القاهرة 30 يونيو 2020 الساعة 11:04 ص
تأليف : ميلان فيشت FUST MIL?N
ترجمها عن اللغة المجرية: د. عبدالله عبدالعاطي النجار
الشخـصيــات:
فيلموش هوبر، عامل بمطبعة
روزا جارماكي ناماشفاريي، عاملة بمطبعة
فيلما فيج: عاملة بمطبعة
الأرملة حرم إيفرمود هوبر (السيدة هوبر)
فرنتس شيرما: جزار وصاحب المنزل
فرنتس سيكاي: قسيس
د. جولا بيك، طبيب بالمستشفى
روجي: أخت عامل المطبعة
يانتشيكا: طفل صغير، ابن فيلموش هوبر
المزارعة العجوز
الخادم العجوز
اثنان من أبناء المزارعين الصغار
صبي الجزار
العاملات بالمطبعة
التوقيت: اليوم. تدور رحى المسرحية في إحدى المدن المجرية.
الفصل الثاني
في خلال أسبوع، تحديدًا في الساعة الرابعة مساءً، وفي المطبعة، حيث المكاتب والمقاعد ولفائف الأوراق والملصقات، إلى جانب إعلانات على الحوائط، يظهر بابين، أحدهما على اليمين والآخر على اليسار. ومن وسط الضوضاء الخفيضة المنبعثة من آلات المطبعة يظهر هوبر وأمه.
السيدة هوبر (جاثيةً على ركبتيها، باكيةً): ساعدني يا بني.
هوبر: انهضي، من الممكن أن يدخل أحد ما.
السيدة هوبر: لو تعلم يا بني ...
هوبر: انهضي؛ فمن الممكن أن يدخل أحد ما.
السيدة هوبر (هكذا): كل يوم ... سأبلل خبزي الذي آكله بدموعي ...
هوبر: انهضي! (يرفعها من على الأرض).
السيدة هوبر: لا تخبرها يا بني ... ليس لي يوم واحد جيد معها ... اليوم أيضًا ضربتني ... خذني إليك منها ياولدي...
هوبر: ماذا تريدين أنتِ مني؟ (صمت) لماذا ليس لديك عمل؟
السيدة هوبر: لأنني صمّاء يا بني ...
هوبر: ولماذا تضربك؟
السيدة هوبر: لا تطيق رؤية أمها بالفعل ... أمها التي ولدتها. تود أن لو كنت في القبر الآن بالفعل... (تنفجر في البكاء.) خذني عندك يا بني ... إنه واجب الابن ...
هوبر (يضحك بصوت مرتفع): واجب الابن؟ ... رائع!
السيدة هوبر: إنني امرأة عجوز بالفعل ياولدي ... وهذه تعيش حياة ... تنام طوال اليوم ... قلت لها أن تذهب إلى عمل منتظم، لكنها لا تريد ...
هوبر: ولماذا أتت معكِ؟
السيدة هوبر: تقول أنها تريد أن تجرب هنا ...
هوبر (يأخذه الانفعال، يكز على أسنانه وهو يلوك الغضب بين فكيه، مختنقًا من شدة الحنق): هكذا إذن؟ ... تعلمين، لقد سئمت منكما. إنني لا أعرفكما. لقد دمرتما حياتي... – ألا يمكن التحرر منكما، تقفزا ورائي مثل الضفادع ... (دم أحمر، يخطو خطوة إلى الأمام.)
السيدة هوبر (خائفة): لم نؤذك في شيء يا بني ...
هوبر: لن تبقيا هنا.
السيدة هوبر: أتطرد أمك وأختك؟
هوبر (يقهقه بغضب).
السيدة هوبر (بصوت منخفض): يا إلهي! إنها قادمة! (تخرج مسرعة من الباب الأيسر.)
روجي (تأتي روجي من الجانب الأيمن مرتدية ملابس الفصل الأول): مساء الخير. (تنظر إلى هوبر ببرود).
هوبر (يضحك بصوت مرتفع): مساء الخير.
روجي (بكراهية واستياء): ماذا تفعل هذه هنا؟ (تشير بمظلتها نحو الباب).
هوبر (ما زال يضحك بصوت مرتفع): لا أعلم. (صمت) تبدين بهيئة جيدة يا روجي.
روجي (تقف في مكان خلال المشهد كله، ناظرة بحدة): أبدو جيدة، أليس كذلك؟
هوبر: ما الجديد يا روجي؟
روجي: ما الجديد؟ ... ما الجديد؟
هوبر (يقهقه): ما الجديد إذن؟ (صمت).
روجي: لم أكن لآتي إلى هنا؛ لأنني أعلم أنك تشعر بالخجل تجاهي. (صمت) لن أخبر أحدا أنني أختك. (صمت).
هوبر (باطمئنان): فلتأتي وقتما تشائين ...
روجي: لم تعرفني حتى الآن، ولا تعرفني بعد ذلك أيضًا ... لقد أتيت لأنني لن أعيلها بعد اليوم ...
هوبر: أنت تعيلينها؟
روجي (بنظرة حادة): ومن يعيلها إذن؟
هوبر: ألم يكن لديها أي عمل أبدًا؟
روجي: اليوم قاموا بطردها من العمل مرة أخرى. إنهم يطردونها من كل مكان؛ لأنها كسولة ولأنها تحب ...
هوبر: إنها عجوز بالفعل ...
روجي: إنها تسرق!
هوبر (محمرًا وجهه): أهكذا الأمر؟
روجي: لن نغرق حتى النهاية ... لن أعيلها ...
هوبر: لكنها صمّاء ...
روجي: حسنًا، إذا كانت صمّاء أعلها أنت ...
هوبر: من أي مال أعيلها؟
روجي: لا تعل كل هذا العدد من الحبيبات. تكفيك منهن واحدة! (صمت) المدينة قاطبة ملأى بأخبارك ...
