم" ان تعيد النظر في برامجها المتعلقة بالقيم، وأن تضع استراتيجية مستقبلية تتعلق ببناء منظومة القيم واستعادتها مرة أخرى وهو ما أراه نموذجا لقياس مستوى الثقة بين المواطنين والدولة أيضاً.
كما أشرت من قبل ترجع إلى تراجع منظومة القيم فى المجتمع وغياب دور المؤسسات المسؤولة عن صناع الوعي الجمعى، إضافة إلى غياب دور الأسرة بسبب اللهاث وراء لقمة العيش.
ما هي أهم المقترحات لبناء الثقة وتقويتها مرة أخرى بين المواطنين بعضهم البعض وأجهزة الدولة، أن يجتمع وزراء الثقافة والاعلام والتعليم (ما قبل الجامعى – العالي ) لدراسة بناء استراتيجية مستقبلية تتعلق بمنظومة القيم من أجل بناء الثقة بين المواطنين وبعضهم البعض، والدولة.
و ان تلعب المؤسسة الدينية (المسجد_ الكنيسة) دوراً توعوياً حيال ثقافة الثقة فى مجتمعنا المصري.
أن يهتم الكاتب المصري سواء فى وسائل الإعلام، أو ناشر المؤلفات بتخصيص حصة من الكتب التعليمية والتوعية التى تثرى ثقافة الثقة فى مجتمعنا.
أن تستطلع مراكز الابحاث ( الاجتماعية _ الانسانية) آراء عينات من المواطنين ( ديموغرافيا _ جغرافيا) الظاهرة من أجل الوصول الى اجابات نستطيع من خلالها الخروج بمؤشرات عملية نقدمها لصانع القرار فى مصر من أجل استعادة الثقة سواء بين المواطنين وبعضهم البعض أو بينهم وبين الدولة وصانع القرار.
الدراسة التي أعدّها "مركز الدراسات المستقبلية" بكلية الآداب جامعة القاهرة، في 160 صفحة، وصدرت ضمن "سلسلة قضايا مستقبلية"، عن مركز المعلومات ودعم القرار التابع لمجلس الوزراء المصري، آمل أن تهتم مراكز الأبحاث بدراسة منظومة القيم فى المجتمع المصري بشكل مكثف خلال السنوات القادمة حتى نستبصر من خلال نتائجها ماذا حدث للإنسان فى مصر والشخصية المصرية حتى نضع أيدينا على مكامن الخلل لنقومها، ونستشرف أيضاً من خلالها مستقبل منظومة القيم.