روزا (تدخل وتضع حزمة من المطبوعات على المنضدة، ترى روجي، تدقق النظر فيها، بحدة): تفضل سيدي مدير المطبعة!
هوبر (دون أن يلتفت لها، بهدوء): حسنًا.
روجي (تنظر إلى روزا وتتعرف عليها): حسنًا، هكذا الأمر إذن؟
روزا (بحدة): هكذا! (تخرج – صمت).
هوبر: إنها تشكو ضربكِ إياها.
روجي (بحزن): بالطبع أضربها.
هوبر: تضربين امرأة تبلغ من العمر خمسة وستين عامًا؟
روجي: الإله أيضًا يعاقبني. (صمت).
هوبر: لماذا تعيشين هكذا؟
روجي: لماذا؟ (صمت) وهل يساعدني أحد؟
هوبر: الآخرون أيضًا لا يجدون من يساعدهم.
روجي: لكنهم لا يحملون عبئًا مثل هذا ... (صمت) إذا كان لديهم ستة فورنتات يشترون عنبا مجففا ...
هوبر: الآن أيضًا؟ ...
روجي: لقد كان كافيًا بالنسبة لي. (بحنق غير متوقع.) لن تسمن بعد اليوم بدهني. ولأعاني؟ دائمًا؟ ولا تقول حتى أنني أختك؟ فلأعلها أنا، ولتعش أنت عيشة الأسياد؟
هوبر: أنا لا أعيش عيشة الأسياد.
روجي: لن أتحرك حتى من هنا ... لن أعاني أكثر من ذلك ... أردت أن أرى هل سيبقونها في العمل ... ولم يبقوها ... ستعيلها أنت إذن ...
هوبر (بهدوء وطمأنينة): سوف أحصّل لها عملا آخر.
روجي: وماذا لو طردوها منه أيضًا؟
هوبر: سوف نرى.
روجي: لن أبرح مكاني هذا حتى تقوم بتسوية هذا الأمر؟
هوبر: وإن لم أفعل؟
روجي (بعينٍ بارقةٍ): حينها سأذهب للعمل. سأعمل كموظفة خزانة ليلية في روجافا، حيث تذهب أنت. من الممكن أن آتي إليك كل يوم.
هوبر (يحمر وجهه): أهكذا؟ (يخطو عدة خطوات – صمت) لا تفعلي يا روجي. (صمت).
روجي: ماذا سيحدث.
هوبر (باطمئنان، متوسلًا): انظري يا روجي ... اذهبا من هنا ...
روجي: لنتركك تعيش عيشة الأسياد ...
هوبر: أنا لا أعيش عيشة الأسياد يا روجي ... فقط أريد السلام.
روجي: وكذلك أنا.
هوبر: سأعطيكما مالًا.
روجي (بنظراتٍ حادةٍ): احتفظ بمالك. – ستنفقه. ليس المال هو ما أحتاج، لا يجب أن تبقى في رقبتي أكثر من ذلك. إنها ترتدي ملابسي.
هوبر: ملا بسك أنتِ؟
روجي: نعم. وتنام طوال اليوم، وتحب أن تتجول ليلًا.
هوبر: ولا تستطيع أن تكون بمفردها؟
روجي: تأتي ورائي ... تظهر لدي فجأة ... لا أشعر بالاطمئنان ... تعيقني في كل شيء ...
هوبر: تعيقك؟ ... في أي شيء؟
روجي: (بنظرة حادة): في أي شيء؟ ... لا شيء ... أريد أن أكون حرة ... لا أريدها أن تمكث معي.
هوبر: ولو أصبحتِ حرةً؟ ... سيكون ذلك أفضل؟
روجي (بنفس الأسلوب): سأنتظر حظي.
هوبر (باطمئنان، متوسلا): تحلي بالصبر.
روجي: إنني أبلغ من العمر أربعًا وثلاثين عامًا... لن أنتظر أكثر من ذلك ...
هوبر: سوف أحصّل لها عملًا...
روجي: لن أغادرمن هنا حتى يحدث ذلك ...
هوبر: من أين تحصلين على المال الذي منه تعيشين؟
روجي (بحدة): صديق يرسل لي ...
هوبر (محمرا وجهه): أهكذا؟ (يتحرك عدة خطوات – صمت – وفجأة): لقد صنعت لكِ ثوبا يا روجي.
روجي (بسخرية): لن تتخلص مني بهذا. (صمت طويل) أي ثوبٍ هذا؟
هوبر (يخرج لفة من درج كبير): انظري العنوان أيضًا عليه بالفعل.
روجي (متفاجئة): حقًا! (مرتابة) ولماذا؟
هوبر: على الأقل حصلتِ على شيء من أخيكِ في حياتك.
روجي: العنوان ليس صحيحًا. اسمي روجي سانتيفاني.
هوبر (محمرًا وجهه): سأصححه.
يدخل د. بيك من اليسار، وهو شخص يبلغ من العمر 36 عامًا، قصير القامة، سريع الحركة، بشوش الوجه): مرحبا فيلموش. هل أزعج أحدًا؟
هوبر (بهدوء): أهلًا بك يا جولا. لا تزعج أحدًا. سأكون تحت أمرك على الفور. (يصافحه. متحدثا إلى روجي): أيتها الفتاة، سوف أرسل الثوب.
روجي (تخرج بدون تحية).
د. بيك (ينظر وراء روجي مبتسما).
هوبر (يضع اللفة): مرحبا بك. تفضل بالجلوس. شكرا لك على رسالتك.
د. بيك (يبتسم): لم أرك منذ وقتٍ طويلٍ.
هوبر (يبتسم): منذ أربعة عشر ... لا، منذ خمسة عشر عامًا ...
د. بيك: كيف حالك؟ (ينظر حوله): مثيرة هذه المطبعة. (يجلس – صمت) آسف لعدم تواجدي بالمنزل وقت أن ذهبت إليّ ...
هوبر: وأنا أيضًا آسف؛ لأن هذا المكان ليس مناسبًا لما نحن بصدد التحدث فيه، وما سأطلبه منك.
د. بيك (مسببًا حرجًا له): أردت أن تطلب مني شيئًا؟ (صمت) ألست حرًا تمامًا هنا؟
هوبر: ماذا تقصد؟
د. بيك: هل يجب عليك أن تعمل؟
هوبر: لا، إنني أعمل حينما يكون عندي مزاج لذلك. (يعرض عليه سيجارة، يشعلان) هنا يدخل ويخرج الناس باستمرار، ومن ثم يزعجونني.
د. بيك: أمر هام؟
هوبر (يبتسم): ليس بالضبط. أخيرًا يمكننا أن نتناقش بشأنه ...
د. بيك: لم أرد أن أقنعك بذلك. لدينا وقت. (صمت) تبدو بشكلٍ جيدٍ يا صديقي.
هوبر: وأنت أيضًا. هل الوضع لطيفٌ هنا؟
د. بيك: حسنًا، على حسب ما نراه. حال المستشفى جيد بما يكفي، وأنا مدير قسم ...
هوبر: هل أنت متزوج؟
د. بيك (يضحك): بالطبع لا. (صمت) وأنت؟
هوبر: اعتبرني كما تريد.
د. بيك (يضحك): أهكذا؟ (صمت) هل تقابلت مع القدامى؟
هوبر: لا. لم أتقابل مع أحد.
د. بيك: من المؤكد أنك سعيد أنني أعرفك.
هوبر (يبتسم): لدي شيءٌ آخر.
د. بيك: مؤكد أنك تقرأ كثيرًا الآن أيضًا.
هوبر: لا أقرأ شيئا.
د. بيك: أهكذا؟ (صمت) إذن كيف يسير برنامج حياتك؟
هوبر (يضحك): شكرا. كما تريد.
د. بيك (بود): أردت أن تسير حياتك بشكل جيد.
هوبر (يبتسم): لقد كنت دائمًا شخصًا لطيفًا.
د. بيك (يضحك): لأول مرة أسمعك تمتدح أحدًا.
هوبر (يضحك): الآن ليس بشكل كبير كما ستسمع ...
د. بيك: أتصور ذلك.
هوبر (ينظر إليه): أنا لا أتواصل مع أصدقائي القدامى. ولا يمكن ذلك أصلًا. وهذا التواصل ..
د. بيك (بعدم ارتياح): أهكذا؟
هوبر: أسأت الفهم. أنت ناديت شخصًا ما في الشارع ...
د. بيك (يضحك): هذا حقيقي.
هوبر: أمر مزعج قليلًا. ألا تجده؟
د. بيك (يضحك بانزعاج): أنت شخص رائع! ... لم يكن لدي أي نية سيئة في أي حالة ... ربما لهذا السبب بحثت عني؟ ... هل هذا مهم جدًا؟ ...
هوبر (بهدوء): نعم. كانت رسالتك محل احترامٍ جمٍ، تكتب أن اختلاف المهن لم يمنعك عن أصدقائك القدامى ... لكنني ...
د. بيك (يبتسم): لكنك لا تريد ...
هوبر (ينظر إليه): يمنعني أنا ...
د. بيك: (بنفس الأسلوب): باختصار ...
هوبر: لقد قلت بالفعل بعض الأمور عني ...
د. بيك: لم أقل شيئًا غير عادي.
هوبر (بشكل قاطع): أنا أعيش بين أشخاص آخرين وأنا راضٍ بوضعي.
د. بيك: باختصار أنت لا تريد أن تغير من وضعك؟
هوبر: لا أريد.
د. بيك (يقف): معذرة على إزعاجي لك.
هوبر (يبتسم بشيء من السخرية): هل ستذهب؟
د. بيك (مبتسما): أنت إنسانٌ غريبٌ الآن أيضًا. (يمد يده).
هوبر (يصافحه): لم أكن أبدًا إنسانًا غريبًا للدرجة التي ...
د. بيك (يضحك): التي تبعد أصدقاءك ...
روزا (تدخل، تتوجه إلى الطبيب. بصوت منخفض): سيدي الطبيب، أنا تلك المرأة التي قمت بفحص ولدها ... أردت أن أشكرك ...
هوبر (يقوم تُشير إلى مدى عصبيته).
د. بيك: عفوًا.
روزا (تنظر في عين الطبيب): هل سيموت؟
د. بيك: لا، بالطبع لا ... يجب أن تعتني به...
روزا: لأنه إذا كان سيموت ... فلتقل ذلك فحسب... حتى أعلم ... (ينكسر صوتها).
هوبر (بهدوء): لماذا تريدين معرفة ذلك؟
روزا (باكية): حتى أعلم ماذا أفعل ...
د. بيك: سيشفى.
روزا (بنفس الأسلوب): ما هي مشكلته سيدي الطبيب؟ ...
د. بيك (ينظر إليها، مشفقًا): برد ... برد ... لكنه سوف يشفى ...
روزا (بصوت متلهف): لأنني ليس لدي أحدٌ في هذا العالم ... (تسقط على ذراع الطبيب).
د. بيك: يجب ألا تيأسي ...
هوبر (متوجها إلى الطبيب بغضب مكتوم): كيف توصلت إلى هذا الأمر الجيد؟
د. بيك: اذهبي باطمئنان، لن يحدث له أي مشكلة ...
روزا (تخرج باكية بهدوء).
هوبر (بنفس الأسلوب): كيف توصلت إلى ذلك؟
د. بيك: صديقتك الصغيرة طلبت ...
هوبر (بنفس الأسلوب): ... طلبت منك التفضل بذلك! ... (صمت) وما مشكلة ذلك الطفل؟
د. بيك: التهاب رئوي.
هوبر: الأمر كذلك؟ ... هل سيموت؟
د. بيك: ليس أمرًا أكيدًا ... مع أن هذه السيدات الفلاحات ...
فتاة عاملة بالمطبعة (تضع حزمة ورق على المكتب، تسير في الغرفة حتى نهايتها وتلقي نظرة خفية على هوبر، ثم تخرج).
د. بيك: في الواقع أردت أن أتقابل معك لأمر آخر. لكنه غير قابل للمناقشة الآن بالفعل ...
هوبر: وماذا كان ذلك؟
د. بيك (بدون مزاج، ولكن منتظرًا): أريد أن أؤسس هنا صحيفة، وأبحث عن شخص مناسب ...
هوبر (بفضول لا يمكن إخفاؤه): الأمر كذلك؟
د. بيك (بابتسامة مشوبة بالسخرية): أعتقد أنك تعرف الظروف المحلية ..
هوبر (يبتسم): كان يجب أن تقول هذا قبل ذلك ...
د. بيك: هل تتحمل القيام بذلك؟
هوبر: سوف أفكر في هذا الأمر.
د. بيك: أخطرني بقرارك. إلى اللقاء. (يصافحه).
هوبر (مفكرًا): حسنًا ... من الممكن ... سوف أكتب إليك ... (صمت مفكرًا). انتظر دقيقة فحسب ... أخبرني، من فضلك، هل تفهم في مشاكل الأذن؟
د. بيك (يبتسم): نعم. هل تؤلمك أذنك؟
هوبر: ليست أذني. إذا طلبت منك أن تفحص أحدًا هل ستفعل؟ ...
د. بيك: بكل سرور.
فيلما (تأتي بحزمة ورق، تتعرف على الطبيب وتحييه مبتسمة. تريد أن تنصرف).
د. بيك: توجد هنا الفتاة الصغيرة أيضًا. مساء الخير. (يصافحها).
هوبر (بفظاظة): حسنًا ... تفضلي بوضعها فحسب ...
د. بيك: كنت بالخارج عند هذا الطفل الشقي أيتها الفتاة ... بالتأكيد هو في حالة سيئة ...
هوبر (يقوم بحركة عصبية).
فيلما: إنه ابن السيد هوبر ...
هوبر (يتغير لونه إلى اللون الأحمر الدموي).
د. بيك (يضحك في مرح): حسنًا، الأمر كذلك!
فيلما (يحمر وجهها في اضطراب).
السيدة هوبر (تأتي من اليمين): مرحبا يا بني. (تمد وجهها لقبلة) قبّلني.
فيلما (تهرول إليها، تقبل يدها)
هوبر (يدير وجهه، بغضب مكبوت): فلتذهبي الآن أيتها الفتاة فيلما، تعلمين أن لديك عملٌ كثيرٌ.
فيلما (في اضطرابٍ واستياءٍ): أعلم سيدي مدير المطبعة ... (تخرج).
د. بيك (يبتسم): إلى اللقاء فيلموش.
هوبر (بكآبة): أرجوك انتظر، ها هي الحالة ...
السيدة هوبر: كنت عندك في البيت يا بني، كان موجودًا لدى الباب هذه الرسالة ... أحضرتها إليك...
هوبر (يضع الرسالة في جيبه): هذا السيد صديقي، الطبيب السيد د. بيك. سيقوم بفحصك.
د. بيك (ينحني، يبتسم): أعرف والدتك منذ وقت طويل ...
السيدة هوبر (تنظر إليه، مضطربة): الآن فورا؟ (تشرح) أذني ملتهبة ... لذلك قاموا بطردي من العمل ... لا أسمع رنين الجرس ... أنا امرأة عجوز ... مريضة ...
هوبر (يكز على أسنانه وهو يمضغ الغضب مضغا): سوف يقوم هذا السيد بفحصك.
السيدة هوبر (تلوح بيدها): لقد قاموا بتوقيع الكشف الطبي عليّ بالفعل مئة مرة. لا يمكن حل هذه المشكلة بالفعل ... (صمت) سيقوم السيد الطبيب بفحصي ... كم سيكون أمرًا جيدًا جدًا! ... كم أن السيد الطبيب جيدٌ معي! ...
د. بيك (يبتسم).
هوبر: أرجوك عزيزي جولا ..
د. بيك: الآن، هنا؟ ... لا يمكن ذلك. (بصوت مرتفع): تفضلي بالمجيء إليّ.
السيدة هوبر (مضطربة): أنا؟ ... كم سيكون رائعا! ...
د. بيك: تفضلي بالمجيء معي ... (يأخذ قبعته) إلى اللقاء يا فيلموش.
هوبر: شكرًا يا جولا.
دخل ميهاي، الخادم العجوز.
هوبر: انتظر ميهاي ... (متحدثا إلى الطبيب): متى أراك؟
د. بيك (بود ولطف): وقتما تشاء.
هوبر: ربما أزورك هذا الأسبوع ...
د. بيك: رغم كل هذا؟
هوبر (مفكرًا): نعم ... ليس مستبعدًا. (يصافحه).
د. بيك (موجها حديثه إلى السيدة هوبر): تفضلي معي. (يغادران سويا).
هوبر (يهوي على كرسي بإرهاق شديد ويشعل سيجارة. صمت. يفتح الرسالة، يقرؤها ويقهقه).
ميهاي (يجذب درج المكتب الذي يوقف عليه، لكنه لا ينفتح).
هوبر (يراقبه لبعض الوقت): أخبرني يا ميهاي لماذا لا تغتسل؟
ميهاي: هذه ليست مشكلة بالنسبة لي.
هوبر: ليس مشكلة لك؟ وعندما تصبح متسخًا؟
ميهاي: أقوم بعملي بالرغم من ذلك. لا يوجد أي عائق. (صمت) أتمنى أن لا أطرد من هنا بعد ما تحصلت بالفعل على هذا العمل الجيد.
هوبر: مثل الغجر.
ميهاي: يعجبني حالي.
هوبر: ألا تخجل؟
ميهاي: من أجل من أخجل؟ ليس لدي طفل. (يقف أمام هوبر، محركا يده بطريقة خرقاء) لأجل من أغتسل؟ قل لي لأجل من؟ (يضحك).
هوبر: حسنًا، لأجل الأشخاص الذين تتواجد بينهم.
ميهاي: أنا لا أتواجد مع أحد، أذهب إلى البيت، وأرقد. هناك ظلام دامس! – لا أشعل مصباحًا.
هوبر: وأسرتك؟
ميهاي: ليس لدي أسرة.
هوبر: ولم يكن لديك؟
ميهاي: لم يكن لي أسرة.
هوبر: حتى لحيتك لا تحلقها!
ميهاي: ربما لاحقا لو أراد الإله. (فتح الدرج، أخرج منه ختما ونبتة هليون).
هوبر: لماذ تخرج هذه الأشياء؟
ميهاي: ألا آخذ هذه اللفة؟
هوبر: بل خذها. لست بحاجة إلى شمع الختم، خذها هكذا كما هي. (يُخرج من الدرج اللفة، يصحح العنوان).
ميهاي: إلى أين أحملها؟
هوبر: مكتوب عليها. قل أن السيد هوبر يكرم الفتاة ويرسل ما وعد به. ماذا ستقول؟
ميهاي: حسنًا سيدي، لكنك تراني غبيًا. لقد ذهبت إلى مدرستين ثانويتين.
هوبر (ينظر إليه، يدخل في موجة من الضحك): حقا؟ - إذًا أنت زميل!
ميهاي: ماذا؟
هوبر (يبتسم): ولماذا تركتهما؟
ميهاي: طردوني.
هوبر (يضحك): حقًا؟ ولماذا؟
ميهاي: قرصت فتاة أثناء الطريق إلى البيت.
هوبر (يضحك): لقد بدأت هذه الأمور مبكرًا.
ميهاي: كنت مراهقًا كبيرًا، هذا حقيقي. (صمت) كنت وقتها في الثانية عشرة من عمري.
هوبر: وهل شكوك بالمدرسة؟
ميهاي: نعم.
هوبر: هذا شيء محرج!
ميهاي: أولا أراد والدها أن أتزوج الفتاة. كنت في الثانية عشرة من عمري حينها.
هوبر (يقهقه): لا تقل هذا الشيء الأحمق.
ميهاي: لم أر أشخاصًا حمقى مثل هؤلاء منذ ذلك.
هوبر: أي أشخاص كان هؤلاء؟
ميهاي: كان أبوها يعمل مندوبًا. شخص عجوزٌ جدًا وفقيرٌ جدًا، كان له بنت وحيدة. قلت له، سيدي، كيف أتزوج ابنتك وعمري اثنا عشر عامًا. حينها خجل من نفسه، وشكاني.
هوبر: لم تستطع الهروب؟
ميهاي: لم يمكنني ذلك؛ لأنها أخذت تصرخ وتتشاجر بصوت مرتفع في الشارع. كما أنني تصرفت بأخلاق المراهقين. كم كان أمرًا غريبًا، سيدي! – بدأت أبكي أمام مدير المدرسة. لكنه لم يكن رحيمًا، قال أنني طالب مجاني على كل حال ... (صمت يتلوه تنهيدة) إذا كانت هذه نهاية السيادة ... (صمت).
د. بيك: (يأتي من اليمين، مبتسما): معذرة صديقي ... إنني مضطرب ... أمك صيرتني مجنونًا إلى حدٍ ما. ذهبنا سويًا وحكت بشكل لطيف جدًا عن عملها القديم...
هوبر (ينهض واقفا وينظر إليه بعينين متسعتين).
د. بيك: ... طلبت مني فجأة أن أنتظر ... أرادت أن تذهب إلى منزلٍ ما ...؛ لأن زوجة حارس المنزل وعدتها في السوق أو في مكان ما بعملٍ جديدٍ ...
هوبر ( يضحك بصوتٍ عالٍ).
د. بيك (يبتسم): علام تضحك يا صديقي؟ أنتظر ... لا تأتي. أدخل إلى زوجة حارس المنزل فلا أجدها هناك، ولا يوجد من يعرفها أصلًا، أتفحص المكان جيدًا فأجده مبنى متعدد المخارج. لقد غادرت بالفعل.
هوبر (يتحول لونه إلى اللون الأحمر الدموي): هربت يا صديقي، هربت.
د. بيك (بكرم زائد): أنا تحت أمرك. ربما في مرةٍ أخرى ...
هوبر (يتمشى): شكرًا صديقي ... كما ترى، هذا هو الوضع ... أليس مثيرًا!
د. بيك: أمر مسلٍ. (يضحك) يبدو أن هذه العجوز الشمطاء تخاف من الطبيب ...
هوبر (يقف): عجوزٌ شمطاء؟ ... هذه أمي يا صديقي ... لكنك محق، عجوزٌ شمطاء ... (بأسلوب لاذع) هي من طائفة العجائز الشمطاوات.
د. بيك (بصوت منخفض): لم أرد أن أجرحك.
هوبر (بانفعال): أنت محقٌ، عجوزٌ شمطاء! ... وقد هربت العجوز الشمطاء لخوفها .. كما ترى ... فرت خائفةً ...(يتمشى).
د. بيك (بجدية): تخاف من الطبيب ... رأيت مثل حالتها من قبل ...
هوبر (بنفس الأسلوب):لكن لماذا هكذا؟ لماذا في منزل متعدد المخارج؟ أخبرني ذلك. (صمت) وكم شكرتك وأثنت عليك. (يضحك) ثم قبلت يدك.
د. بيك (يقترب منه): لكنك يا فيلموش ... أنت تبالغ ...
هوبر (ينظر إليه): لا أبالغ ... (يتمشى).
د. بيك (بود): ليس عارًا ... فهذه أيضًا علامة تميزك ...
هوبر (يقف): لا أريد أن أكون متميزًا ... (صمت، بمرارة، وبصوت منخفض قال): هأنا أخجل من نفسي مرةً أخرى...
د. بيك (متأثرا إلى حد ما): لكن يا صديقي ... (يمسك بذراعه.) تعال نتمشى.
هوبر (مفكرًا، بصوتٍ مبحوح): مرة ثانية أخجل من نفسي ...
د. بيك: لماذا لا تثق فيّ بشكل أكبر؟
هوبر (ينظر إليه): أنت شخصٌ لطيفٌ حقاً ...
د. بيك (بنفس الأسلوب): يجب أن لا تكون قاسيًا إلى هذه الدرجة ... يجب أن تثق في الناس ...
فيلما (لدى الباب الأيسر): سيدي مدير المطبعة! الفرخ الرابع جاهز.
هوبر (ينتبه، بصوت مبحوح): أينعم على الفور. تفضلي بالدخول أيتها الفتاة.
فيلما (تدخل): تفضل. (تضع حزمة من الورق على المنضدة).
هوبر: تفضلي بالجلوس والبدء. سآتي فورا. (موجها حديثه إلى د. بيك) اذهب أنت الآن، عزيزي جولا. لدي مراجعة عاجلة. (بصوت منخفض) لقد أتت في وقت جيد. لقد سئمت من هذه الأمور.
د. بيك (يهز رأسه): أنت شخصٌ غريبٌ ... إلى اللقاء ... (يصافحه).
هوبر: إلى اللقاء، جولا.
د. بيك: (يخرج).
هوبر (يقترب من فيلما): فيلما (صمت).
فيلما: تفضل!
هوبر (يمسد جبهته): لن أبقى هنا طويلًا ... هل ستأتي معي؟
فيلما: لن تبقى هنا؟
هوبر (بصوت أجش): سأغادر ... هل ستأتين معي؟
فيلما: ما المشكلة؟ ... لماذا أنت شاحب إلى هذه الدرجة؟
هوبر (يمسّد جبهته): مازلت لا أعلم الوجهة التي أذهب إليها ... لكنني لن أبقى هنا على أي حال..
فيلما (تنظر إليه، بحرارة): أنا أذهب معك، سيد هوبر؟
هوبر (يقترب منها بشدةٍ هامسًا): أنتِ تأتين معي.
فيلما (تبتعد باستغراب).
هوبر (بانفعال): تعلمين بالطبع أنني أحبك ...
فيلما (بنفس الأسلوب): نعم، ولكن ... (تقف) لقد أخجلتني أمام صديقك، رغم أن ...
هوبر (مواصلاً): أنتِ مصدر السعادة لي في هذه الحياة ...
فيلما: نعم، لكن روزا ...
هوبر (مواصلًا): جثوت البارحة أمام الكنيسة ودعوت الإله ...
فيلما (بعين لامعة، مصابة بدوار): جثوت؟
هوبر (يجثو على ركبتيه): تريدين أن أجثو ...
فيلما (هامسة بفزع): قف، قد يدخل أحدٌ ما!
هوبر (بنفس الأسلوب): تريدين أن أجثو!
فيلما: قف لأجل الإله ...
هوبر (يزحف على الأرض): ساعديني!
فيلما: قف؛ لأنني سأخرج. (تنطلق).
هوبر (يتسنّد بتثاقل ويقف منهزمًا محبطًا. صمت)
روزا (تدخل بحزمة من الورق، وتراقب الموقف بعين حادة حتى النهاية، وتقول بحدة): هل أزعج أحدًا بقدومي؟
هوبر (بهدوء وسكينة): لا.
روزا (موجهةً حديثها إلى هوبر بصوت منخفض، بحدة): سوف أكمل أنا ...
هوبر (بهدوء وطمأنينة): لا يوجد مشكلة.
روزا (يحمر وجهها): لا يوجد مشكلة؟
هوبر (بشكل واضح): لا يوجد مشكلة لأننا أنهينا المهمة بالفعل ...
روزا (بوجه محمر كالدم): أنهيتما المهمة؟ (صمت) حسنًا! (صمت) هل تحصّلت أمك على عملٍ بالفعل؟
هوبر (ينظر إليها): لا أعلم.
فيلما: لقد طلبت مني أن أحصّل لها عملاً.
هوبر (بسخرية): وهل فعلتِ؟
فيلما: كيف أستطيع ذلك؟ (صمت) كانت لطيفةً جدًا معي. قالت لي: عديني على الأقل عزيزتي الفتاة.
هوبر (يضحك، يمسح جبهته): أهكذا أيتها الفتاة اللطيفة؟ أين تقابلتما معها؟
فيلما: اليوم أتت إلى المطبعة.
هوبر: وهل بقيت كثيرًا؟
فيلما. حتى وقت الظهيرة. شاهدت كيف يعمل العمال وتحدثت معهم.
هوبر (يعقد كفيه معًا ويبدأ يتمشى).
روزا: إنها سيدةً لطيفةً بحق. انظري ماذا أهدتني. (تخرج من جيب مئزرها علبةً صغيرةً وتعطيها لفيلما).
فيلما (متفاجئة): مسحوق للشعر!
روزا: هو لكِ.
فيلما (بكل سعادة): حقا؟
روزا (بضحكة ساخرة): بالتأكيد! (تدير وجهها وتتحدث إلى هوبر): روجي كانت هنا!
هوبر (بابتسامة ساخرة): أعلم.
روزا (مهددة): هل أنهيت معها أيضًا؟
فرنتس سيكاي (يدخل القسيس من الجانب الأيمن. شخصٌ قصير القامة، ذو شعرٍ أحمر، كبير السن، بملامحٍ صارمةٍ. يقف لدى الباب وينظر حوله متأملًا): مساء الخير!
فيلما (تدير ظهرها وتخرج من الجانب الأيسر).
هوبر (يتقدم إليه وينحني بشدة): مساء الخير أيها السيد المبجل!
سيكاي (يبقى مكانه): أود أن أتحدث معك سيد هوبر!
روزا (تخرج من الجانب الأيسر).
هوبر (بخضوع تام): تفضل بالجلوس أيها القس المبجل.
سيكاي (بجمود): رئيس الدير يطلبك، تفضل بالذهاب إليه.
هوبر (يشحب وجهه): أذهب إلى السيد رئيس الدير؟
سيكاي (بجمود): أينعم.
هوبر: ألا تعلم سيدي المبجل ...
سيكاي: أعلم ... توبيخ ... أسلوب حياتك سيد هوبر ... منذ ثلاث سنوات وأنت عندنا، لكن الآن بالفعل ...
هوبر (بوجه شاحب): أسلوب حياتي؟ ...
سيكاي: أنت عامل جيد ... طلب رئيس الدير أن أتحدث إلى روحك ... في المدينة كلها ... تفضل بالمجيء.
(يبدّل هوبر معطفه، ينطلقان).
هوبر (ينادي من الباب الأيسر): أيتها الفتاة روزا، فلتقوموا بهذه المراجعة (يخرجان، صمت).
روزا (تدخل، تجلس).
فيلما (تأتي خلفها ببطء، مفكرة، وتقف أمامها. صمت).
روزا (بصوت حاد وهادئ بشكل واضح): لماذا أسرعتِ بالخروج؟ (تريد أن تقلد نغمة صوت هوبر الهادئة وأسلوبه المهيمن في بداية المشهد التالي، لكنها لم تتقن الدور).
فيلما: لم أرد أن أتقابل معه.
روزا: مع من؟
فيلما: مع القس.
روزا: تعرفينه؟
فيلما: نعم، درّس لي.
روزا (بسخرية): هل كنت تعشقينه؟
فيلما (يحمر وجهها، بارتباك): نعم.
روزا (تضحك بسخرية).
فيلما (تعدل شعرها بارتباك): أنت غريبةٌ جدًا ...
روزا (بنفس الأسلوب): هل عشقت أحدًا قبل ذلك؟
فيلما (بنفس الأسلوب): أنتِ غريبةٌ حقًا!
روزا (بنفس الأسلوب): عشقت أم لا؟
فيلما: فلنواصل العمل!
روزا: لن نعمل اليوم أكثر من ذلك. (تجلس على المنضدة) هل كنت عاشقة قبل ذلك؟
فيلما (بارتباكٍ تام): اتركيني في سلام!
روزا (بسخرية): كم تبلغين من العمر أنتِ؟
فيلما: دعيني وشأني وإلا خرجت.
روزا (تنزل من على المنضدة): لا يجب أن تخافي بسبب ذلك ... هل ماتت أمك منذ وقت طويل؟
فيلما (متفاجئة): لماذا تسألين؟
روزا: منذ وقت طويل؟
فيلما: منذ سنتين.
روزا: وأين أبوك؟
فيلما: تزوج مرة أخرى. في ترانسيلفانيا.
روزا: هكذا؟ وإخوتك؟
فيلما: أخذهم أيضًا معه.
روزا: وأنتِ؟
فيلما: أراد أن يأخذني أنا أيضًا لكنني لم أذهب معه.
روزا: هكذا؟ هل كنت تحبين أمك؟
فيلما (متفاجئة): غريب! بالطبع كنت أحبها.
روزا: ليس كل واحد يحبها.
فيلما: كل واحد؟ (صمت).
روزا (فجأة): هل فكرتِ فيما قلتُه؟
فيلما (يحمر وجهها): لا.
روزا (بأسلوب لاذع): لا؟ (تقترب) حسنًا، من عساه أن يكون معها!
فيلما (باضطراب): أنتِ مجنونة!
روزا (بأسلوب لاذع): أنا مجنونة؟ ... بالطبع تحبينه؟
فيلما (باضطراب تام): أنتِ مجنونة.
روزا: ألا تريدينه؟
فيلما: لا أريده.
روزا (تخرج من الهدوء المتصنع. بصوت منخفض، بانفعال): لم لا؟
فيلما: لأنه لا ...
روزا (تقترب بشدة، متطفلة): لا يجب الاحتراس إلى هذا الحد ...
فيلما: لكنني أرغب في ذلك!...
روزا (بأسلوب لاذع): ترين أنا لا أحترس ..
فيلما: كل منا له طريقته ...
روزا (بأسلوب لاذع): هذا حقيقي. (صمت) سوف يأتي دورك. (صمت – بصوت منخفض) وإلى متى تريدين الاستمرار هكذا؟
فيلما: سوف يظهر شخص ما في وقت ما ...
روزا (يحمر وجهها تدريجيا. مستدرجة إياها): الأمر لا يستحق الانتظار ...
فيلما: لا أعلم.
روزا: أنا أعلم ذلك. من تنتظرين؟
فيلما: إنسانًا محترمًا.
روزا: أليس هو محترم بقدرٍ كافٍ بالنسبة لكِ؟
فيلما (باستغراب): ماذا يعنيك أنت في هذا الأمر؟
روزا: أريد مصلحتك يا فيلما...
فيلما (بنفس الأسلوب): لا تتحدثي عن ذلك ...
روزا: أرى أنك تعانين ...
فيلما (لا إراديا): هذا حقيقي. (صمت).
روزا: ترين ... (تقترب) لم أندم ...
فيلما (متأملة): هكذا أفضل؟
روزا: كل منا وله شخص ما يحبه. (تهمس بشيء ما في أذنها) تعلمين هذا.
فيلما (بوجه ملتهب كالجمر): بالتأكيد، روزا!
روزا: هذا صحيح. البنات حمقاوات.
فيلما: ليس ذلك الشخص الذي من أجله ...
روزا (بحدة): لا؟ ... إذن لماذا تسعين خلفه؟
فيلما (وهي مجروحة): هو من يسعى خلفي ...
روزا (بسخرية): بالنسبة له ليس مضطرًا للسعي كثيرًا ... يمكنه أن يختار لنفسه ما يشاء ...
فيلما (بوعي وإدراك): إنه يتوسل إليّ.
روزا (بأسلوب لاذع): هكذا؟ نادرًا ما يفعل ذلك. (صمت) يبدو من ذلك أيضًا أنه يحبك.
فيلما: ألم يتوسل إليكِ؟
روزا (بمرارة): لا. لقد أحببته.
فيلما (لا إراديا): وأنا أيضًا أحبه. (يحمر وجهها).
روزا (فجأة): إذن من تعذبين بحبك؟ (يحمر وجهها من الغضب).
فيلما (تنظر إليها متعجبة): أنت تحبينه بالطبع.
روزا (بارتباك): لا أعلم.
فيلما (بصوت منخفض): إذن ماذا تريدين مني؟
روزا (بصوت منخفض): قال لي أكثر من مرة أنه لم يعد يحبني.
فيلما: ليس شخصًا صريحًا.
روزا: لكنه صريحٌ معي.
فيلما: دائمًا ما يداري أشياءً بداخل مكنونه.
روزا: لكنه يخبرني بكل شيء. هو يحبك أنت.
فيلما: ماذا قال عني؟
روزا (بأسلوبٍ لاذعٍ): لم يتحدث كثيرًا عنكِ.
فيلما (يحمر وجهها): إذن ليس صريحًا ...
روزا (بأسلوب لاذع): أهكذا؟ وماذا قال عني أنا؟
فيلما: لقد قال لي أيضًا أنه لا يحبك.
روزا (بوجه شاحب): قال هكذا؟ (صمت) يمكنك أن تلاحظي أنه صريح ...
فيلما: لكنك لديك طفل ...
روزا (بوجهٍ شاحبٍ تمامًا): نعم ... مسكين ... (تمتلئ مآقيها بالدموع): أشعر بالأسف من أجله.
روزا (تلملم شتات نفسها): لذلك أكرهه ... لا أريد أن أسمع عنه ...
فيلما: وإذا تركني أنا أيضًا؟ ...
روزا (بحزن): إذن سنبقى هنا سويا نحن الاثنان.
فيلما (بأسلوب أشد حرارةً وحماسًا): كم أنت امرأةٌ ذكيةٌ!
روزا: ماذا قال لك؟
فيلما: أراد أن يغادر من هنا ...
روزا: معكِ؟
فيلما: يريد أن أذهب معه.
روزا (سرت رجفة في شفتيها): أهكذا؟ ... أنصحكِ ألا تذهبي معه ... ابقي هنا حيث أمكث أنا ...
فيلما (تعانق روزا): كم أنتِ طيبة!
روزا (تزيح ذراعي فيلما): سأحترس أنا.
فيلما: لكنني خائفة ... (تحتضن رأس روزا وتهمس بشيءٍ ما).
روزا: سوف تساعدني السيدة العجوز ... لقد وعدتني ... (صمت) هل مازلتِ خائفة؟
فيلما: لست خائفة. (تتنهد).
روزا (بشماتة): لا تخافي!
فيلما (بحرارة): كوني طيبة معي يا روزا!
روزا: أنا أحبك يا فيلما.
فيلما: ألا يؤلمك...؟
روزا: على الأاقل أعلم أنه معك ...
السيدة هوبر (تدخل من الجانب الأيمن، بمظهر شبابي، مرتدية الملابس المرسلة إلى روجي، وعلى رأسها قبعة، تظهرها بمظهر من يرتدي ملابسًا تنكرية، وتأكل شيئا ما من عبوة صغيرة): مساء الخير.
ضحكت روزا وفيلما بصوت مرتفع لمرآها.
السيدة هوبر (بمرح بالغ): أرسل لي ابني هذه الملابس. هل أبدو حسنة المظهر؟
روزا: ماذا تقولين؟ هل أصبتِ بالجنون؟
السيدة هوبر: إنها ملابس جميلة.
روزا (بأسلوب لاذع): نعم إنها رائعة فعلًا.
فيلما (بإشفاق): هذه الملابس غير مناسبةٍ لك يا سيدتي.
السيدة هوبر: ابني أرسل لي هذه الملابس، وهو فقط من يعلم ما الذي يناسبني. أليست لفتةً طيبةً منه؟ لقد جئت إليكما لأريكما إياها. تقولها ثم تواصل الأكل.
روزا (بمرارة): إنها لفتةٌ طيبةٌ جدًا منه.
فيلما (بسعادة): ما الذي تأكلينه يا سيدتي؟
السيدة هوبر: (تمد الكيس الورقي الذي تمسكه في يدها) هذا زبيب، لقد أحضرته لكما، فلتأكلا منه. إنه زبيبٌ لذيذٌ جدًا. تفضلا.
تضحك روزا وفيلما بصوتٍ مرتفعٍ.
يُسدل الستار